غالبًا ما يُربط الظلام بالخوف والمجهول، وقد يصبح حلول الليل مصدر ألم وقلق لكثيرين. ورغم أن هذا الخوف الذي يظهر غالبًا في الطفولة يتلاشى لدى معظم البالغين، فإنّ الملايين حول العالم لا يزالون يرون في الظلام رعبًا حقيقيًا وشعورًا بالرهبة لا يمكن السيطرة عليه، وهي حالة تُعرف باسم رهاب الظلام.
والرهاب هو نوع من اضطرابات القلق. تُسبّب هذه الاضطرابات لدى البالغين والأطفال خوفًا شديدًا وغير منطقي من شيء غير مؤذٍ في الواقع. ويُظهر الأشخاص المصابون بالرهاب ردود فعل متطرفة وغير واقعية تجاه أشياء لا يجدها الآخرون مخيفة.
ما هو رهاب الظلام؟
رهاب الظلام (Nyctophobia) هو خوف شديد من الظلام، واسمه مشتق من الكلمة اليونانية التي تعني "الليل".
يخشى المصابون برهاب الظلام البقاء بمفردهم في الظلام، وقد يشعرون بالقلق في الأماكن المظلمة، كما قد يواجهون صعوبة في النوم في غرفة مظلمة.
ويُطلق مقدّمو الرعاية الصحية أحيانًا على الخوف من الظلام اسم "سكوتوفوبيا" أو "ليغوفوبيا"، بحسب موقع ويب مد.
وفي حال عدم علاجه، قد يتجنب الأشخاص المصابون برهاب الظلام الشديد أي موقف لا يتوفر فيه ضوء كافٍ. وقد يمكثون في منازلهم بعد غروب الشمس، ويتجنبون المواقف الاجتماعية التي تتطلب الخروج بعد حلول الظلام، وفق موقع كليفلاند كلينك.
حالة شائعة بين الأطفال
يُعدّ رهاب الظلام حالة شائعة جدًا، خاصة بين الأطفال. ويُقدّر بعض الباحثين أن نحو 45% من الأطفال لديهم خوف شديد وغير معتاد من نوعٍ ما، ويُعدّ الخوف من الظلام أحد أكثر المخاوف شيوعًا بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا، بحسب موقع كليفلاند كلينك.
وعادةً ما يتخلّص الأطفال من رهاب الظلام مع حلول سنّ المراهقة، ولكن ليس دائمًا.
ورغم أن الإناث أكثر عرضة للإصابة باضطرابات رهابية محددة، فإنّ أيّ شخص يمكن أن يُصاب برهاب الظلام. كما أن الأطفال والبالغين الذين مرّوا بتجربة مؤلمة أو مُقلقة في الظلام هم أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من الرهاب، إذ قد تعود ذكريات تلك التجربة كلما انطفأت الأنوار أو حتى عند التفكير في الظلام. وهذا يعني أن رهاب الظلام قد يتطوّر كجزء من اضطراب ما بعد الصدمة.
ويمكن أن يتطوّر رهاب الظلام أيضًا بعد مشاهدة فيلم رعب أو سماع قصة مُزعجة. ويرتفع احتمال الإصابة به لدى من يعانون من:
-
الاكتئاب
-
اضطراب القلق العام
-
تاريخ من الأمراض النفسية
-
اضطراب الوسواس القهري
-
أنواع رُهاب أخرى أو تاريخ عائلي من الرهاب
-
نوبات الهلع أو اضطراب الهلع
ما الذي يسبب رهاب الظلام؟
بحسب موقع صحتك، يعتقد بعض الباحثين أن الخوف من الظلام يعود على الأرجح إلى أسلافنا، فقبل آلاف السنين، عندما كان الإنسان يعيش وينام في العراء، كان الظلام مصدر خطر حقيقي، إذ كانت الحيوانات المفترسة التي تتجوّل ليلًا تُشكّل تهديدًا مباشرًا لحياتهم.
لكن رهاب الظلام لا يقتصر على الخوف من الظلام نفسه، بل يمتدّ إلى الخوف مما لا يُرى. في الظلام، يخشى العديد من الأطفال الأشباح أو الوحوش أو اللصوص، وقد يقلقون من الأصوات التي يسمعونها عند إطفاء الأنوار، خصوصًا إذا لم يتمكنوا من تحديد مصدرها. فهم يخافون مما قد يختبئ في الظلام بقدر خوفهم من الظلام ذاته.
ما هي محفزات رهاب الظلام؟
غالبًا ما يعاني الأطفال والبالغون المصابون برهاب الظلام من قلق شديد عند:
-
دخول مكان مظلم (مثل دار السينما)
-
الاستعداد للنوم
-
رؤية غروب الشمس
-
التفكير في البقاء في الظلام
-
محاولة النوم ليلًا
-
إطفاء الأنوار
-
مشاهدة فيلم أو برنامج تلفزيوني يتضمّن مشاهد ليلية
ويترافق الشعور بالقلق الشديد مع أعراض أخرى تشمل:
-
صعوبة البلع وجفاف الفم
-
الدوار والصداع
-
التعرّق المفرط
-
التفكير الزائد
-
الشعور بالخوف ونوبات الهلع
-
زيادة معدل ضربات القلب وألم في الصدر
-
انفعالات حادّة، وبكاء أو صراخ
-
الغثيان والقيء عند التفكير في الظلام أو الليل
-
ضيق أو سرعة التنفّس
كيف يعالج رهاب الظلام؟
يمكن أن يساعد النوم مع ضوء ليلي بعض الأطفال والبالغين على الشعور براحة أكبر في غرفة مظلمة. ففي بعض الأحيان، يكفي وجود القليل من الضوء لمساعدة المصابين على الاسترخاء والنوم.
وقد يوصي مقدّم الرعاية الصحية بمكمّلات الميلاتونين أو أدوية أخرى لمساعدة من يعانون من الأرق على النوم. كما قد يحتاج المصابون برهاب الظلام المترافق مع نوبات الهلع إلى أدوية مهدّئة تُصرف بوصفة طبية لتخفيف حدّة النوبات.
ووفق موقع صحتك، تتوفر عدة أنواع من العلاج يمكن أن تساعد في التخفيف من رهاب الظلام، من أبرزها:
-
العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد المريض على تغيير طريقة استجابته للخوف من الظلام.
-
العلاج بالتعرّض: يتضمّن تعريض المريض تدريجيًا للظلام تحت إشراف متخصص حتى يصبح أقل حساسية له.
-
العلاج بالتنويم المغناطيسي: يهدف إلى إعادة التفكير في الخوف والقلق الناتج عنه من خلال تمارين استرخاء موجّهة.
-
العلاج النفسي (العلاج بالكلام): يساعد المريض على فهم مخاوفه والتعامل معها.
-
تمارين اليقظة الذهنية: مثل اليوغا، وتمارين التنفّس، والتأمل.