أعلنت منظمة أطباء بلا حدود، اليوم الخميس، بأن 40 شخصًا على الأقل لقوا حتفهم في إقليم دارفور غربي السودان، في ظل أسوأ تفشّ للكوليرا منذ سنوات، في البلاد التي تشهد حربًا مستمرة منذ أكثر من عامين.
وقالت المنظمة في بيان: "بالإضافة إلى حرب شاملة، يعاني سكان السودان الآن أسوأ تفشّ للكوليرا تشهده البلاد منذ سنوات"، مضيفة: "في منطقة دارفور وحدها، عالجت فرق أطباء بلا حدود أكثر من 2300 مريض، وسجّلت 40 وفاة خلال الأسبوع الماضي".
والكوليرا هي عدوى حادة تسبّب الإسهال وتنجم عن استهلاك الأطعمة أو المياه الملوّثة، بحسب منظمة الصحة العالمية التي تعتبرها "مؤشرًا لعدم الإنصاف وانعدام التنمية الاجتماعية والاقتصادية".
انتشار في كل الولايات
وتقول المنظمة: إن المرض "يمكن أن يكون مميتًا في غضون ساعات إن لم يُعالج"، لكن يمكن معالجته "بالحقن الوريدي ومحلول تعويض السوائل بالفم والمضادات الحيوية".
وحذّرت منظمة اليونيسف من أن أكثر من 640 ألف طفل دون سنّ الخامسة معرّضون لخطر الإصابة بالمرض في ولاية شمال دارفور وحدها، حيث تدور معارك بين الجيش وقوات الدعم السريع للسيطرة على مدينة الفاشر.
ومنذ يوليو/ تموز 2024، سجّلت نحو 100 ألف إصابة بالكوليرا في كل أنحاء السودان، وفقًا لأطباء بلا حدود، مع انتشار المرض "في كل ولايات السودان".
ويشهد السودان منذ أبريل/ نيسان 2023 حربًا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للبلاد منذ انقلاب عام 2021، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي". وأسفر هذا الصراع عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين.
وتسببت الحرب التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" في انقسام البلاد بحكم الأمر الواقع بين المتحاربين، إذ يسيطر الجيش على الوسط والشرق والشمال، في حين تسيطر قوات الدعم السريع على كل دارفور تقريبًا وأجزاء من الجنوب.
وبينما أدى القتال إلى شل الخدمات اللوجستية وقطع الطرق، أصبح توصيل المساعدات الإنسانية شبه مستحيل. وتوقفت القوافل كما تناقصت الإمدادات. ويمكن أن يؤدي موسم الأمطار الذي تشتدّ حدته في أغسطس/ آب، إلى تفاقم الأزمة الصحية.
مأساة في دارفور
وتشهد مدينة طويلة في شمال دارفور وضعًا أكثر خطورة، ففي الأشهر الأخيرة، وهربًا من المعارك الدامية واستهداف مخيماتهم في الفاشر في شمال دارفور، نزح نحو نصف مليون شخص، بحسب الأمم المتحدة، إلى المدينة التي باتت شوارعها تعج بلاجئين يفترشون الطرق، وبخيام بلا أسقف بنيت من القش، تحيط بها مستنقعات تجذب أعدادًا هائلة من الذباب.
وقالت منظمة أطباء بلا حدود الخميس: "في طويلة، يعيش السكان على ما معدّله ثلاثة ليترات فقط من المياه يوميًا، وهو أقل من نصف الحد الأدنى المخصّص للطوارئ البالغ 7,5 لترات للشخص الواحد يوميًا، وذلك للشرب والطهو والنظافة، وفقًا لتوصيات منظمة الصحة العالمية".
ومنذ أبريل الماضي، سجّلت الأمم المتحدة أكثر من 300 إصابة بالكوليرا بين الأطفال في طويلة.
وتصاعدت حدة القتال في دارفور منذ استعادة الجيش السيطرة على الخرطوم في مارس، بينما تحاول قوات الدعم السريع التي تحاصر الفاشر السيطرة على المدينة التي تعدّ العاصمة الإقليمية الوحيدة في المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة الجيش.