كوكب الأرض هو مساحة شاسعة ومتنوّعة من الجمال الطبيعي، من الغابات المطيرة الاستوائية إلى المناطق الصحراوية القاحلة، حيث تعلّمت البشرية التكيّف مع البيئة، والاستفادة من الأرض، والازدهار.
ومع ذلك، فإنّ في بعض أبرد بقاع الأرض، تكون البيئة قاسية جدًا لدرجة يصعب حتى على البشر تحمّلها.
وبالقرب من القطبين الشمالي والجنوبي، تنخفض درجات الحرارة بشكل حاد إلى ما دون الصفر بكثير، ما لا يسمح بوجود مستوطنات بشرية دائمة ورسمية.
لكنّ حتى في بعض أبرد بقاع العالم، ظهرت مدن ومراكز أبحاث في أقصى شمال روسيا وكندا وغرينلاند، ما فاق حدود السكن البشري.
11 من أبرد الأماكن على الأرض
رصد موقع "أول ذاتس انترستينغ" (allthatsinteresting.com) 11 من أبرد الأماكن على وجه الأرض، وكيف يتكيّف السكان في العيش فيها.
1- ياكوتسك الروسية.. أبرد مدينة رئيسية في العالم
على الرغم من طقسها القارس، فإن أبرد مدينة على وجه الأرض تتمتّع بكثافة سكانية هائلة.
تقع ياكوتسك الروسية على بُعد 482 كيلومتر فقط جنوب الدائرة القطبية الشمالية، ويقطنها حوالي 300 ألف نسمة يعانون من درجات حرارة منخفضة تصل إلى 28.8 درجة مئوية تحت الصفر.
يستمرّ فصل الشتاء في ياكوتسك حوالي ثمانية أشهر من سبتمبر/ أيلول إلى أبريل/ نيسان.
مع ذلك، رسّخت ياكوتسك مكانتها باعتبارها مدينة مهمة في روسيا. فهي تتمتّع بصناعة سينمائية مزدهرة، وثروات طبيعية غزيرة كالذهب والماس، وتزخر بالمعالم الثقافية مثل متحف الماموث ومملكة الجليد الدائم وهو معرض تحت الأرض لمنحوتات جليدية لا تذوب أبدًا.
ومع ذلك، فإن ياكوتسك ليست مدينة فاضلة شتوية. وبما أنّ المدينة تقع على طبقة من التربة الصقيعية، تُشيّد معظم مبانيها فوق أكوام خرسانية لمنع حرارة الجو الداخلية من إذابة الأرض تحتها والتسبّب في مشاكل هيكلية.
وخلال الأشهر الباردة، يضطر السكان إلى ركن سياراتهم في مرائب مُدفأة أو إبقاء محرّكاتهم قيد التشغيل لضمان عدم تجمّد البنزين.
وأحيانًا، تُغطي طبقة سميكة من "الضباب الجليدي" المدينة. وتحدث هذه الظاهرة عندما يكون الهواء باردًا جدًا بحيث لا يستطيع الاحتفاظ بمزيد من الرطوبة، فتتجمّد قطرات الماء من عوادم السيارات، وأنفاس الإنسان، واحتراق مصادر مثل توليد الطاقة، متحولةً إلى بلورات جليدية صغيرة تبقى معلقة قرب الأرض.
كما تُغلق المدارس أبوابها عند انخفاض درجات الحرارة بشكل حاد، ولكن في أغلب الأحيان، يُواجه سكان ياكوتسك البرد القارس يوميًا.
من المؤكد أنّ الحياة في ياكوتسك ليست سهلة، ولكن هناك شيء ملفت للنظر يتمثّل في كيفية تمكّن شعبها ليس فقط من التغلّب على الظروف القاسية، بل وتعلّم كيفية الازدهار أيضًا.
2- هضبة أنتاركتيكا الشرقية.. من أبرد الأماكن على الأرض
هضبة شرق أنتاركتيكا هي مساحة شاسعة مقفرة بالقرب من القطب الجنوبي حيث تنخفض درجات الحرارة إلى مستويات منخفضة مذهلة.
فقد كشفت بيانات الأقمار الصناعية أنّ الهضبة شهدت في السابق درجة حرارة قياسية بلغت 62 درجة مئوية تحت الصفر، وهي "أقل درجة حرارة يمكن الوصول إليها تقريبًا"، وفقًا لمؤلفي دراسة أجريت عام 2018.
ولا يُوجد جدل حول الظروف الجليدية في المنطقة، إذ تُساهم عدة عوامل في درجات الحرارة القصوى هذه.
ترتفع الهضبة حوالي 2987 مترًا فوق مستوى سطح البحر، ما يعني أنّ الغلاف الجوي أرقّ ويحتفظ بحرارة أقلّ. وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي موقعها بالقرب من القطب الجنوبي إلى فترات طويلة بدون ضوء الشمس خلال فصل الشتاء، ما يؤدي إلى فقدان مستمر للحرارة. كما يسمح الهواء الصافي والجاف السائد في المنطقة ببقاء إشعاع الحرارة بعيدًا عن السطح، ما يزيد من تبريد البيئة إلى مستويات غير ملائمة.
وتلعب تضاريس الهضبة الفريدة دورًا أيضًا، إذ يميل الهواء البارد والكثيف إلى الاستقرار في المنخفضات والتجاويف الطفيفة، ما يُشكّل جيوبًا قد تنخفض فيها درجات الحرارة أكثر. وتتفاقم هذه الظروف خلال ليالي الشتاء الصافية عندما يسمح قلّة الغطاء السحابي بأقصى قدر من الإشعاع الحراري إلى الفضاء.
فإذا كنت تُخطّط لزيارة هضبة أنتاركتيكا الشرقية، إحزم الكثير من البطانيات.
3- محطة أبحاث كلينك في غرينلاند
تقع محطة أبحاث "كلينك" على ارتفاع عالٍ فوق الغطاء الجليدي في غرينلاند. وهي محطة أرصاد جوية آلية بعيدة تقع على ارتفاع حوالي 3100 متر فوق مستوى سطح البحر. وتقع داخل الدائرة القطبية الشمالية، حيث تتحمّل بعضًا من أشد درجات الحرارة برودة على الكوكب.
في 22 ديسمبر/كانون الأول 1991، سجّلت محطة "كلينك" رقمًا قياسيًا في تاريخ الأرصاد الجوية بتسجيله درجة حرارة شديدة البرودة بلغت 69.6 درجة مئوية تحت الصفر وهي أبرد درجة حرارة سُجِّلت على الإطلاق في نصف الكرة الشمالي.
إلا أنّ هذا الاكتشاف ظلّ مخفيًا في سجلات البيانات لحوالي ثلاثة عقود، حتى اكتشفه باحثون في مجال المناخ، ما أدى إلى الاعتراف به رسميًا من قِبَل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية عام 2020.

وعلى غرار هضبة شرق القارة القطبية الجنوبية، فانّ ارتفاع المحطة هو السبب في انخفاض درجات الحرارة فيها.
وكانت محطة أبحاث كلينك جزءًا من "شبكة مناخ غرينلاند" (GC-Net)، وهي سلسلة من محطات الأرصاد الجوية الآلية التي أُنشئت لمراقبة ديناميكيات مناخ الجزيرة. ورغم أنّها لم تُشغّل إلا لبضع سنوات قصيرة قبل إيقاف تشغيلها وإزالتها عام 1994، إلا أنّ البيانات التي جُمعت في كلينك وخاصةً درجة الحرارة المنخفضة القياسية التي أكسبتها لقب أحد أبرد الأماكن على وجه الأرض، أثبتت قيّمتها الكبيرة لباحثي المناخ.
4- سناغ في يوكون.. أبرد مستوطنة في تاريخ كندا
استُوطِنت سناج لأول مرة خلال حمى ذهب كلوندايك، وكانت في البداية مركزًا تجاريًا متواضعًا. وخلال الحرب العالمية الثانية، ازدادت أهميتها عندما تمّ بناء مهبط للطائرات باعتباره جزءًا من طريق الانطلاق الشمالي الغربي لتسهيل حركة الطائرات إلى ألاسكا والاتحاد السوفيتي. وأدى ذلك إلى فترة وجيزة من النشاط والنمو السكاني في المنطقة على الرغم من البرد القارس.
وفي أوائل عام 1947، بلغ البرد القارس أدنى مستوياته على الإطلاق. ولمدة ثمانية أيام متتالية، انخفضت درجات الحرارة إلى ما دون 14.4 درجة مئوية تحت الصفر. ولكن بحلول الثالث من فبراير/ شباط من العام نفسه، حتى كلاب الهاسكي كانت تشعر بالبرد.
وذكر موقع "تاريخ كندا"، أنّه عندما ذهب مراقب الطقس غوردون توول للتحقّق من مقياس الحرارة في مطار سناغ، شهق بصوت عالٍ، وتحوّلت الشهقة إلى بلورات جليدية سقطت على الأرض.
انخفضت درجة الحرارة إلى حوالي 28.3 درجة مئوية تحت الصفر، وفقًا لتقديرات تول، قبل أن يؤكد المسؤولون أنّ درجة الحرارة بلغت 27.4 درجة مئوية تحت الصفر.
وشكّل البرد القارس تحدياتٍ جمة، وعجزت الطائرات عن الهبوط لأيام، وأصبح الجليد صلبًا لدرجة أنّه لم يستطع السكان قطعه بالفؤوس. وحتى يومنا هذا، لا تزال هذه المنطقة تُسجّل أدنى درجة حرارة قياسية في كندا.
وبعد الحرب، تضاءلت الأهمية الإستراتيجية لسناغ. وأدى مناخها القاسي، بالإضافة إلى موقعها النائي وفرصها الاقتصادية المحدودة، إلى انخفاض عدد سكانها. وبحلول عام 1967، هُجر المهبط، وانتقل السكان المتبقون تدريجيًا إلى مناطق أكثر ملاءمة.
واليوم، أصبحت سناج بمثابة مدينة أشباح، وذكرى لأبرد يوم في تاريخ كندا.
5- أويمياكون.. أبرد قرية مأهولة بالسكان بشكل دائم في العالم
أويمياكون هي قرية نائية في جمهورية ساخا بشرق سيبيريا، وتُصنّف كأبرد مكان مأهول بالسكان على وجه الأرض. ويعيش حوالي 500 نسمة في أويمياكون، ويُواجهون درجات حرارة قاسية للغاية.
واسم أويمياكون مُشتقّ من كلمة تعني "الماء الذي لا يتجمّد"، وهي إشارة إلى نبع حراري قريب، والذي كان يُستخدم غالبًا طوال عشرينيات القرن العشرين كمكان لشرب رعاة الرنة المتنقلين.
في 6 فبراير/ شباط عام 1933، سجّلت قرية أويمياكون درجة حرارة قارسة البرودة بلغت 32.1 درجة مئوية تحت الصفر، وهي أدنى درجة حرارة مُسجّلة في روسيا. وحتى مع هذا الانخفاض الشديد، لم ترتفع درجة الحرارة في القرية فوق الصفر بين نهاية أكتوبر/ تشرين الأول ومنتصف مارس/ آذار.
واليوم، يبلغ عدد سكان أويمياكون حوالي 500 نسمة، يعتمدون على الممارسات التقليدية كرعي الرنة والصيد وصيد الأسماك لكسب قوتهم. ومن المفهوم أنّ وسائل الراحة الحديثة محدودة.
وعلى سبيل المثال، لا تزال العديد من المنازل تستخدم الفحم والحطب للتدفئة، وكثيرًا ما يستخدم السكان المراحيض الخارجية نظرًا لتجمّد أنابيب السباكة الداخلية.
وحظي مناخ القرية القاسي باهتمام دولي، حيث جذب السياح والباحثين المهتمين بتجربة ودراسة الحياة في مثل هذه البيئة القاسية.
6- محطة "نورث آيس" في غرينلاند (North Ice)
عام 1952، أُنشئت محطة "نورث آيس" البريطانية للأبحاث خلال وجود البعثة البريطانية لشمال غرينلاند. وتقع المحطة على الجليد الداخلي لشمال غرينلاند، وكانت من أكثر المواقع عزلةً وبرودةً على وجه الأرض خلال فترة عملها.
وكان الهدف الرئيسي للبعثة إجراء دراسات علمية في علم الجليد والأرصاد الجوية والجيولوجيا لفهم بيئة القطب الشمالي بشكل أفضل. وكانت محطة "نورث آيس" هي القاعدة الرئيسية لهذه الأنشطة البحثية.
في 9 يناير 1954، سجّلت محطة "نورث آيس" درجة حرارة بلغت 30.5 درجة مئوية تحت الصفر، وهي أبرد درجة حرارة سُجّلت في أميركا الشمالية آنذاك. ويُعزى مناخها القارس إلى موقع المحطة المرتفع على خط العرض، بالإضافة إلى الغطاء الجليدي الواسع الذي يُشكّل مناخًا محليًا فريدًا.
وبعد انتهاء البعثة عام 1954، تمّ التخلّي عن مشروع "نورث آيس". إلا أنّ البيانات التي جُمعت خلال فترة عمله القصيرة ساهمت بشكل كبير في تعزيز الفهم العلمي للمناخات القطبية وعلم الجليد.
7- محطة "أمندسن-سكوت" في القطب الجنوبي
تُعدّ أنتاركتيكا عمومًا من أبرد بقاع الأرض، وتقع محطة "أمندسن-سكوت" للقطب الجنوبي في قلب القارة. أُنشئت عام 1956 كجزء من عملية التجميد العميق التي نفّذتها البحرية الأميركية لدعم البحث العلمي في مجالات مثل جيوفيزياء المناطق القطبية. سُمّيت المحطة تكريمًا للمستكشفين روالد أمندسن وروبرت إف. سكوت، أول من وصل إلى القطب الجنوبي عامي 1911 و1912 على التوالي.
وتقع المحطة في أقصى نقطة جنوب الأرض، وتشهد بعضًا من أقسى الظروف المناخية على كوكب الأرض. وخلال أشهر الشتاء، قد تنخفض درجات الحرارة بشكل حاد.
ووفقًا لتقرير نُشر في صحيفة "نيويورك تايمز" عام 1997، شهدت المحطة في شهر يوليو/ تموز من ذلك العام أبرد شهر مسجّل لها، حيث بلغ متوسط درجة الحرارة 30.4 درجة مئوية تحت الصفر، متجاوزةً الرقم القياسي السابق المسجّل قبل ثلاثة عقود في يوليو 1965.

وعلى مرّ العقود، شهدت المحطة تحوّلات كبيرة لتعزيز قدرتها على مواجهة الظروف المناخية القاسية في أنتاركتيكا. وبُني الهيكل الأصلي المعروف باسم "القطب القديم"، على يد طاقم من البحرية الأميركية مكوّن من 18 فردًا، وكان أول منشأة تدعم السكن على مدار العام في القطب الجنوبي. ثم في عام 1975، شُيّدت محطة قبة بعرض 49.9 مترًا ضمّت مرافق متنوعة، بما في ذلك مكتبة ومركز ترفيهي ومختبرات علمية.
ومع حلول تسعينيات القرن الماضي، شكّل تراكم الثلوج تحديات هيكلية. فتمّ بناء محطة مرتفعة جديدة عام 2008، صُمّمت للحد من آثار المناخ القاسي وتوفير وسائل راحة حديثة للباحثين.
8- جبل دينالي.. أعلى وأبرد قمة جبلية في أميركا الشمالية
جبل دينالي المعروف اتحاديًا باسم جبل ماكينلي، هو أعلى قمة في أميركا الشمالية بارتفاع 6190.4 متر. وعند القمة، قد تنخفض درجات الحرارة إلى 23.8 درجة مئوية تحت الصفر، مع برودة الرياح التي تزيد من برودة الجو. وفي منتزه ومحمية دينالي الوطنية المحيطة وخاصةً في المرتفعات المنخفضة، قد تصبح درجات الحرارة شديدة البرودة.
وعلى سبيل المثال، سجّل الجبل بتاريخ 5 فبراير 1999، درجة حرارة منخفضة قياسية بلغت 12.2 درجة مئوية تحت الصفر.
ووفقًا لصحيفة "أنكوراج ديلي نيوز"، فإن اسم "دينالي" مشتقّ من كلمة كويوكونية تعني "الأعلى". وقبل أن يُعرف باسم جبل ماكينلي بوقت طويل، كان الجبل مكانًا ذا أهمية كبيرة لدى السكان الأصليين في المنطقة.

عام 1896، أطلق مُنقّب ذهب يُدعى ويليام ديكي على جبل دينالي اسمًا جديدًا، وهو جبل ماكينلي دعمًا للمرشّح الرئاسي آنذاك ويليام ماكينلي لالتزامه الراسخ بمعيار الذهب. واعتمدت الحكومة الأميركية هذا الاسم رسميًا عام 1917.
ثمّ عام 2015، أعادت إدارة الرئيس الاميركي آنذاك باراك أوباما التسمية الأصلية للجبل أي دينالي، تكريمًا لتراثه الأصلي. ومؤخرًا، أصدر الرئيس دونالد ترمب أمرًا تنفيذيًا يقضي بإعادة تسمة جبل دينالي بجبل ماكينلي.
9- محطة أبحاث فوستوك.. أبرد مكان رسميًا على وجه الأرض
عام 1957، أُسّس الاتحاد السوفيتي محطة فوستوك للأبحاث التي تُعتبر من أكثر المواقع عزلةً على وجه الأرض. وتقع المحطة بالقرب من القطب المغناطيسي الجنوبي في قلب شرق أنتاركتيكا، فوق الغطاء الجليدي الشاسع على بُعد حوالي 1303.57 كيلومتر من القطب الجنوبي.
في 21 يوليو/ تموز 1983، سجّلت محطة فوستوك أدنى درجة حرارة سطحية مُسجّلة على الإطلاق على الأرض بلغت 53.6 درجة مئوية تحت الصفر. وتجعل درجة الحرارة هذه المحطة رسميًا أبرد مكان في العالم.
وعزا الباحثون هذه الدرجة القصوى من الحرارة إلى ارتفاع المحطة، والسماء الصافية وطول الليل القطبي خلال أشهر الشتاء.
وعلى الرغم من بيئتها القاسية، كانت محطة فوستوك موقعًا لاكتشافات علمية مهمة.
في تسعينيات القرن الماضي، أكد الباحثون وجود بحيرة تحت جليدية ضخمة أسفل المحطة. وتُعرف هذه البحيرة باسم بحيرة فوستوك، وتقع على عمق 4 كيلومترات تحت سطح الجليد. يبلغ طولها حوالي 241 كيلومتر وعرضها 48 كيلومتر، ما يجعلها تنافس بحيرة أونتاريو في الحجم.
تظل المياه في بحيرة فوستوك سائلة عند درجة حرارة متوسطة تبلغ حوالي 2.7 درجة مئوية تحت الصفر، بسبب الضغط الهائل الذي تُمارسه الطبقة الجليدية التي تعلوها، ما يُخفّض نقطة التجمّد.
ورغم هذه الظروف القاسية، كشفت دراسات الجليد المتراكم (الجليد الذي تجمد من مياه البحيرة إلى قاعدة الغطاء الجليدي) عن وجود كميات ضئيلة من الميكروبات، ما يُشير إلى أنّ بحيرة فوستوك قد تؤوي حياةً متكيّفةً مع بيئتها الفريدة. كما أثارت إمكانية وجود حياة في مثل هذه الظروف القاسية بعض التكهنات والأمل، بإمكانية العثور على حياة في بيئات قاسية مماثلة على كواكب أخرى.
10- أوتكياغفيك.. أبرد مدينة في الولايات المتحدة
أوتكياغفيك المعروفة سابقًا باسم بارو، هي أقصى مدينة في شمال الولايات المتحدة. وتقع على ساحل المحيط المتجمّد الشمالي في ألاسكا، على بُعد حوالي 480 كيلومترًا شمال الدائرة القطبية الشمالية. كما أنّها من أبرد الأماكن على وجه الأرض.
تشهد أوتكياغفيك مناخًا قطبيًا قاسيًا، مع شتاء طويل قارس وصيف قصير بارد. وتشهد المدينة 66 يومًا من الظلام المتواصل خلال أشهر الشتاء، ما يُؤثّر بشكل كبير على درجات الحرارة.
في 3 فبراير 1924، سجّلت أوتكياغفيك أدنى درجة حرارة على الإطلاق بلغت -48.8 درجة مئوية. ولكن حتى خلال السنوات النموذجية، لا ترتفع درجات الحرارة عادة فوق درجة التجمّد بين أكتوبر/ تشرين الأول ومايو/ أيار، وتظل أقل من الصفر من ديسمبر إلى مارس.
ورغم هذه الظروف الجوية القاسية، يبلغ عدد سكان أوتكياغفيك قرابة 5000 نسمة. أغلبهم من السكان الأصليين "الإينوبياك" الذين ما زالوا يعتمدون على الصيد للحصول على معظم غذائهم. وتضمّ المدينة ستة مطاعم، منها مطعم "ساب واي"، بالإضافة إلى ثلاثة فنادق، وبنك، ومتجر بقالة كبير، وحتى مسبح داخلي في المدرسة الثانوية المحلية.

11- نوريلسك.. المدينة الروسية المحظورة على السياح
تقع مدينة نوريلسك شمال الدائرة القطبية الشمالية في وسط روسيا، وهي إحدى أقصى مدن العالم شمالًا. تأسست عام 1935، كمعسكر عمل ثمّ تطورت منذ ذلك الحين لتصبح مركزًا رئيسيًا لتعدين النيكل والنحاس والبلاتين.
وتشهد المدينة التي يبلغ عدد سكانها الدائمين حوالي 175 ألف نسمة، مناخًا شبه قطبي يتميّز بشتاء طويل قارس وصيف قصير بارد. وتُغطى المدينة بالثلوج لحوالي 250 يومًا في السنة. ويُعتبر شهر يناير الشهر الأبرد في المدينة، حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة فيه 27 درجة مئوية تحت الصفر.
وتشهد نوريلسك ازدهارًا في قطاع سيارات الأجرة، إذ أنّ الجو بارد وعاصف للغاية بحيث لا يستطيع سكانها السير في أي مكان خلال فصل الشتاء.
وبالإضافة إلى كونها من أبرد بقاع العالم، تُعد نوريلسك من أكثرها تلوثًا، إذ يُسهم صهر النيكل في المنطقة بنحو 1% من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت على الأرض. كما تُسهم المناجم المهجورة وأكوام نفايات المعادن في التلوث البيئي.
وبسبب الظروف القاسية والتلوّث الشديد، يُمنع السياح من زيارة نوريلسك دون إذن خاص من الحكومة.