مع استمرار المواجهة غير المسبوقة بين تل أبيب وإيران منذ 13 يونيو/ حزيران الحالي، وقيام تل أبيب بقصف المفاعلات النووية في طهران، وفي ظل وجود مفاعل ديمونا النووي في إسرائيل، تتزايد المخاوف من حدوث تسرّب إشعاعي إلى الدول المجاورة للبلدين.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ هناك تلوثًا إشعاعيًا وكيميائيًا داخل منشأة نطنز النووية في إيران، لكنّها لم ترفع حالة الطوارئ فيما يتعلّق بانتشار التلوّث الإشعاعي إلى خارج المنشأة.
وتتضمّن حالة الطوارئ النووية انفجار قنبلة ذرية أو سلاح نووي، أو تسرّب مواد مُشعّة إلى البيئة.
يُنتج الانفجار نبضة شديدة من الحرارة والضوء وضغط الهواء والإشعاع. تُنتج الانفجارات النووية تساقطًا نوويًا أو مواد مشعة يمكن أن تحملها الرياح لمسافات طويلة. وقد يُعرّض هذا التسرّب الأشخاص للخطر ويُلوّث محيطهم وممتلكاتهم الشخصية.
ورغم أنّ مخاطر التلوّث الإشعاعي تطال جميع الأشخاص، إلا أنّ الرُضّع، والأطفال، وكبار السن، والحوامل، والأشخاص ذوي أجهزة المناعة الضعيفة هي الفئات الأكثر عرضة للخطر.
ما هي أنواع التلوّث الإشعاعي التي تُصيب الإنسان؟
يؤدي التلوّث الإشعاعي إلى ترسّب مواد مُشعّة على جسم أو شخص أو داخله، أي أنّ الشخص الملوّث يحمل مواد مشعّة على جسمه أو داخله.
وينقسم التلوّث الإشعاعي عند الإنسان إلى قسمين:
- التلوّث الخارجي، وهو عندما تتركّز المواد المشعة على جلد الشخص أو شعره أو ملابسه. وبمعنى آخر، يكون التلامس مع المواد المشعّة خارج الجسم. فإذا كنت ملوثًا خارجيًا، فقد تُصاب بالتلوث الداخلي إذا دخلت المواد المشعة إلى جسمك.
- التلوّث الداخلي، ويحدث عند ابتلاع أو استنشاق مواد مشعة، أو عند دخول المواد المشعة إلى الجسم عبر جرح مفتوح أو امتصاصها عبر الجلد.
وتبقى بعض أنواع المواد المشّعة في الجسم وتتراكم في أعضاء مختلفة، بينما يخرج بعضها الآخر من الجسم عن طريق الدم، والعرق، والبول، والبراز.
ما هي مخاطر التلوّث الإشعاعي على الصحة؟
وفقًا لمنظمة الصحية العالمية، يتوقّف خطر الآثار الصحية الضارة على جرعة الإشعاع التي تعرّض لها الشخص. فكلما كانت الجرعة أقلّ أو كان التعرّض على مدى فترة زمنية أطول، تدّنى مستوى الخطر لأنّ الجسم كفيل بإصلاح الضرر الذي يلحق بالخلايا والجزيئات.
في المقابل، يمكن أن يُفاقم التعرّض المفرط لجرعات الإشعاع خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان في الأمد الطويل، حيث قد يتركز الإشعاع في الغدة الدرقية وتفاقم خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية بين اليافعين (المتراوحة أعمارهم بين 0 و18 عامًا).
وقد يؤدي التعرّض لجرعات عالية جدًا من الإشعاع إلى تعطيل وظائف الأنسجة والأعضاء وحدوث آثار حادة مثل:
- الغثيان؛
- القيء؛
- احمرار الجلد؛
- تساقط الشعر؛
- متلازمة الإشعاع الحادة؛
- إصابات الإشعاع الموضعية والمعروفة أيضًا باسم حروق الإشعاع؛
- الوفاة.
كيف ينتشر التلوّث الإشعاعي؟
في حالة التلوّث الخارجي، ينقل الإنسان المواد المشعّة إلى الآخرين أو الأسطح التي يلمسها. على سبيل المثال، إذا كان هناك غبار مشع على ملابسك، فقد تنشره عند جلوسك على الكراسي أو معانقة الآخرين.
أما في حالة التلوّث الداخلي، يُعرض المصاب من حوله للإشعاع الصادر من المادة المشعة داخل الجسم. كما يؤدي لمس السوائل الملوّثة بالإشعاع كالعرق والدم والبول إلى انتقال التلوث للآخرين.

ولذلك، فانّ التأكد من عدم تعرّض الآخرين للغبار أو سوائل الجسم من شخص مصاب بالتلوث، سيساعد في الحد من انتشار التلوّث لأشخاص آخرين في المنزل أو العمل أو الأماكن العامّة.
ما هي طرق الوقاية من التعرّض للتلوّث الإشعاعي؟
لأن الإشعاع لا يُمكن رؤيته أو شمّه أو لمسه أو تذوّقه، لن يعلم المتواجدون في موقع الحادث ما إذا كانت المواد المُشعّة قد انتقلت إليهم.
وتنقسم طرق الوقاية إلى:
1- الوقاية الشخصية
في هذا الإطار، ينصح الصحافي المتخصّص في الشؤون البيئية مصطفى رعد في حديث إلى "موقع التلفزيون العربي" من بيروت، باتخاذ الخطوات الوقائية الشخصية التالية للحدّ من التلوّث في حال تواجدك خارج المنزل:
- الدخول بسرعة إلى المنزل أو أقرب مبنى آمن أو إلى منطقة تُوجّهك إليها جهات إنفاذ القانون أو مسؤولو الصحة؛
- إغلاق النوافذ والأبواب باحكام؛
- ايقاف المكيّفات والمراوح؛
- البقاء في غرفة داخلية مُغلقة في حال توفّرها؛
- تغيير الملابس على الفور، ما سيُقلّل من التلوث الخارجي وخطر التلوث الداخلي، ومدة تعرّضك للإشعاع؛
- وضع الملابس الملوّثة في كيس مغلق في مكان بعيد عن متناول اليد، وإبقاء الناس بعيدًا عنها لتقليل تعرضهم للإشعاع؛
- تغطية الجروح والخدوش عند التعامل مع الأشياء الملوّثة لتجنّب دخول المواد المشعة إليها؛
- الاستحمام بالكثير من الصابون والماء الفاتر لإزالة التلوّث، في ما يُسمّى بـ "التطهير". وحاول قدر الإمكان تجنّب نقل التلوث إلى أجزاء الجسم التي قد لا تكون ملوّثة، مثل المناطق التي كانت مغطاة بالملابس.
وفي حال عدم توفّر مياه الصنبور للاستحمام، تنصح مراكز السيطرة الأميركية على الأمراض والوقاية منها، بـ:
- تنظيف الأنف برفق، ومسح الجفون والرموش والأذنين بمنديل مبلل، أو قطعة قماش نظيفة مبللة أو منشفة ورقية مبللة؛
- وضع المناديل أو قطعة القماش أو المنشفة المستخدمة في كيس بلاستيكي أو أي حاوية أخرى قابلة للإغلاق. وكذلك ضع الكيس في مكان بعيد عن الآخرين والحيوانات الأليفة.
2- الطعام وماء الشرب
بما أنّ التلوّث الإشعاعي يؤثر على البيئة والمياه والنباتات والتربة، ينصح رعد بـ:
- عدم أكل الخضار والفواكه من الحديقة؛
- شرب المياه المعبأة فقط أو المغلية؛

- تجنّب الحليب والمنتجات الحيوانية الطازجة؛
- تناول الطعام المعلّب.
3- الأدوية الوقائية:
تتوفّر بعض العلاجات الطبية للحد من التلوث الداخلي أو إزالته، وذلك حسب نوع المادة المشعة المعنية.
ووفقًا لرعد، تشمل هذه العلاجات ما يلي:
- أقراص اليود (Potassium Iodide) لحماية الغدة الدرقية؛
- مضادات الأكسدة (فيتامين C، و E، والسيلينيوم) التي تساهم في حماية الخلايا؛
- الفحم الطبي أو المليّنات، التي قد تُقلّل امتصاص بعض المواد المشعة من الجهاز الهضمي؛
- أدوية الغثيان ودعم المناعة على غرار Ondansetron، أو محفّزات نخاع العظم؛
كما تنصح مراكز السيطرة الأميركية على الأمراض والوقاية منها، باستخدام:
- "Prussian blue" أو "هيكساسيانوفيرات البوتاسيوم الحديدي"؛
- خماسي أسيتات ثنائي إيثيلين ثلاثي أمين (DTPA)؛
وبالمجمل، يجب تجهيز حقيبة طوارئ في وقت سابق، تضمّ: ملابس نظيفة إضافية، ومياه معبأة، وطعام معلّب، وكمامات، وأدوية، ومذياع، وشاحن.
ويجب عدم مغادرة المبنى أو المأوى الذي تتواجد فيه، حتى يقول المسؤولون أو المستجيبون للطوارئ أنّه آمن.