الأربعاء 24 أبريل / أبريل 2024

"قاسية وتهدد الحياة".. مستعمرات عقابية تفاقم أوضاع السجناء السياسيين في روسيا

"قاسية وتهدد الحياة".. مستعمرات عقابية تفاقم أوضاع السجناء السياسيين في روسيا

Changed

تقرير أرشيفي عن أليكسي نافالني (الصورة: غيتي)
بينما يهتمّ العالم بقضيتي نافالني وفلاديمير كارا مورزا، هناك 558 سجينًا يقضون عقوبة بالسجن في ظروف قاسية مماثلة.

يحتفل المعارض الروسي أليكسي نافالني، غدًا الأحد، بعيد ميلاده السابع والأربعين داخل زنزانة "العزل العقابي" التي تبلغ مساحتها متر بثلاثة أمتار، ولا يدخلها ضوء الشمس. وعادة ما يستفزّه الحرس بالأغاني والخطب الوطنية التي يلقيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويقضي نافالني عقوبة لتسع سنوات تنتهي عام 2030، بتهم يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها ملفقة. كما يُواجه محاكمة أخرى بتهم جديدة قد تبقيه مسجونًا لمدة عقدين آخرين.

ودعا أنصاره إلى مسيرات يوم الأحد في روسيا لدعمه.

وأصبح نافالني أشهر سجين سياسي في روسيا، ليس فقط لكونه أشرس الأعداء السياسيين لبوتين، وتعرّضه للتسميم في تهمة تواجه الكرملين، بل لكونه أيضًا موضوع فيلم وثائقي حائز على الأوسكار.

وأمضى قرابة ستة أشهر في السجن الانفرادي، ويتبع نظامًا غذائيًا هزيلًا في السجن، مقيّدًا بالوقت الذي يمكن أن يقضيه في كتابة الرسائل. كما يُجبر أحيانًا على العيش مع زميل في الزنزانة لا يملك أدنى مقومات النظافة الشخصية، ما يجعل الحياة أكثر بؤسًا عليه.

وبينما ينصبّ معظم الاهتمام على نافالني وشخصيات بارزة أخرى مثل فلاديمير كارا مورزا، الذي حُكم عليه الشهر الماضي بالسجن 25 عامًا بتهم الخيانة، إلا أنّ هناك عددًا كبيرًا من السجناء الأقل شهرة الذين يقضون عقوبة بالسجن في ظروف قاسية مماثلة.

حُكم على فلاديمير كارا مورزا بالسجن 25 عامًا بتهم الخيانة
حُكم على فلاديمير كارا مورزا بالسجن 25 عامًا بتهم الخيانة- اسوشييتد برس

558 سجينًا سياسيًا

وأحصت "ميموريال"، وهي أقدم وأبرز منظمة حقوقية في روسيا والحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2022، 558 سجينًا سياسيًا في البلاد حتى أبريل/ نيسان الماضي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف الرقم في عام 2018، والذي وصل إلى 183 سجينًا سياسيًا.

في تقرير صدر عام 2021، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنّ الظروف في السجون ومراكز الاحتجاز الروسية "غالبًا ما تكون قاسية وتُهدّد الحياة. كان الاكتظاظ، وسوء المعاملة من قبل الحراس والسجناء، ومحدودية الوصول إلى الرعاية الصحية، ونقص الطعام، وعدم كفاية الصرف الصحي من الأمور الشائعة في السجون والمستعمرات العقابية وغيرها من مرافق الاحتجاز".

أندريه بيفوفاروف

بقي أندريه بيفوفاروف، وهو شخصية معارضة حُكم عليه العام الماضي بالسجن لمدة أربع سنوات، في عزلة في معسكر رقم 7 في منطقة كاريليا بشمال روسيا منذ يناير/ كانون الثاني. ورجّحت شريكته تاتيانا عثمانوفا أن يبقى في المعسكر حتى نهاية هذا العام. ويشتهر المعسكر بظروفه القاسية وتقارير التعذيب.

اتهمت السلطات الروسية بيفوفاروف بالانخراط مع منظمة "غير مرغوب فيها" أي "أوبن روسيا"
اتهمت السلطات الروسية بيفوفاروف بالانخراط مع منظمة "غير مرغوب فيها" أي "أوبن روسيا"- اسوشييتد برس

وقالت عثمانوفا لوكالة "أسوشييتد برس"، إنّ الرئيس السابق لمجموعة "أوبن روسيا" المؤيدة للديمقراطية، البالغ من العمر 41 عامًا، يقضي أيامه بمفرده في زنزانة صغيرة في وحدة "الاحتجاز الصارم"، ولا يُسمح له بأي مكالمات أو زيارات من أي شخص سوى محاميه.

وأضافت أنّه يمكنه الحصول على كتاب واحد من مكتبة السجن، وكتابة الرسائل لعدة ساعات في اليوم، ويسمح له بـ 90 دقيقة في الهواء الطلق.

وأشارت إلى أنّ السجناء الآخرين ممنوعون حتى من النظر إلى بيفوفاروف في الممرات، مما يساهم في "أقصى عزل له". وقالت: "لم يكفهم الحكم عليه بالسجن، بل إنهم يحاولون أيضًا تدمير حياته هناك".

في مايو/ أيار 2021، تمّ اعتقال بيفوفاروف خلال رحلة متّجهة إلى وارسو قبل إقلاعها مباشرة من سان بطرسبرغ، وجرى نقله إلى مدينة كراسنودار الجنوبية. اتهمته السلطات بالانخراط مع منظمة "غير مرغوب فيها" أي "أوبن روسيا".

بعد محاكمته في كراسنودار، أدين بيفوفاروف وحُكم عليه في يوليو /تموز، عندما كانت الحرب الروسية في أوكرانيا وحملة بوتين الشاملة على المعارضة تجري على قدم وساق.

في رسالة من كراسنودار في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كتب بيفوفاروف لوكالة اسوشييتد برس، أّن السلطات نقلته إلى معسكر رقم 7 "لإخفائه بعيدًا" عن مسقط رأسه وموسكو.

وكانت تلك المقابلة واحدة من آخر ما استطاع بيفوفاروف تقديمه، واصفًا الحياة في السجن بأنها "مملة ومثيرة للاكتئاب".

وكتب أن السجناء "المحظوظين" الأغنياء، يمكنهم التسوّق في متجر السجن مرة واحدة في الأسبوع لمدة 10 دقائق، ولكن بخلاف ذلك يجب عليهم البقاء في زنازينهم.

وأوضحت عثمانوف أنّ وصول أية رسائل من شريكها يستغرق أسابيع الآن.

أليكسي غورينوف

لكنّ ظروف السجن أسهل بالنسبة لبعض السجناء السياسيين الأقل شهرة مثل أليكسي غورينوف، العضو السابق في مجلس بلدية موسكو.

حُكم على غورينوف بالسجن سبع سنوات لانتقاده الحرب على اوكرانيا
حُكم على غورينوف بالسجن سبع سنوات لانتقاده الحرب على اوكرانيا- اسوشييد برس

أدين غورينوف "بنشر معلومات كاذبة" عن الجيش في يوليو/ تموز 2022، بسبب تصريحات مناهضة للحرب أدلى بها في جلسة لمجلس البلدية.

وبعد أسابيع من بدء الحرب، أعلنت موسكو أن انتقاد الحرب جريمة يُعاقب عليها القانون. وأصبح غورينوف (61 عامًا)، أول روسي يُسجن بسبب ذلك، حيث حُكم عليه بالسجن لسبع سنوات.

وقال غورينوف، في إجابات مكتوبة أُرسلت إلى وكالة أسوشييتد برس في مارس/ آذار الماضي، إنّه موجود في ثكنة مع حوالي 50 آخرين في معسكر رقم 2 في منطقة فلاديمير.

وصدمت العقوبة الطويلة لناشط غير بارز الكثيرين. وفي هذا الإطار، قال غورينوف: "السلطات بحاجة إلى مثال يمكن أن تعرضه للآخرين من شخص عادي، بدلًا من شخصية عامة".

ويمكن للنزلاء في وحدته مشاهدة التلفزيون، ولعب الشطرنج، أو طاولة الزهر، أو تنس الطاولة. ويوجد مطبخ صغير لتحضير الشاي أو القهوة بين الوجبات، ويمكنهم الحصول على الطعام من المستلزمات الشخصية.

لكن غورينوف قال إنّ مسؤولي السجن ما زالوا يمارسون "سيطرة مُعزّزة" على الوحدة، ويخضع هو واثنان من السجناء الآخرين لفحوصات خاصة كل ساعتين، حيث تم تصنيفهم على أنهم "عرضة للفرار".

وأوضح أنّه يحصل على القليل من المساعدة الطبية، مضيفًا: "في الوقت الحالي، لا أشعر أنّني بخير، لا يمكنني التعافي من التهاب الشعب الهوائية. كنت بحاجة إلى علاج من الالتهاب الرئوي الشتاء الماضي في جناح مستشفى سجن آخر، لأنه في المعسكر لا يمكنهم القيام بأكثر من تخفيض الحرارة".

ساشا سكوتشيلينكو

كما تعاني الفنانة والموسيقية ساشا سكوتشيلينكو من مشاكل صحية، وهي محتجزة في خضم محاكمتها الجارية بعد اعتقالها في أبريل/ نيسان 2022 في سان بطرسبرغ، بتهمة نشر معلومات كاذبة عن الجيش.

كانت جريمة ساشا سكوتشيلينكو  هي استبدال بطاقات أسعار السوبر ماركت بشعارات مناهضة للحرب
كانت جريمة ساشا سكوتشيلينكو هي استبدال بطاقات أسعار السوبر ماركت بشعارات مناهضة للحرب- اسوشييتد برس

وكانت جريمتها هي استبدال بطاقات أسعار السوبر ماركت بشعارات مناهضة للحرب.

تُعاني سكوتشيلينكو من عيب خلقي في القلب والاضطرابات الهضمية، مما يتطلّب نظامًا غذائيًا خاليا من الغلوتين.

وقالت شريكة حياتها صوفيا سوبوتينا، إنّها تحصل على طرود طعام أسبوعيًا، لكن هناك حدًا للوزن، ولا تستطيع الفتاة البالغة من العمر 32 عامًا أن تأكل "نصف الأشياء التي يقدّمونها لها هناك".

وقالت سوبوتينا إنّ هناك فرقًا صارخًا بين مرافق احتجاز النساء والرجال، مضيفة أنّ الأمر أسهل في بعض النواحي بالنسبة لسكوتشيلينكو مقارنة بالسجناء الذكور.

وقالت سوبوتينا لوكالة أسوشييتد برس عبر الهاتف: "الغريب أن فريق العمل لطيف في الغالب. معظمهم من النساء، وهنّ ودودون للغاية، وسوف يقدّمون نصائح مفيدة ولديهم موقف جيد للغاية تجاه ساشا".

مؤخرًا، رتّبت سوبوتينا زيارة لطبيبة قلب من الخارج لفحص سكوتشيلينكو. ومنذ مارس/ آذار يُسمح لها بزيارتها مرتين في الشهر.

وقالت سوبوتينا إنّ السجن لمدة عام كان قاسيًا على سكوتشيلينكو. وتسير محاكمتها ببطء، على عكس الإجراءات السريعة عادة للنشطاء السياسيين البارزين، مع أحكام إدانة شبه مؤكدة.

المصادر:
العربي - اسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close