Skip to main content

فيلم لرشيد مشهراوي.. شجن فلسطيني في شوارع باريس

السبت 4 ديسمبر 2021
تنتقل أحداث الفيلم من حيز ضيق في باحة المنزل إلى فضاء أرحب يمتد إلى شوارع باريس

استغل المخرج السينمائي الفلسطيني رشيد مشهراوي إقامته في باريس حين اجتاح فيروس كورونا العالم عام 2020، ليصنع فيلمًا وثائقيًا يفيض بالإنسانية والذكريات الحزينة عن وطنه. 

وفي فيلم "يوميات شارع جبريئيل"، الذي عُرض أمس الجمعة في مهرجان القاهرة السينمائي، انطلق مشهراوي من بداية فرض حظر التجول في باريس، حيث كان يستعد لتصوير فيلمه الروائي التالي، لكن الظروف الجديدة أبقته رهين شقته وحيدًا، فلم يجد سوى كاميرا هاتفه المحمول التي استغلها في توثيق ورصد القلق والملل ثم التكيف مع الأمر الواقع.

وعلى مدى 62 دقيقة، يقدم المخرج الفلسطيني للمشاهد شركاءه في العزل وهم جيرانه في الشارع الذين ينتمون إلى ثقافات ودول مختلفة، فهناك الجار الذي جاء من المغرب للبحث عن عمل، وجار آخر من اليونان يعيش مع صديقته الإسبانية، وجار آخر من رومانيا، وجميعهم تطورت شخصياتهم وتغيرت حياتهم خلال أشهر قليلة.

ذكريات حظر التجول في فلسطين

وبمرور الوقت تنتقل أحداث الفيلم من حيز ضيق في باحة المنزل التي يلتقي فيها السكان يوميًا إلى فضاء أرحب؛ يمتد من الشارع إلى الحي إلى شوارع باريس لاحقًا عندما تخفف السلطات قيود العزل.

لكن يبقى الشجن هو الشعور المهيمن على الفيلم والمتدفق عبر سرد ذاتي، فالعزل المنزلي وقيود التنقل استدعت من ذاكرة مشهراوي ذكريات حظر التجول في فلسطين حتى وإن كانت المقارنة ظالمة، وفق ما وصفها في جملة ساخرة قائلًا: "حظر تجول باريس خمس نجوم مقارنة بحظر التجول في فلسطين".

لاحقًا، يبدأ تطبيق نظام للتجول بالشوارع والذي يستلزم تقديم طلب للسطات المحلية مصحوبًا بتوضيح سبب الخروج، وهو أيضًا ما يستدعي من ذاكرة مشهراوي معاناة أخرى للفلسطينيين مع تصاريح المرور عبر الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش.

أما فرض استخدام الكمامات، فربطه مشهراوي أيضًا بالكوفية الفلسطينية التي يستخدمها أبناء بلده في أمرين، الأول للوقاية من قنابل الغاز المسيل للدموع والثاني لإخفاء هويتهم من الجيش الإسرائيلي تجنبا للاعتقال لاحقًا.

دفن من دون جنازة

ولأن وقت العزل كان طويلًا، فقد استغله مشهراوي أيضًا في الكتابة بجانب التصوير والتوثيق مما أحاله في كثير من الأحيان إلى أفلامه السابقة التي دمج لقطات منها في "يوميات شارع جبريئيل" فأضاف إلى الفيلم بعدًا زمانيًا آخر.

والفيلم، رغم خصوصيته الشديدة لصاحبه وتقديمه مجموعة محدودة من الأشخاص المتباعدين اجتماعيًا والمتقاربين مكانيًا في ذات البناية، يلمس حالة إنسانية فريدة تتجسد في الجارة بوليت (95 عامًا) التي كانت تحرص يوميًا رغم الحظر على المشي لبضع خطوات من البناية إلى متجر البقالة المقابل؛ وفق نصيحة الطبيب الذي أخبرها أنها لو توقفت عن الحركة فستموت، لكنها تسقط في النهاية داخل شقتها وتنقل إلى المستشفى حيث تنتهي حياتها وتُدفن دون جنازة أو مراسم عزاء بسبب الوباء.

وفي مناقشة مع المخرج رشيد مشهراوي بعد العرض العالمي الأول للفيلم بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، قال إنه لم يكن لديه سيناريو محدد في البداية لأنه لم يكن يعلم القادم، لكنه سار وراء الأحداث وبالتالي صنع الفيلم نفسه بنفسه.

وقال: "الفيلم ليس عن مخرج سينمائي فلسطيني انحبس في باريس وقت الفيروس وبدأت ذاكرته في استدعاء كل ما يتعلق بوطنه، لكن أنا أيضًا إنسان أعيش وسط كل هؤلاء البشر المختلفين داخل الحارة، نحب بعضنا ونتفاعل".

وأضاف: "أهديت فيلمي إلى مدام بوليت، أهديته إلى امرأة فرنسية عمرها فوق 95 سنة ليس لها أهل ولا أصدقاء، وفي الفيلم تظهر زيارتي إلى قبرها حيث قرأت الفاتحة على ضريحها لأن هذا الفيلم إنساني بالدرجة الأولى".

المصادر:
رويترز
شارك القصة