غزة ولبنان على صفيح ساخن.. هل تمنع واشنطن المواجهة الشاملة المفتوحة؟
تشهد العلاقات الأميركية الإسرائيلية بوادر ترقى إلى مسار خلافي. فبينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تراجع الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، تنفي واشنطن ذلك.
من جهته، يؤكد وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت الذي يزور الولايات المتحدة، أنّ العلاقة بين تل أبيب وواشنطن مهمة أكثر من أي وقت مضى، بينما يبحث مع المسؤولين الأميركيين آفاق الجبهة الشمالية مع لبنان.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين "حزب الله" وإسرائيل على جبهة لبنان، حيث نشر الحزب مقطع فيديو يوثّق المواقع الإسرائيلية التي ستكون ضمن بنك أهدافه في حال شنّت تل أبيب حربًا على لبنان.
في المقابل، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي اعتراض أهداف جوية تابعة لـ"حزب الله" في إصبع الجليل. كما أفادت إذاعة الجيش باعتراض مسيّرة بعد تسلّلها من لبنان إلى منشآت حسّاسة ومحطات أمنية مع اندلاع حرائق في الجليل الأعلى.
تتزامن هذه التطوّرات مع حديث غالانت عن قرب البدء بالانتقال إلى المرحلة الثالثة في قطاع غزة، مؤكدًا استعداد تل أبيب للذهاب لأي عملية يتوجّب القيام بها، في إشارة إلى تصريح سابق له بأنّ الوضع على الجبهة الشمالية سيتغيّر بتسوية سياسية أو بعملية عسكرية واسعة.
ويبدو الانزلاق نحو المواجهة الشاملة مرتبطًا بضربة عشوائية واحدة، في ظل ارتفاع عمليات الاغتيال والاستهداف، مما يُنذر بتوتر عسكري وسياسي كبير في المنطقة.
فما هي ضوابط الاشتباك في المنطقة في ظل المعطيات العسكرية والسياسية المتلاحقة؟ ومن هي الجهة التي يُمكنها نزع فتيل التوتر؟ وما هي آفاق المرحلة الثالثة من العدوان الإسرائيلي وانعكاساتها الميدانية على غزة فلسطينيًا وإقليميًا؟
مصير الحرب مرتبط بموقف واشنطن
أوضح الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أنّ جيش الاحتلال يريد الانتقال إلى ما يُسمّى بالمرحلة الثالثة من الحرب على غزة أي من الحرب الشاملة إلى عمليات موضعية ووقف عمليات الاجتياح البري الشاملة في رفح، بينما يسعى نتنياهو إلى الاستمرار في الحرب لغايات سياسية.
وعن جبهة لبنان، قال شلحت في حديث إلى "التلفزيون العربي" من عكا، إنّ الأيام القليلة الماضية شهدت تصعيدًا غير مسبوق ينطوي على الكثير من رسائل الردع، التي يُمكن أن ترقى إلى الحد الإستراتيجي من الجانبين.
وأكد أنّ السؤال المطروح الآن يتمثّل فيما إذا كانت الولايات المتحدة ستمنح ضوءًا أخضر لتوسعة المواجهة لتتحوّل إلى مواجهة شاملة أكثر حدّة وقوّة، خاصة مع إمكانية انفجار حرب شاملة في جبهة لبنان نتيجة خطوة عشوائية تؤدي إلى خروج الأوضاع عن السيطرة.
"إدارة بايدن تضغط لمنع تمدّد الحرب إلى لبنان"
بدوره، أكد الدبلوماسي الأميركي السابق السفير ريتشارد شمايرر، أنّ الإدارة الأميركية تبذل قصارى جهدها لمنع تمدّد الحرب إلى لبنان أو أي جبهة أخرى في المنطقة، كما لن تدعم إسرائيل أو أي جهة أخرى لفتح جبهة جديدة في لبنان.
وقال شمايرر في حديث إلى "التلفزيون العربي" من ديلاور، إنّ أولوية إدارة جو بايدن تتمثّل في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهو ما تطمح إليه المؤسسة العسكرية في إسرائيل، وفق تعبيره.
وأضاف أنّ "نتنياهو يتعرّض لضغط كبير لتغيير مقاربته والمضي إلى وقف إطلاق نار وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، وبالتالي الوصول إلى حل سياسي".
"احتمالية اندلاع حرب مفتوحة في المنطقة واردة"
من جهته، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن المومني أنّ احتمالية اندلاع حرب مفتوحة في المنطقة لطالما كانت واردة منذ 7 أكتوبر، بغض النظر عن إستراتيجة حافة الهاوية التي يُمارسها كل من "حزب الله" وإسرائيل، بحيث قد يؤدي أي حادث عرضي إلى نقطة اللاعودة.
وقال المومني في حديث إلى "التلفزيون العربي" من لندن، إنّ الأمر يتعدّى أيضًا "حزب الله" وإسرائيل ليشمل أطرافًا إقليمية ودولية لا ترغب في اندلاع حرب مفتوحة إقليمية تنجر إليها.
وأضاف أنّ "الولايات المتحدة لا تملك خيارًا سوى مساعدة إسرائيل، إذا تعرّضت تل أبيب لخطر وجودي، بحكم العلاقات الإستراتيجية العضوية بين الطرفين، لكنّ واشنطن في الوقت نفسه تعمل منذ 7 أكتوبر بوسائل كثيرة لمنع مواجهة كبرى".
وشدّد على أنّه في حال اندلاع حرب في لبنان، فلن تترك إيران وحلفاؤها "حزب الله" في مواجهة إسرائيل.