عملية "ردع العدوان".. كيف ساهمت المسيّرات في إنجاح هجوم المعارضة؟
تثير الطائرات المسيّرة الرعب في صفوف قوات النظام السوري حيث تدك صفوفه الأولى وخطوط إمداده مع اقتحام مدينة حلب والسيطرة عليها ضمن عملية "ردع العدوان".
ويقول الباحث في الشأن العسكري عمار فرهود: إن المسيرات لعبت دورًا كبيرًا جدًّا في تحقيق عامل الرعب لدى مقاتلي النظام وخاصة المقاتلين على الخطوط الأولى والخطوط الثانية".
ويضيف: "أصبح المقاتل عندما يسمع صوت المسيّرة ينتظر نزول الذخيرة على رأسه، لذلك تبدلت الأولويات من ممارسة العملية القتالية والثبات أمام مهاجم مرئي بالعين إلى ممارسة عملية أو محاولة الدفاع عن النفس ومحاولة تأمين طريق للانسحاب، لأن المقاتل يعلم أن هذه الذخيرة تستطيع الوصول إليه بشكل مباشر ليس فقط من الأمام وإنما من الأعلى وربما في بعض الأحيان من الخلف".
"كتائب شاهين" تشرف على تشغيل المسيراتوكانت "إدارة العمليات العسكرية" التابعة لفصائل المعارضة السورية شكلت كتيبة خاصة تحمل اسم "كتائب شاهين" لتشرف على تشغيل المسيّرات المسؤولة عن عمليات الرصد والاستطلاع.
ويشير فرهود إلى أن "كتائب شاهين لم تعمل تحت اسم فصيل معين أو تأخذ طابعًا فصائليًّا معينًا"، موضحًا أن هناك ثلاثة عوامل لعبت دورًا في تشكيلها، أوّلها استهداف الروس المستمر ما دفع الجميع للاهتمام بهذا الاختصاص. كما أن وجود موارد متفاوتة بين الفصائل دفعها مجبرة للتعاون بين بعضها على تطوير خبرات متراكمة ومتعاونة في هذا المجال.
ولفت إلى حاجة لتوحيد هذه الخبرات لتحقيق نتائج حقيقية على الميدان وعدم جعل أدائها القتالي متشرذمًا ومتشظيًا وغير قادر على تحقيق أثر نوعي على المستوى التكتيكي أو حتى على مستوى مسارح العمليات.
ويشرح أن هذه العوامل الثلاثة أدت إلى تشكيل كتائب شاهين التي تعمل تحت غرفة العمليات التي تدير معركة ردع العدوان حاليًّا.
أنواع مختلفة من المسيّراتوقد استخدمت "كتائب شاهين" أنواعًا مختلفة من المسيرات، أبرزها المسيّرات الانتحارية وطائرات الاستطلاع.
ويشير الباحث في الشأن العسكري إلى أن نسبة كبيرة من المسيرات التي تم استخدامها في المعركة هي المسيّرات التي كانت تستخدمها القوات الروسية خلال السنة ونصف الماضية لاستهداف المدنيين والمناطق المحررة ولم تنفجر ذخيرتها وتمت إعادة استخدامها مرة أخرى ضد قوات النظام والقوات الروسية والإيرانية الموجودة في تلك المنطقة.
وأوضح فرهود أن قسمًا آخر هو تصنيع محلي من خلال المسيّرات التجارية والمكونات أو المعدات التي يستخدمها الهواة في عمليات التصوير لآلياتهم.
كذلك فإن قسمًا من المسيرات المحلية يعتمد على المرواح الصغيرة بينما يعتمد قسم آخر على محركات كهربائية أو محركات نفاثة صاروخية.
قدرات تدميرية متفاوتةوتمتلك المسيّرات قدرات متفاوتة في ساحة المعركة، فمنها ما يستطيع تدمير دبابة وعربات عسكرية، ومنها ما يستهدف مقرات وتجمعات عسكرية.
وترتبط هذه المسيّرات أو الذخائر بشكل رئيسي بالمحركات، فالمحركات النفاثة قادرة على حمل صواريخ ذات قدرة تدميرية كبيرة جدًّا، وتستطيع تدمير عقد دفاعية محصنة وأبنية ذات طابق أو طابقين أو استهداف دبابة وتدميرها بشكل كامل، بحسب فرهود.
ويقول: "نحن نتحدث هنا عن صاروخ ذي قدرة تدميرية كبيرة وعالية جدًّا، الأصغر منها قادر على حمل ذخائر الهاون أو ذخائر الآر بي جي"، مشيرًا إلى أن "المسيّرات الصغيرة جدًّا تقوم بحمل ذخائر قد تشمل القنابل اليدوية التي يتم استخدامها على الأفراد أو على مجموعة من الأفراد في محاولة إعاقة تقدمهم أو فك استعصاء عقدهم الدفاعية".
المسيّرات في عملية ردع العدوانوقد وثّقت "كتائب شاهين" استخدام المسيرات في عملية "ردع العدوان" واستهداف مقارّ عسكرية وتجمعات لجنود ومشاة.
ويلفت فرهود إلى أن الدور الأبرز للمسيرات التي تميّز معركة "ردع العدوان" عن غيرها من المعارك هو استهدافها للآليات المتحركة والثقيلة وخطوط الإمداد بشكل دقيق، على عكس ما كان بسلاح المدفعية وسلاح الصواريخ الذي لا يحقق إصابة بنسبة 100%".
وأوضح أن المسيّرات التي استطاعت الوصول إلى العمق بمسافة تزيد على 30 كيلومترًا استطاعت تحقيق إصابة لكل من خطوط الإمداد للآليات الثقيلة المتحركة سريعة الحركة وللأجسام الكبيرة كالطائرات العمودية مثل الطائرة المروحية التي تم الإعلان عن استهدافها في مطار النيرب.
وبحسب فرهود، يرجع الخبراء سبب شلل قدرة النظام في مواجهة المسيرات إلى سحب الروس لمنظومات التشويش الرئيسية التي كان يتم توزيعها في العمق أو في الخطوط الخلفية، إضافة إلى سقوط الخطوط الأولى وبالتالي سقوط أدوات التشويش المحمولة التي تم توزيعها على الخطوط الأولى، ما أدى إلى تحييد إمكانية التشويش على مسيّرات المهاجمين.
ويشير ذلك إلى أن النظام لا يملك أي كوادر متخصصة. ويضيف فرهود: "ربما يملك بعض الكوادر يتم تعليمها الآن، لكن مع غياب الروس والإيرانيين، فإن هذه العملية توقفت تمامًا".