استعاد سكان قطاع غزة ذكريات الذعر التي تركها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مع استئناف الاحتلال سريعًا غاراته، منقلبًا على اتفاق وقف النار وموقعًا أكثر من 400 شهيد.
وقال رامز العمارين المقيم في خيمة في منطقة الزيتون في جنوب شرق مدينة غزة إن "الجثث والأشلاء على الأرض، والمصابين لا يجدون أي طبيب يعالجهم".
وأضاف الشاب البالغ 25 عامًا، والذي استيقظ مذعورًا على دوي الانفجارات جراء الضربات، أن الاحتلال الإسرائيلي "فتح نار جهنم من جديد على غزة".
وتابع: "نقلت عددًا من الأطفال الجرحى من الجيران إلى مستشفى (الأهلي) المعمداني، ولكن لا يوجد أي سرير لاستقبال المصابين".
وأمام المستشفى الذي يعمل بطاقة استيعابية منخفضة جراء الحصار الإسرائيلي على المساعدات الإنسانية والوقود، وُضعت جثث عشرات الشهداء على الأرض، وقد غُطي بعضها ببطانيات برزت منها أقدام. وإلى جانبها، جلس بعض الأقارب الذين بدا الحزن والذهول على وجوههم.
انقلاب الاحتلال على اتفاق وقف النار
ومطلع مارس/ آذار 2025، انتهت مرحلة أولى استمرت 42 يومًا من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، بدأ في 19 يناير الماضي.
وتتنصل حكومة نتنياهو من بدء المرحلة الثانية من الاتفاق، إذ ترغب في إطلاق سراح مزيد من الأسرى الإسرائيليين، دون الوفاء بالتزامات هذه المرحلة، لا سيما إنهاء حرب الإبادة والانسحاب من غزة بشكل كامل.
في المقابل، تؤكد حماس التزامها بتنفيذ الاتفاق، وتطالب بإلزام إسرائيل بجميع بنوده، داعية الوسطاء إلى الشروع فورًا في مفاوضات المرحلة الثانية، التي تشمل انسحابًا إسرائيليًا من القطاع ووقفًا كاملًا للحرب.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، فقد أدّت الضربات الإسرائيلية خلال الساعات الماضية إلى استشهاد 413 شخصًا.
بدورها، قالت جيهان النحال، التي تسكن في حي النصر شمال غرب مدينة غزة: "لا يوجد دفاع مدني والقصف مستمر"، مضيفة "لدينا شهداء وجرحى من أقاربي".
وتابعت: "كنت أجهّز السحور للأولاد، وكنت أسمع طائرات إسرائيلية فوق غزة"، وفجأة "وقعت انفجارات ضخمة، وكأنها أول يوم في الحرب، وفي كل مكان صراخ ونيران تشتعل والغالبية (الضحايا) أطفال".
وتؤكد أن هذه "حرب إبادة حقيقية".
وفي بلدة بيت حانون، بدأ سكان في النزوح وهم يحملون أكياسًا وبطانيات فوق رؤوسهم، قبل أن يصدر الجيش الإسرائيلي أمرًا بالإخلاء صباح الثلاثاء.
وفي مدينة غزة الواقعة أيضًا في شمال القطاع، بدأ سكان بمغادرة مدرسة كان قد تمّ تحويلها إلى مركز إيواء للنازحين، فيما انهارت بعض المباني بعد الضربات الليلية.
وفي المكان، وقفت امرأة ممتقعة الوجه تتأمل وسط الأنقاض أشياء غطاها الغبار الذي يخرج من بين كتل خرسانية وقضبان من الحديد بارزة من الجدران.
وفي ممر مجاور لفصول دراسية كانت تكتظ بالأسر النازحة، سار رجل حاملًا فرشة إسفنجية لفّها تحت ذراعه.
ولم يخف السكان الذين تحدثت إليهم وكالة "فرانس برس" صدمتهم من عودة الضربات، بينما استمرّ تحليق المروحيات والطائرات المسيّرة في سماء القطاع.
وفي المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، تنظر فتاة صغيرة ضُمّدت يداها وغطت وجهها خدوش، بحزن بالغ إلى وجه شقيقها الصغير الذي برز من كيس جثث موضوع على نقالة.
وحولها، كان الكبار مشغولون. كثر يبكون بينما كانت إحدى الشابات تنهار وتصرخ بين جثث الشهداء.