الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

فرنسا تكتفي بـ"خطوات رمزية" لا ترتقي للاعتذار من الجزائر

فرنسا تكتفي بـ"خطوات رمزية" لا ترتقي للاعتذار من الجزائر

Changed

فرنسا تكتفي بـ"خطوات رمزية"  لا ترتقي للإعتذار من الجزائر
خطوات رمزية" تجاه الجزائر لكن لا "اعتذارات". (Getty)
فرنسا تعتزم القيام بـ"خطوات رمزية" تجاه الجزائر، وماكرون سيشارك في ثلاثة احتفالات تذكارية في إطار الذكرى الستين لنهاية حرب الجزائر.

أعلنت الرئاسة الفرنسية اليوم الأربعاء، إثر تسلّمها تقريرًا حول استعمار الجزائر وضعه المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا؛ أنها تعتزم القيام بـ"خطوات رمزية" لمعالجة الملف، لكنها لن تقدم "اعتذارات".

وأضاف الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيشارك في ثلاثة احتفالات تذكارية في إطار الذكرى الستين لنهاية حرب الجزائر في 1962.

هذه الاحتفالات؛ هي اليوم الوطني للحركيين في 25 سبتمبر/ أيلول، وذكرى قمع تظاهرة الجزائريين في باريس في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961، وتوقيع اتفاقيات إيفيان في 19 مارس/ آذار 1962. 

وكان ماكرون كلّف في شهر يوليو/ تموز الماضي المؤرخ ستورا بمهمة تتعلق بـ"ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر"، بهدف تعزيز "المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري".

وبحسب بيان صادر عن الإليزيه في هذا الوقت فإن هذه المهمة "ستتيح إجراء عرض عادل ودقيق للتقدم المحرز في فرنسا فيما يتعلق بذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر، وأيضا للنظرة إلى هذه الرهانات على جانبَي البحر الأبيض المتوسّط".

تقرير ستورا

وقدّم المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا تقريره حول الاستعمار وحرب الجزائر (1954-1962) إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، الأربعاء، وأبرزُ مقترحاته هي تشكيل لجنة "ذاكرة وحقيقة" في فرنسا تكلّف بطرح "مبادرات مشتركة بين فرنسا والجزائر حول قضايا الذاكرة".

وجاء في التقرير أن اللجنة "يمكن أن تشكل من شخصيات مختلفة منخرطة في الحوار الفرنسي الجزائري".

وفي ما يلي بعض المقترحات التي يمكن أن تطرحها اللجنة:

- مواصلة إحياء ذكرى مختلف التواريخ الرمزية للنزاع (اتفاقيات إيفيان في 19 مارس/ آذار 1962، اليوم الوطني للحركيين الجزائريين الذين حاربوا إلى جانب الجيش الفرنسي في الجزائر، وذكرى قمع تظاهرات الجزائريين بفرنسا في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961).

- إعادة سيف الأمير عبد القادر، قائد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، إلى الجزائر.

- اعتراف فرنسا باغتيال المحامي والناشط السياسي علي بومنجل خلال معركة الجزائر عام 1957 والتي أقر بها الضابط الفرنسي بول أوساريس في مذكراته.

- نشر "دليل للمفقودين" الجزائريين والأوروبيين خلال النزاع.

- إجراء أبحاث حول التجارب النووية الفرنسية في الصحراء وتداعياتها، وكذلك حول زرع الألغام المضادّة للأفراد خلال الحرب. - تسهيل تنقّل الحركيّين وأبنائهم بين فرنسا والجزائر. - تشجيع العناية بالمقابر الأوروبية في الجزائر، وكذلك مقابر اليهود وقبور الجنود الجزائريين المسلمين الذين قضوا أثناء القتال إلى جانب فرنسا خلال حرب الجزائر.

- إحراز تقدم في المسائل المتعلقة بالأرشيفات، بهدف نقل بعضها من فرنسا إلى الجزائر، والسماح للباحثين من البلدين بالاطلاع على الأرشيفات الفرنسية والجزائرية، وتسريع مسار رفع السريّة عن الوثائق. - إعطاء مساحة أكبر لتاريخ فرنسا في الجزائر في البرامج التعليمية وتسهيل عمل الجامعيين على مسائل الذاكرة بين البلدين (تسهيل الحصول على تأشيرات الدخول والإطلاع على الأرشيفات والمسكن وغيرها).

- إعادة تفعيل مشروع متحف تاريخ فرنسا والجزائر، الذي كان من المزمع إقامته في مونبلييه قبل تجميده عام 2014.

- نقل رفات المحامية جيزيل حليمي التي عارضت حرب الجزائر إلى مقبرة العظماء.

- إنشاء لجنة فرنسية جزائرية حول مصير مِدفع "بابا مرزوق" الذي تم استعماله للدفاع عن ميناء الجزائر عام 1830 وحجزته فرنسا قبل أن تنصبه في ميناء بريست (غرب) حيث يوجد حاليا. - إقامة "مواقع للذاكرة" في أربعة مخيمات اعتقال للجزائريين في فرنسا.

ماكرون في مواجهة "جراح" حرب الجزائر

وكشفت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها أنه رغم ولادته بعد 15 عاما من نهايتها في 1962، يولي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أهمية كبرى لحرب الجزائر التي يعمل على معالجة "جراحها" بغاية "مصالحة ذاكرة" الفرنسيين والجزائريين.

وفي ما يأتي أبرز التصريحات والقرارات حول الملف:

"جريمة ضد الإنسانية"

في فبراير/ شباط 2017، زار إيمانويل ماكرون الجزائر في خضمّ حملته للانتخابات الرئاسية، وصرّح لقناة جزائرية بأنه “من غير المقبول تمجيد الاستعمار” الذي “يمثّل جزءا من التاريخ الفرنسي”، وهو “جريمة ضد الإنسانية”. ولقيت تلك التصريحات انتقادًا واسعًا من خصومه اليمينيين في فرنسا.

قبل ذلك ببضعة أشهر، تحدّث ماكرون في كتابه "ثورة"، عن وجود "جوانب حضارية" في استعمار الجزائر. وقال "حصل تعذيب، لكن نشأت أيضًا دولة وثروة وطبقات وسطى. كانت هناك جوانب حضارية وجوانب همجية".

لا يجب أن نكون "سجناء الماضي"

أثناء حديثه حول الاستعمار مع شاب عشريني اعترضه أثناء تجوّله في شوارع الجزائر العاصمة، طلب منه ماكرون ألا يكون "سجينًا للماضي" وأن "ينظر إلى المستقبل".

وقال حينها ماكرون إنه جاء كصديق. وأعلن أنه سيعيد في حال انتخابه رفات 24 مقاتلًا جزائريًا سقطوا في مواجهة الجيش الفرنسي، خلال القرن التاسع عشر وتمّ الاحتفاظ بها في متحف الإنسان بباريس. وتحقّق ذلك في يوليو/ تموز  2020، واعتبرته الجزائر “خطوة كبيرة”.

صفح

في 14 سبتمبر/ أيلول، أحدث إيمانويل ماكرون مفاجأة بزيارته أرملة موريس أودان بعد 61 عامًا من مقتل هذا المناضل الشيوعي تحت التعذيب في سن الخامسة والعشرين.

وطلب حينها الرئيس الفرنسي "الصفح" من جوزيت أودان (87 عاما)، وقدّم لها إقرارًا "باسم الجمهورية الفرنسية بأن موريس أودان عُذّب ثم قُتل”، وأن وفاته حصلت بسبب “نظام أنشأته فرنسا في الجزائر".

ولقيَ ذلك ترحيبًا من اليسار الفرنسي، لكن اعتبرت زعيمة حزب “التجمع الوطني” اليميني مارين لوبان أن “ماكرون أقدم على فعل تقسيمي”.

وأعلن الرئيس الفرنسي في اليوم ذاته فتح الأرشيف حول المفقودين المدنيّين والعسكريّين، الفرنسيين والجزائريين، خلال النزاع. وطلبت الجزائر من فرنسا تسليمها "كامل" الأرشيف (1830-1962) الذي تعتبره باريس "غير قابل للتّصرف ولا يخضع لأحكام سقوط السرّية بعد مرور الزمن".

بعد أيام من ذلك، منح ماكرون عشرين فردًا من "الحرْكى" أوسمة وسام جوقة الشرف والاستحقاق. وكان وعد عام 2017 بتكريم هؤلاء المقاتلين الجزائريين الذين خدموا فرنسا قبل أن تتخلى عنهم في ظروف مأساوية.  

المصادر:
وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close