Skip to main content

قصف محطة زابوريجيا.. "الرعب النووي" يدخل على خط حرب أوكرانيا

الجمعة 4 مارس 2022

لم يتوان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فجر الجمعة، عن اتهام موسكو باللجوء إلى "الرعب النووي" والسعي لتكرار كارثة تشيرنوبيل بقصفها محطة زابوريجيا النووية الواقعة في وسط البلاد والأكبر في أوروبا.

وجاء ذلك قبيل تأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن كييف أبلغتها بعدم تضرّر أيّ من المعدات الأساسية في المحطة النووية، فيما طالب الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو بالسماح لفرق الإطفاء بالوصول إلى المحطة التي اندلع فيها حريق نتيجة تعرّضها لقصف روسي.

وبحسب ما أعلن جهاز الحالات الطارئة التابع للحكومة الأوكرانية فقد تمكنت فرق الإطفاء في نهاية المطاف من دخول المحطة النووية وإخماد الحريق، بعد حديث عن منع القوات الروسية للطواقم من الدخول إلى المحطة.

روسيا تلجأ إلى "الرعب النووي"

وفور وقوع الهجوم على المحطة النووية الأكبر في أوروبا، قال الرئيس الأوكراني في رسالة عبر الفيديو: "ليس هناك أي بلد آخر في العالم سوى روسيا أطلق النار على محطات للطاقة النووية. إنها المرة الأولى في تاريخنا، في تاريخ البشرية. هذه الدولة الإرهابية تلجأ الآن إلى الرعب النووي".

وأضاف زيلينسكي أنّ "أوكرانيا لديها 15 مفاعلاً نوويًا. إذا حدث انفجار، فستكون نهاية كلّ شيء، ستكون نهاية أوروبا، سيتمّ إخلاء أوروبا"، مشددًا على أنّ "تحرّكًا أوروبيًا فوريًا فقط يمكنه أن يوقف القوات الروسية. يجب أن نمنع أوروبا من الموت بسبب كارثة نووية".

وذكّر الرئيس الأوكراني بأنّه بسبب كارثة تشيرنوبيل في 1986 "مئات الآلاف عانوا من عواقب وعشرات الآلاف تمّ إجلاؤهم. روسيا تريد تكرار ذلك، وهي تكرّره الآن".

وكانت السلطات الأوكرانية أعلنت فجر الجمعة أنّ قصفًا روسيًا استهدف محطة زابوريجيا، التي تضمّ ستّ مفاعلات ذرية، مما أسفر عن اندلاع حريق في مبنى للتدريب ومختبر.

"لا تغير" في مستوى الإشعاعات

ولاحقًا أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ أوكرانيا لم ترصد "أيّ تغيّر" في مستوى الإشعاعات في المحطة عقب القصف، في حين أعلنت السلطات الأوكرانية أنّها تمكنّت من إرسال فرق إطفاء إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية، مطمئنة إلى أنّ السلامة النووية لهذا الموقع باتت "مضمونة".

وقالت الوكالة التابعة للأمم المتحدة في تغريدة على تويتر: إنّ "أوكرانيا أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنّ الحريق الذي اندلع في موقع المحطة لم يؤثّر على المعدّات الأساسية، طاقم المحطة يتّخذ إجراءات" لاحتواء الحريق وإخماده.

من جانبه، أفاد دميترو أورلوف رئيس بلدية إنرجودار القريبة في منشور على الإنترنت بأنّ قتالًا ضاريًا يدور في المنطقة التي تبعد نحو 550 كيلومترًا جنوب شرقي كييف، مؤكدًا وقوع ضحايا.

وذكر أورلوف على قناته على تيلغرام: "نتيجة لقصف العدو المستمر لمباني ووحدات أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، فإن النيران مشتعلة في محطة زابوريجيا للطاقة النووية".

وسيطرت روسيا بالفعل على محطة تشرنوبيل المعطلة، التي تبعد نحو 100 كيلومتر شمالي كييف، والتي انطلقت منها سحب الإشعاع إلى معظم أنحاء أوروبا في عام 1986 بعد انصهار في أسوأ كارثة نووية في العالم.

بايدن يحث على إخماد الحريق

وفي ردود الفعل على الهجوم على المحطة النووية، حث الرئيس الأميركي جو بايدن موسكو على السماح لفرق الإطفاء بالوصول إلى محطة زابوريجيا لإخماد الحريق.

وقال البيت الأبيض في بيان إنّ بايدن "حضّ روسيا على وقف أنشطتها العسكرية في المنطقة والسماح لفرق الإطفاء وطواقم الإنقاذ بالوصول إلى موقع" المحطة.

من جهته، قال مسؤول كبير في الرئاسة الأميركية إنّ لا مؤشر في الوقت الراهن على "مستويات إشعاعية مرتفعة".

أما وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم فقد ذكرت أنّ المفاعلات في محطة زابوريجيا "محمية بمنشآت احتواء قوية ويجري إغلاق المفاعلات بأمان".

وأضافت غرانهولم على تويتر أنها تحدثت مع وزير الطاقة الأوكراني بشأن الموقف بالمحطة، وقالت: "لم نر أي قراءات تفيد بارتفاع الإشعاع بالقرب من المنشأة".

تصرفات "متهورة"

وفي لندن، حذّر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من أنّ تصرّفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "المتهوّرة" يمكن أن "تهدّد مباشرة سلامة أوروبا بأسرها".

وصرّح داونينغ ستريت في بيان أنّ "جونسون سيسعى لأن يعقد مجلس الأمن الدولي في غضون الساعات المقبلة اجتماعًا طارئًا لبحث هذه المسألة".

"تحييد المنشآت النووية"

وفي هذا الإطار، يوضح الباحث في مركز جنيف للدراسات ناصر زهير في حديث إلى "العربي"، من باريس، أنّ استهداف المنشآت النووية يشكل خطرًا كبيرًا بالنسبة إلى دول الاتحاد الأوروبي، خاصة أنّ وجود أي إشعاعات نووية أو ما يشبه كارثة تشيرنوبيل سينعكس على الأوروبيين القريبين من الحدود الأوكرانية.

ويرى زهير أنّ الدول الأوروبية والغربية عمومًا ستمارس ضغطًا على روسيا من أجل "تحييد المنشآت النووية والمدنية" عن الهجمات العسكرية، مؤكدًا أنّ أيّ خطأ في مسألة تلك المنشآت سيشكل "كارثة حقيقية على البشرية".

ويعتبر الباحث أنّ الأوروبيين "لم يتعاملوا بشكل جدي مع الحرب الأوكرانية" وأن "قرارهم السيادي لم يكن موجودًا في التعامل مع هذه الأزمة وأن القرار هو بيد الولايات المتحدة والناتو".

ومحطة زابوريجيا التي بُنيت في 1985، حين كانت أوكرانيا لا تزال جزءًا من الاتحاد السوفييتي السابق، تضمّ ستة مفاعلات نووية وتوفّر جزءًا كبيرًا من احتياجات البلاد من الكهرباء.

وفي 24 فبراير/ شباط دارت معارك بين القوات الروسية والجيش الأوكراني قرب محطة تشرنوبيل للطاقة النووية المغلقة منذ 1986 حين وقع فيها أسوأ حادث نووي في التاريخ.

ومحطة تشيرنوبيل التي تسيطر عليها حاليًا القوات الروسية تقع على بُعد حوالي مئة كيلومتر شمال كييف وقد شهدت في 26 أبريل/ نيسان 1986 أسوأ حادث نووي في تاريخ البشرية، إذ انفجر يومها مفاعل وتسبّب بتلوث في ثلاثة أرباع أوروبا تقريبًا، ولا سيّما في الاتّحاد السوفييتي.

وإثر الانفجار أجلي نحو 350 ألف شخص من محيط 30 كيلومترًا حول المحطة التي لا تزال منطقة محظورة. وما زالت حصيلة الخسائر البشرية لهذه الكارثة موضع جدل.

المصادر:
العربي - وكالات
شارك القصة