الخميس 25 أبريل / أبريل 2024

فقر ومعاناة وسوء تغذية.. الأمم المتحدة تحذر من آثار التغيّر المناخي

فقر ومعاناة وسوء تغذية.. الأمم المتحدة تحذر من آثار التغيّر المناخي

Changed

الباحث في الأمن الغذائي عمران الخصاونة يتحدث عن تأثير التغيّر المناخي على الأمن الغذائي (الصورة: غيتي)
أوضح تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي أن هذه الظاهرة تؤثر على العالم بدرجة أسرع من المتوقع وسط التقاعس عن الحد من الانبعاثات الكربونية.

أكد خبراء المناخ في الأمم المتحدة اليوم الإثنين أن التغير المناخي والطقس المتطرف يضران فعليًا بالاقتصاد العالمي وقالوا إنه إذا استمر هذا الوضع دون أي تحرك لتغييره فسيؤدي إلى وقوع ملايين آخرين في براثن الفقر ويرفع أسعار المواد الغذائية ويُحدث اضطرابًا في أسواق التجارة والعمل.

وجاء ذلك ضمن تقرير أعدته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي وخلص إلى أنه لم يعد هناك سوى "فرصة ضئيلة تتلاشى بسرعة لتأمين مستقبل مستدام يمكن للجميع العيش فيه".

وأوضح التقرير أن التغير المناخي يؤثر على العالم بدرجة أسرع مما توقعه العلماء وذلك في ظل تقاعس دول عن الحد من الانبعاثات الكربونية التي تعمل على زيادة درجات الحرارة العالمية.

أضرار اقتصادية

وقال ملخص التقرير: "تم رصد أضرار اقتصادية للتغير المناخي في قطاعات عرضة للتأثر بالمناخ مع تداعيات إقليمية على الزراعة والغابات ومصايد الأسماك والطاقة والسياحة وإنتاجية العاملين في الأماكن المفتوحة".

وأضاف: "أرزاق الأفراد تأثرت من خلال التغيرات في الإنتاجية الزراعية والتداعيات على صحة البشر والأمن الغذائي وتدمير المساكن والبنية التحتية وفقدان الممتلكات والدخل مع تداعيات سلبية على المساواة بين الجنسين والعدالة الاجتماعية".

وعمد التقرير إلى تجنب التقدير الكمي للتداعيات على الإنتاج العالمي، مشيرًا إلى اتساع نطاق التقديرات الحالية بناء على استخدام أساليب مختلفة لكنه قال: "إن الدول الأفقر ذات الاقتصاد الأضعف ستشعر بضرر شديد".

سوء التغذية

وفي ظل سيناريو وُصف بأنه قائم على ارتفاع معدل التأثر بالتغير المناخي وارتفاع كبير في درجات الحرارة، قدر التقرير أن ما يصل إلى 183 مليون فرد آخرين سيعانون من سوء التغذية في الدول ذات الدخل المنخفض بسبب التغير المناخي بحلول 2050.

ويأتي التقرير وسط ارتفاع في أسعار الوقود والتضخم العالمي وهو ما دفع بعض الساسة إلى مقاومة المساعي الرامية لنشر مصادر الطاقة النظيفة مجادلين بأن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة كلفة المعيشة لأشد الناس فقرًا.

غير أن التقرير ركز على المخاطر التضخمية للتقاعس عن مكافحة ارتفاع درجات الحرارة، واستند إلى أن الإجهاد الحراري من العمل في الأماكن المكشوفة سيؤدي إلى تراجع إنتاجية العاملين في قطاع الزراعة أو دفعهم إلى التحول للعمل في قطاعات أخرى.

وقال: "هذا سيتسبب في عواقب سلبية مثل انخفاض الإنتاج الغذائي وارتفاع أسعار الغذاء"، مضيفًا أن ذلك سيؤدي لزيادة الفقر والتفاوتات الاقتصادية والهجرة اللاإرادية إلى المدن". 

صورة قاتمة

ويرسم التقرير الجديد لخبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ صورة قاتمة لا لبس فيها تظهر أن تداعيات الاحترار المناخي الناجم عن النشاط البشري باتت واقعًا يُشعر به من الآن.

فمع موجات الجفاف والقيظ والفيضانات والحرائق وانعدام الأمن الغذائي ونقص المياه والأمراض وارتفاع مستوى المياه، يجد 3,3 إلى 3,6 مليارات شخص، أي نحو نصف سكان العالم أنفسهم في وضع "ضعف شديد" على ما جاء في "الملخص الموجه لواضعي السياسات" لتقرير يقع في آلاف الصفحات تفاوضت بشأنه الدول الـ195 الأعضاء في جلسات مغلقة عبر الإنترنت استمرت أسبوعين واضطرت إلى تمديدها 24 ساعة إضافية.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "اطلعت على الكثير من التقارير العلمية في حياتي لكن لا شيء يقارن" بالتقرير الحالي، واصفًا إياه بأنه "مجلد يفند المعاناة البشرية ويشكل اتهامًا حيال فشل القادة في مكافحة التغييرات البيئية". 

واعتبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينك أن التقرير يشكل "تذكيرًا بأن الأزمة المناخية تهددنا جميعًا ويظهر أيضًا لِمَ ينبغي على الأسرة الدولية الاستمرار في اتخاذ إجراءات مناخية طموحة في وقت نواجه فيه تحديات عالمية ملحة". 

وتتعاظم وطأة هذه المعاناة على الشعوب المعرضة أكثر من غيرها مثل السكان الأصليين أو الفئات الفقيرة على ما شدّد التقرير. لكن الدول الغنية ليست بمنأى عن هذه التداعيات كما تظهر الفيضانات التي اجتاحت ألمانيا أو الحرائق العنيفة التي انتشرت في الولايات المتحدة العام الماضي.

وأكد التقرير أن التداعيات الكارثية ستتفاقم مع كل زيادة وإن كانت ضئيلة في حرارة الأرض، مع تكاثر الحرائق وذوبان التربة الصقيعية.

وتوقع التقرير انقراض 3 إلى 14% من الأنواع على الأرض حتى مع ارتفاع الحرارة 1,5 درجة مئوية فقط وأنه بحلول 2050 سيكون نحو مليار شخص يقيمون في مناطق ساحلية معرضة للخطر تقع في مدن ساحلية كبيرة أو جزر صغيرة.

استسلام إجرامي

وفي هذا الإطار، لفت التقرير إلى أن جهود التكيف التي شهدت تقدمًا "لا تزال بغالبيتها مجزأة وعلى نطاق ضيق" أو الهوة بين الحاجات وما ينجز قد تزداد من دون تغيير الاستراتيجية المتبعة.

إلا أن التكييف أحيانًا لم يعد ممكنًا. فبعض الأنظمة البيئية دفعت "إلى ما يفوق قدرتها على التكيف" وستنضم إليها أخرى في حال تواصل الاحترار على ما حذّرت الهيئة، مشددة على أن التكيف وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن يسيرا بالتوازي.

وفي "حال الاكتفاء بالالتزامات الحالية يتوقع أن تزداد الانبعاثات بنسبة 14% تقريبًا خلال العقد الحالي. وسيشكل ذلك كارثة.

وسيتم القضاء على أي فرصة لإنجاز الهدف المتمثل بحصر الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية" على ما حذر غوتيريش موجهًا أصابع الاتهام إلى الدول التي تصدر انبعاثات كبيرة "التي تضرم النار في المنزل الوحيد الذين نملكه". وأكد غويتريش أن هذا "الاستسلام إجرامي". 

واقع المنطقة العربية

وكان الباحث في الأمن الغذائي عمران الخصاونة قد أشار إلى أن المشكلة لها أبعاد قريبة وبعيدة، ومن المتوقع ارتفاع درجة الحرارة درجة مئوية واحدة بحلول عام 2030، ودرجتان بعد سبعة عقود.

وأضاف الخصاونة، في حديث إلى "العربي" من عمّان، أن هناك صراعات حدثت في بعض الدول على خلفية التغيّر المناخي كما حدث في دارفور في السودان، هذا فضلًا عن نقص الموارد مقابل الزيادات السكانية، وتحركات اللاجئين الذين يتشاركون موارد قليلة.

وأشار الباحث إلى أن المنطقة العربية هي الأكثر تضررًا بالتغيّر المناخي، مبينًا أن منطقة الشرق الأوسط لا تسهم في الانبعاثات الكربونية التي تسبب التغيّر المناخي، مقارنة بدول كبرى مثل الصين وروسيا وألمانيا.

ولفت  إلى أن الدول المتقدمة لن تكون قلقة بخصوص التغيّر المناخي، على عكس الدول العربية التي ستعاني من تصحر أشد، ومن موجات جفاف أشد؛ مما يقلص الأراضي الزراعية ويقلل إنتاجيتها، بينما ستكون إفريقيا هي الأكثر تضرّرًا على الإطلاق.

واعتبر الخصاونة، أن الحلول تتمحور في ضغط العالم على الدول الأكثر تقدمًا، للتصدي للتغيّر المناخي؛ نتيجة الانبعاثات، بينما على الدول النامية البدء بالتفكير في إيجاد بدائل لأزمات الغذاء والماء المتوقعة لديها.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close