Skip to main content

فرنسا انسحبت منه لـ40 عامًا.. حقائق ربما لا تعرفها عن حلف الناتو

الثلاثاء 6 يونيو 2023
منذ تأسيسه، شهد حلف الناتو زيادة في عدد أعضائه وتوسعًا بشكل ملحوظ من الناحية الجغرافية - غيتي

عام 1949، وقّعت مجموعة من الدول الغربية في واشنطن معاهدة لتشكيل منظمة حلف شمال الأطلسي المعروفة اليوم على نطاق واسع باسم حلف الناتو (NATO).

جاء ذلك بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حين انقسمت أوروبا الغربية والشرقية، إذ إنّ الهدف الرئيس من تشكيله كان ردع أي تهديد توسعي من قبل الاتحاد السوفيتي في القارة الأوروبية.

وعند تأسيسه، كان حلف الناتو يتألف من 12 دولة هي: الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وبلجيكا وكندا والدنمارك وفرنسا وأيسلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وهولندا والنرويج والبرتغال.

وبموجب المعاهدة، توافقت هذه الدول مجتمعة على الالتزام بتقديم الدعم العسكري لبعضها بعضًا إذا تعرضت إحدى الدول الأعضاء لهجوم.

محطّات "تاريخية" في مسيرة حلف الناتو

منذ تأسيسه، نمت عضوية حلف شمال الأطلسي من 12 لتشمل 31 دولة اليوم، حيث توسّع في دول شرق أوروبا، علمًا أنّ الحديث عن دوره تصاعد بشكل لافت في الآونة الأخيرة، في ضوء الهجوم العسكري على أوكرانيا، وتخوّف الدول الأوروبية من انعكاساته عليها.

وعلى مرّ العقود، شهد حلف شمال الأطلسي الكثير من الأحداث والمحطات التي ساهمت في تشكيل هيكله العسكري والسياسي الحالي. نقدم لكم فيما يلي أبرزها:

1. تعزيز قدرات "الناتو" العسكرية أثناء حرب كوريا

عند تأسيسه تألف حلف الناتو من 12 عضوًا بينهم الولايات المتحدة وكندا و10 دول أوروبية - غيتي

وفق موقع "هيستوري"، لم تكن المرحلة الأولى الكبيرة لتنظيم القوات المسلحة لحلف شمال الأطلسي مرتبطة بشكل مباشر بأي تهديد تعرضت له أي من الدول الـ12 الأعضاء حينها، بل جاءت نتيجة "لحرب بالوكالة" مع الاتحاد السوفيتي شعرت فيها الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في "الناتو" بأنهم ملزمون بالتدخل.

فبعد الحرب العالمية الثانية، قسمت دول الحلفاء شبه الجزيرة الكورية إلى قسمين على طول خط العرض 38، ما أدى إلى تشكيل حكومة تابعة للاتحاد السوفيتي في الشمال وحكومة أخرى تابعة للولايات المتحدة في الجنوب.

وفي عام 1950، غزت كوريا الشمالية كوريا الجنوبية، ما أدى إلى اندلاع ما يعرف باسم الحرب الكورية. حينها أرسلت الولايات المتحدة وأعضاء آخرون في "الناتو" قواتهم للقتال ضد كوريا الشمالية. في هذه الأثناء، بدأ حلف شمال الأطلسي في تجميع وتنظيم بنيته العسكرية تحسبًا أنه قد يحتاج للرد على هجمات مستقبلية من الاتحاد السوفيتي وحلفائه.

في النتيجة، أنشأ حلف شمال الأطلسي مقرًا عسكريًا يعرف بالمقر العام للقوات المتحالفة في أوروبا (SHAPE)، وعُيّن القائد العام في الجيش الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية والقائد الأعلى لقوات الحلفاء في أوروبا، دوايت د. إيزنهاور، أول قائد أعلى لحلف "الناتو".

بالإضافة إلى ذلك، أقام حلف شمال الأطلسي خطة دفاعية طويلة الأمد وأجرى أول تمرين بحري كبير له، ومع حلول نهاية حرب كوريا عام 1953، أصبح لدى "الناتو" وجود عسكري دولي مهم.

2. انضمام ألمانيا الغربية وتشكيل حلف وارسو

توقيع معاهدة وارسو عام 1955 - غيتي

ضمت الدول الـ 12 الأولى التي شكلت حلف شمال الأطلسي عام 1949 كلًا من: بلجيكا، وكندا، والدنمارك، وفرنسا، وآيسلندا، وإيطاليا، ولكسمبورغ، وهولندا، والنرويج، والبرتغال، والمملكة المتحدة والولايات المتحدة

وفي عام 1952، انضمت اليونان وتركيا إلى حلف شمال الأطلسي. ثم في عام 1955، سمح الحلف لألمانيا الغربية بالانضمام إليه.

وبعد الحرب العالمية الثانية، قام الحلفاء بتقسيم ألمانيا النازية إلى ألمانيا الغربية والشرقية، وبدأ تنفيذ خطة نزع السلاح لمنع العدوان العسكري الألماني في المستقبل. حينها، تحالفت ألمانيا الغربية مع الولايات المتحدة والعديد من دول حلف شمال الأطلسي، بينما التحقت ألمانيا الشرقية بمعسكر الاتحاد السوفياتي.

مع ذلك، وفي عام 1955، انضمت ألمانيا الغربية إلى حلف شمال الأطلسي وبدأت في إعادة تسليح نفسها وهو ما لم يعجب الاتحاد السوفيتي. ففي أقل من أسبوعين بعد انضمام ألمانيا الغربية رسميًا إلى "الناتو" وقع السوفيات و7 دول أخرى في شرق أوروبا معاهدة وارسو. 

وعلى غرار معاهدة شمال الأطلسي عام 1949 التي أنشأت حلف شمال الأطلسي، دعت معاهدة وارسو جميع الموقعين عليها للدفاع عن أراضي ومصالح بعضهم البعض في حال تعرض أي طرف لهجوم. 

وإلى جانب الاتحاد السوفيتي، شملت المعاهدة: ألبانيا، وبلغاريا، وتشيكوسلوفاكيا، وألمانيا الشرقية، وهنغاريا، وبولندا، ورومانيا.

3. فرنسا خارج "الناتو" لأكثر من 40 عامًا

اجتماع أعضاء "الناتو" عام 1970 - غيتي

حلف شمال الأطلسي هو منظمة سياسية وعسكرية. ومع ذلك، في عام 1966، قررت فرنسا أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي المؤسسين سحب التزاماتها العسكرية تجاه الحلف.

وكان الرئيس الفرنسي الذي اتخذ هذا القرار شارل ديغول، الجنرال الشهير الذي ساعد في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي وأسس حكومة مؤقتة فور انسحاب الألمان. 

فعلى الرغم من أن فرنسا لعبت دورًا مهمًا خلال السنوات الأولى لحلف شمال الأطلسي، إلا أن ديغول أصبح غير راضٍ عن السياسة الأميركية والقوات الأميركية المتمركزة في فرنسا، وبالتالي أعلن الرئيس الفرنسي حينها أن بلاده ستنسحب من النظام العسكري لحلف شمال الأطلسي.

وبالفعل، سحبت باريس جميع قواتها من المقر العسكري للحلف في شمال فرنسا، واستمر هذا الانسحاب لأكثر من 40 عامًا، ولم تعد فرنسا إلى حضن "الناتو" إلا في عام 2009.

فعام 2009، قام الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي "بأكبر لفتة رمزية في السياسة الخارجية" خلال فترة رئاسته بحسب توصيف "الغارديان"، وذلك بإعلانه عودة بلاده إلى "الناتو".

4. تفعيل البند الخامس لأول مرة بعد أحداث 11 سبتمبر

قادة عسكريون ضمن أسطول "الناتو" يصلون على متن حاملة طائرات استعدادًا لعملية عسكرية في أعقاب أحداث 11 سبتمبر - غيتي

بالنظر إلى الأحداث العالمية والتغيرات الجيوسياسية، شهد حلف شمال الأطلسي تحولات مهمة على مر العقود. من البداية، كان هدف الحلف هو حماية دول أعضائه من التهديدات العسكرية وتعزيز الدفاع المشترك.

ورغم انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، طرأت تحولات كبيرة على دور الحلف تزامنًا مع التغييرات الكبيرة على الساحة السياسية الدولية. فتحوّل حلف شمال الأطلسي من تحالف دفاعي إلى تحالف أمني واسع النطاق يعالج التحديات الأمنية المتنوعة على الدول الأعضاء مثل الإرهاب، والأسلحة النووية، والأزمات الإقليمية.

ففي أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 على الولايات المتحدة، قرر حلف شمال الأطلسي (الناتو) تفعيل البند الخامس للمرة الأولى في تاريخه. 

والبند الخامس هو جزء من معاهدة شمال الأطلسي ويُعتبر أحد أهم أركانها، إذ ينص هذا البند على أن هجومًا مسلحًا على أي دولة عضو في "الناتو" يُعتبر هجومًا على جميع الدول الأعضاء، ويتطلب استجابة جماعية للدفاع والتصدي للهجوم.

وبعد الهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، أعربت الدول الأعضاء في "الناتو" عن تضامنها القوي وقررت تفعيل البند الخامس تجاه الهجوم، حيث تم اعتبار هذه الهجمات على الأراضي الأميركية هجومًا على جميع الدول الأعضاء في الحلف، وعلى هذا الأساس تم توجيه استجابة دفاعية جماعية.

وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، أطلق "الناتو" أول عملية لمكافحة الإرهاب، حيث سيرت دول "الناتو" في دوريات وعمليات عسكرية ضخمة في المجالين الجوي والبحري للولايات المتحدة، بهدف مراقبة وحماية الأجواء والأراضي الأميركية.

وبحلول هذا الوقت، كان "الناتو" قد اكتسب 4 أعضاء آخرين: إسبانيا (1982)، وجمهورية التشيك، والمجر، وبولندا (1999).

5. انضمام دول حلف وارسو إلى "الناتو"

رفع العلم الفنلندي في مقرّ "الناتو" - غيتي

منذ تأسيسه، شهد حلف شمال الأطلسي زيادة في عدد أعضائه وتوسعًا بشكل ملحوظ من الناحية الجغرافية. ففي الأصل، كانت الدول الأعضاء محصورة في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية لكن عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، توسع نطاق الحلف ليشمل دولًا أخرى في أوروبا الوسطى والشرقية.

فكانت إعادة توحيد ألمانيا الشرقية والغربية وتفكك الاتحاد السوفيتي إيذانًا بنهاية الحرب الباردة، وعلى مدى العقود الثلاثة التالية بدأ الأعضاء السابقون في حلف وارسو بالانضمام إلى "الناتو".

وأصبحت ألمانيا الشرقية أول حليف سوفيتي سابق ينضم رسميًا إلى حلف شمال الأطلسي وذلك بعد الاتحاد مع ألمانيا الغربية، التي كانت أصلًا عضوًا بـ"الناتو".

وعام 1999، انضمت كل من التشيك، وبولندا، والمجر، إلى حلف شمال الأطلسي، كما استقبل "الناتو" عام 2004 دول تحالف وارسو سابقًا: بلغاريا، ورومانيا، وسلوفاكيا (التي كانت سابقًا جزءًا من تشيكوسلوفاكيا مع جمهورية التشيك).

أما عام 2009، فانضمت ألبانيا التي انسحبت من معاهدة وارسو عام 1968.

كما انضوت تباعًا تحت جناح "الناتو" مجموعة دول البلطيق: إستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا، التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي، إلى جانب 5 دول تكوّن شكل حلف شمال الأطلسي الحالي بأعضائه الـ31: سلوفينيا (2004)، وكرواتيا (2009)، والجبل الأسود (2017)، ومقدونيا (2020) وأخيرًا فنلندا (2023).

المصادر:
العربي - ترجمات
شارك القصة