يعمل التقدّم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي على تعقيد مهمة المستثمرين الذين يبحثون عن جانب جديد في نظام يشهد تطوّرًا متواصلًا.
ويؤكد جاي داس، رئيس شركة الأسهم الخاصة "سافاير فانتشرز"، في مؤتمر "هيومن إكس" المتحور على الذكاء الاصطناعي والذي أُقيم هذا الأسبوع في لاس فيغاس، أن الذكاء الاصطناعي "يُعدّ إحدى الفرص (الاستثمارية) التي لا نشهدها سوى مرة واحدة كل جيل".
ويكشف أنه خلال السنوات الخمس الفائتة، تم استثمار مبالغ طائلة في ابتكار برامج ذكاء اصطناعي توليدي مثل "تشات جي بي تي"، وشراء الرقائق اللازمة لتصميمها.
وتنتهي هذه المرحلة الأولى مع أعداد كبيرة من هذه النماذج القادرة على توليد محتوى حسب الطلب وباللغة اليومية، وغالبًا ما تكون مجانية مع تكاليف ابتكار منخفضة.
ويجب على رواد الأعمال ومحترفي تكنولوجيا المعلومات أن يتخيّلوا حاليًا نظامًا مبنيًا على هذه الأسس، وهي التطبيقات وروبوتات الدردشة المتخصصة والبرامج المُساعِدَة.
"صعوبة الاستشراف"
تقول لورين كولودني، المشاركة في تأسيس شركة الأسهم الخاصة "أكرو كابيتال": "ثمة حاليًا شركات ناشئة كثيرة" في سوق الذكاء الاصطناعي، مضيفة أنّ "الصعوبة تكمن في الاستشراف بشكل جيد".
وتضيف: "أحد الأمور الأكثر تعقيدًا عند الاستثمار مبكرًا" في حياة الشركة، "هو فهم من سينجح في الحصول على ميزة تنافسية في دورة الذكاء الاصطناعي هذه"، والتي تتغير معاييرها.
ويقول فين تشاو، رئيس قسم الأبحاث في شركة "ألفا إديسون" التي تدعم الشركات الناشئة "ما يهمّ هو جودة نموذج عملك، وليس التكنولوجيا التي تستخدمها".
ويرى براين غوفمان من شركة "ماكينزي" أنّ المشهدية التي ترتسم ستكون مشابهة لمشهدية البرمجيات التي يمكن الوصول إليها من بعد (SaaS) والتي ولدت من ظهور "السحابة" وفي إمكانها "تحديد مشكلة ما" تواجهها شركة أو قطاع ما.
ويقول: "بالنسبة إلى الشركات التي تتمتع بفرق تقنية فعالة، ولكن ليس لديها نموذج أعمال، فإن النهاية ستكون سيئة".
أبعد من ذلك، على المستثمرين بحسب توماش تونغوز، مؤسس شركة "ثيوري فنتشرز"، أن يكونوا على دراية بما هو أوسع من نطاق الشركة الناشئة.
ويقول هذا الموظف السابق في شركة "غوغل": "ندرس نظام القطاع المعني بأكمله، لا فقط النموذج الاقتصادي لهذه الشركة".
"اتفاقات ودية بين الضحايا وشركات التأمين"
بالنسبة إلى البعض، يشكل إبعاد المنافسين بصورة كافية تحديًا عندما لا تكون المشهدية مستقرة بعد.
يقول جوش كونستين من شركة "سيغنال فاير" للخدمات الاستثمارية "لا يكفي أن تكون الأول، بل ينبغي أن تكون لديك البيانات الصحيحة والخبراء"، مضيفًا "المهم حاليًا هو البيانات".
ويشير إلى "إيفن آب"، وهي منصة دعم لمحامي المسؤولية المدنية، لتحسين إعداد طلبات التعويض الخاصة بعملائهم.
أنشأت الشركة التي استثمرت فيها "سيغنال فاير"، قاعدة معلومات بشأن اتفاقيات ودية بين الضحايا وشركات التأمين، غالبًا ما تكون سرية.
ويقول جوش كونستين إنّ "ذلك يوفر صورة لكل محام، اعتمادًا على الخصائص الطبية للملف واستنادًا إلى البيانات التاريخية، عمّا يمكن للشخص المطالبة به".
ويتابع "لا تمتلك اوبن ايه آي ولا حتى أنثروبيك هذه البيانات"، مضيفًا: "مَن ينشئون قواعد بياناتهم الخاصة سيحققون أكبر قدر من النجاح".
بالإضافة إلى اللاعبين الصغار، لم تعد شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تكتفي بتزويد رواد الأعمال والمطورين بالأدوات اللازمة للابتكار، ولكنها تريد راهنًا تقديم منتجات متخصصة جاهزة للاستخدام.
وفي بداية فبراير/ شباط، تسرّب عبر الإنترنت عرض لبرنامج افتراضي جديد ابتكرته شركة "اوبن ايه آي".
ويقول كونستين: "إن ذلك يشبه إلى حدّ ما فيسبوك قبل عشر سنوات"، مضيفًا: "إذا اخترعت تطبيقًا قريبًا جدًا من أعمالهم، فتكون قد خاطرت بأن يطلقوا شيئًا مشابها ويسحقوك".
ويرى جيمس كوريه، الشريك الإداري لشركة الأسهم الخاصة "إن إف اكس"، أنّ الحماية ضد المنافسة لا تتعلق بالبيانات.
ويقول: "في 95% من الحالات، أستطيع توليدها بنفسي أو نسخها (...) من دون الحاجة إلى بياناتك".
وبالنسبة إلى رجل الأعمال هذا الذي أصبح مستثمرًا، كل ما يهم هو الدمج الناجح للمنتج في كل المهام التي يقوم بها المحترف (التضمين) واستخدامه من قبل مجموعة (الربط الشبكي).
ويتحدث أيضًا، ولكن لأسباب أخرى، عن مثال "إيفين آب" الذي استثمرت فيه "إن إف إكس"، وهي منصة أصبحت أداة أساسية للمحامين.
ويقول فين تشاو: "إذا لم تبتكروا شيئًا يتمحور على الإنسان ويمكن أن يتناسب مع الروتين اليومي ليوم العمل، فلن ينجح الأمر".
