بدأت علاقة كوريا الشمالية وجارتها الجنوبية بحرب تعود لأكثر من سبعين عامًا ولا تزال مستمرة حتى اليوم.
فهذه المرة، بدأت الجارة الجنوبية ضربة ليست عسكرية أو أمنية، وإنما سمحت لكوريين شماليين معارضين بالتنسيق مع نشطاء من كوريا الجنوبية بإرسال بالونات طائرة إلى كوريا الشمالية محمّلة بمنشورات وأغنيات ضد نظام كيم جونغ أون رئيس كوريا الشمالية.
ولم يصمت نظام كوريا الشمالية، ولم يترك كيم جونغ أون هيبته تضيع أمام العالم. فالنظام في كوريا الشمالية يتشوق إلى استخدام السلاح النووي، لكنه قرر هذه المرة الردَّ بالمثل.
بالونات محملة بالقمامة
فرد عبر بالونات طائرة أيضًا لكنها محمّلة بالقمامة وفضلات الحيوانات أرسلها عبر الحدود لتسقط على أجزاء مختلفة من البلاد. وحذّرت السلطات الكورية الجنوبية سكان المناطق التي سقطت فيها من الخروج أو التعامل معها إلى حين التأكد من خلوّها من أي موادّ مضرة.
ومن جهتها، اعتبرت كيم يو جونغ، شقيقة زعيم كوريا الشمالية، أنّ بالونات القمامة والفضلات التي أرسلتها كوريا الشمالية إلى الجنوب، "مسألة تتعلّق بحرية التعبير، وتساءلت: "هل الاتجاه الذي تطير فيه البالونات هو الذي يحدّد ما إذا كان الأمر يتعلّق بحرية التعبير أم القانون الدولي؟"، وهي بذلك تشير للمنطق الذي قدّمته الحكومة الكورية الجنوبية سابقًا لعدم قدرتها على منع النشطاء المناهضين لكوريا الشمالية من إرسال منشورات عبر الحدود.
في المقابل، اعتبر ليم سو سوك، المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، أنّ "الادّعاء بأنّ العمل غير المتحضّر وغير العقلاني المتمثل في نشر القذارة والقمامة هو تعبير عن الحرية، هو حجّة منافية للعقل ولا تستحق النظر فيها، بحسب قوله.
صراع البالونات يثير تفاعلًا
وقد أثار صراع البالونات بين الكوريتين تفاعلاً كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد علّق المدون خالد العصيمي بالقول: "قصة تبادل البالونات بين الكوريتين قديمة وطريفة في الوقت نفسه"، وأضاف: "طبعًا قرب المسافة بينهما يساعد في هذا الموضوع رغم أنه حسّاس وخطير أحيانًا".
أما المدوّن أيمن فيقول بلهجة لا تخلو من السخرية: "إيه الأسلحة المتطورة دي يا جماعة".
ويرى عبد الناصر الكردي أن كوريا الشمالية تستحق ميدالية "أكثر جار سيء" على فعلة البالونات.
أما عايشة صبري، فعلّقت على مشهد بالونات النفايات بالقول: "يبدع المستبد في فنون قمع حرية الرأي والتعبير!"
ولا يعد موضوع المنشورات الدعائية المتبادلة جديدًا، فهذه الممارسة بدأت خلال الحرب الكورية، حيث قامت قوات الأمم المتحدة بإسقاط منشورات على الشمال، كجزء من الحرب النفسية.
بدورها قامت كوريا الشمالية بتوزيع منشورات تستهدف قوات الأمم المتحدة. وتشير التقديرات إلى أنّه تمّ إسقاط ما مجموعه 2.8 مليار منشور خلال تلك الحرب. وتبقى هذه الممارسات حاضرة بين الدولتين إلى يومنا هذا.