الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

قصة إيلان.. صورة طفل هزت ضمائر الدول وغيرت سياسات اللجوء

قصة إيلان.. صورة طفل هزت ضمائر الدول وغيرت سياسات اللجوء

Changed

ينقل برنامج "كنت هناك" شهادات من عايشوا وواكبوا حادثة وفاة اللاجئ السوري إيلان الكردي (الصورة: غيتي)
تحولت صورة الطفل إيلان منكبًا على بطنه فاقدًا الروح على شاطئ بودروم التركية إلى رمز للمأساة الإنسانية التي يعيشها السوريون والمهاجرون تحت عنوان "قصة إيلان".

كان الطفل السوري آلان أو إيلان الكردي، ابن ثلاثة أعوام حينما انقطعت أنفاسه غرقًا، وذلك حين خرجت عائلته من مدينة عين العرب/ كوباني إلى تركيا حيث كانت الوجهة نحو أوروبا أملًا في حياة آمنة ومستقرة.

فبتاريخ 3 سبتمبر/ أيلول 2015، صعد والد الطفل آلان وأمه وأخوه في قارب انطلق بهم من بلدة بودروم التركية باتجاه جزيرة كوس اليونانية، إلا أنه لم يمضِ الكثير حتى غافلتهم الأمواج العاتية وانزلق الطفل من بين يدي والده، قاضيةً على أحلامهم.

وبعد ساعات، عثر على آلان منكبًا على بطنه فاقدًا الروح على شاطئ بودروم التركية لتتحول صورته إلى حديث وسائل الإعلام العالمية، ورمز للمأساة الإنسانية التي يعيشها السوريون والمهاجرون تحت عنوان "قصة إيلان".

"4 دقائق" 

عقب الحادثة الأليمة، كشف والد الطفل آلان للصحافيين، أنه لم يكن قد مضى على وجودهم في المياه سوى 4 دقائق قبل أن تغافلهم الأمواج العاتية، ليهرب قبطان المركبة التركي عائدًا أدراجه إلى البر.

وأردف: "سارعت نحو مقود القارب لكنني لم أنجح في السيطرة على المركب، حيث أتت موجة كبيرة وقلبته في المياه.. وبغضون ثوانٍ أمسكت أطفالي وزوجتي رحمهم الله لكنني لم أتمكن من إنقاذهم".

والد الطفل السوري إيلان خلال جنازة أطفاله وزوجته – أرشيف غيتي
والد الطفل السوري إيلان خلال جنازة أطفاله وزوجته – أرشيف غيتي

بدوره، يروي إبراهيم خليل تشاتين حارس الشاطئ في مدينة بودروم التركية لـ"العربي" أنه في ذلك اليوم كانت الأمور طبيعية حينما ذهب إلى عمله، حيث كانت هناك رقابة دائمة للسواحل في ذلك الوقت من قبل قوات الدرك وخفر السواحل.

ويتابع: "رغم هذه الرقابة إلا أننا في ذلك الوقت كما قد تعودنا على حوادث غرق اللاجئين فكنا نسمع أخبارًا يومية عن حوادث غرق قوافل لاجئين ركبوا الأمواج بحثًا عن أمل، ويوم حادثة إيلان كانت الأمور هادئة لكن عندما رأيت الطفل كان صعبًا عليّ انتظار قدوم الشرطة لأنني رغبت في إنقاذه".

ويستذكر تشاتين الصدمة التي شعر بها عند اقترابه من إيلان، إذ "تجمدت أعضاؤه وعجز عن السير أو الحركة أو التفكير وانقطعت أنفاسه أمام الحادثة التي تدمر أعصاب ومشاعر أي إنسان.. فهذا طفل بريء لم يبدأ حتى الكلام بعد".

حارس الشاطئ في مدينة بودروم التركية ينتشل جثة إيلان – أرشيف غيتي
حارس الشاطئ في مدينة بودروم التركية ينتشل جثة إيلان – أرشيف غيتي

صورة هزت العالم

أما الصحفية التركية إبيك يغيت فتستعيد اللحظة المأسوية عند رؤيتها صورة ابن الـ3 أعوام ساردةً: "يوم الحادثة كنت على رأس عملي ووصلتني على شاشة الحاسوب صورة، في البداية حاولت فهم حقيقة هذه الصورة فقد أصابني الشك، طفل مستلقٍ على الساحل، اعتقدت للوهلة الأولى أنها عبارة عن لوحة فنية".

وتكمل شهادتها لبرنامج "كنت هناك": بعد ذلك لاحظت أنها حقيقة، صدمت بل صعقت، مشاهري تألمت جدًا، على الفور أجريت بحثًا وتواصلت مع بعض المصادر وحينها علمت أنه ابن عائلة سورية حاولت الهروب من الحرب إلى اليونان مرورًا بتركيا".

وبعد يومين من وفاة إيلان الكردي، وافقت ألمانيا على قبول آلاف اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل في المجر، وشجعت هذه الخطوة قادة أوروبا الوسطى والشرقية على إنشاء ممر إنساني من شمال اليونان إلى جنوب إفريقيا.

حينها أيضًا، وعدت كندا بإعادة توطين 25 ألف سوري فيما وافق ديفيد كاميرون رئيس وزراء المملكة المتحدة آنذاك على قبول 4000 لاجئ سنويًا، حتى عام 2020.

مهاجرون يصلون إلى ألمانيا بعد محنتهم في المجر – أرشيف غيتي
مهاجرون يصلون إلى ألمانيا بعد محنتهم في المجر – أرشيف غيتي

تركيا واللاجئون

وفي 24 سبتمبر / أيلول، حمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان صورة آلان كردي، خلال كلمة له في الجمعية العامة للأمم المتحدة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حين اجتمع قادة العالم لبحث الأزمات السياسية التي تعصف ببلادهم.

في السياق، يتحدث المتخصص في القانون الدولي طه غازي عن أن سياسة الحكومة التركية مع ملف اللاجئين السوريين مرت بمرحلتين، الأولى هي المرحلة الزمنية الممتدة من عام 2011 إلى عام 2019 حيث شهدت سياسة "الباب المفتوح" من قبل السلطات التركية لكل اللاجئين الفارين من إجرام نظام الأسد.

وقد شهدت هذه المرحلة، تقديم الخدمات الصحية والتعليمية ومجتمعية بالإضافة إلى منح الحماية المؤقتة للفارين من سوريا، الموجودين على الأراضي التركية.

أما المرحلة الثانية، فهي الفترة التي بدأت منذ عام 2019 إلى يومنا هذا إذ تغيرت السياسة التركية تجاه الملف، بعد نتائج الانتخابات الرئاسية.

في هذا الإطار تشدد الصحفية التركية إبيك يغيت على أن روح إيلان كانت أمانة من الله، وأن الأتراك لا يخونون الأمانة الإلهية إطلاقًا، "فكشعب تركي لدينا قلب يحتكم للضمير والوجدان.. ولذلك احتضنا اللاجئين السوريين الذين رفض المجتمع الدولي استقبالهم".

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاملًا صورة آلان الكردي في مقر الأمم المتحدة – أرشيف غيتي
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاملًا صورة آلان الكردي في مقر الأمم المتحدة – أرشيف غيتي

ازدواجية المعايير الغربية

ويربط غازي بين أحداث الحرب في سوريا والهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا، لاحظًا في هذا الإطار ازدواجية معايير المجتمع الدولي في ما يتعلق بملف اللجوء.

ويمضي قائلًا: "شهدنا في الأشهر الماضية كيف تعامل المجتمع الدولي مع الأزمة الأوكرانية، وكيف سمحت أوروبا بلجوء 8 ملايين لاجئ أوكراني إليها مع تقديم تسهيلات، وكيف فتحت الحدود كي يعبر اللاجئون الأوكرانيون بسهولة إلى دول الاتحاد".

وبموازاة ذلك، ما زال المجتمع الدولي يضيق الخناق على كل ممرات اللجوء من تركيا نحو أوروبا.

في المقابل، وبعد أن فتحت وفاة الطفل السوري قلوب الأوروبيين والساسة تجاه اللاجئين في لفتة إنسانية، إلا أنه بعد مرور عام أثبتت هذه التحولات الصغيرة في السياسة والخطاب أنها مؤقتة. فبعد 12 شهرًا بالتحديد، تم إغلاق الأبواب من جديد بوجه اللاجئين.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close