قضية "التآمر 2".. جبهة الخلاص تطالب بإيقاف "المحاكمات الصورية" في تونس
نددت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس، يوم أمس الإثنين، بمحاكمة شخصيات سياسية في ما يُعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة 2"، وذلك قبيل جلسة من المقرر انعقادها اليوم الثلاثاء، لمحاكمة عدد من كبار قياديي حركة النهضة ومسؤولين حكوميين سابقين.
وقالت جبهة الخلاص في بيان: "يمثل الثلاثاء عدد من القيادات السياسية من بينهم الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، ويوسف الشاهد رئيس الحكومة الأسبق، ونادية عكاشة الرئيسة السابقة لديوان رئيس الجمهورية، أمام دائرة مقاومة الإرهاب لدى محكمة تونس الابتدائية لمقاضاتهم من أجل التهم التي أضحت اليوم تقليدية مثل تكوين وفاق إرهابي والتآمر على أمن الدولة الداخلي".
وجددت الجبهة "تمسكها بحق الجميع في محاكمة عادلة وعلى رأسها حق المتهمين في الحضور بجلسة علنية للدفاع عن أنفسهم".
كما أدانت هذه المحاكمة التي "ستجري عن بُعد والتي تقوم على الانحراف بالقانون والتعسف في تطبيقه"، وفق ما جاء في البيان.
وطالبت الجبهة: "بإيقاف هذه المحاكمات الصورية الجائرة وبإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين"، مناشدة كافة القوى السياسية والمدنية المتمسكة بدولة القانون بضرورة "الضغط لإيقاف هذه المحاكمات واستعادة المناخات التي تتوفر فيها للجميع شروط المحاكمة العادلة".
"التآمر على أمن الدولة 2"
ووفق إعلام محلي، ففي 18 أبريل/ نيسان الماضي، قررت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، تحديد يوم 6 مايو الجاري لأولى جلسات النظر في القضية المعروفة إعلاميا بـ"التآمر على أمن الدولة 2".
وتشمل قائمة المتهمين في قضية التآمر على أمن الدولة 2 متهمين موقوفين على غرار كمال البدوي والغنوشي، ومتهمين آخرين محالين بحالة فرار على غرار الشاهد ولطفي زيتون وعكاشة.
وفي 20 أبريل الماضي، أصدرت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية في تونس في القضية المعروفة بالتآمر على أمن الدولة أحكامًا أوليّة بالسجن تراوح بين 4 سنوات و66 سنة بحق 37 متهمًا في القضية، بينهم 22 حضوريًا، و15 غيابيًا.
وتعود القضية إلى فبراير/ شباط 2023 عندما تم توقيف "سياسيين" معارضين ومحامين وناشطي مجتمع المدني ورجال أعمال، وجهت إليهم تهم تشمل "محاولة المساس بالنظام العام وتقويض أمن الدولة"، و"التخابر مع جهات أجنبية"، و"التحريض على الفوضى أو العصيان".
وتقول جهات معارضة ومنظمات حقوقية إن القضية ذات "طابع سياسي"، و"تُستخدم لتصفية الخصوم السياسيين وتكميم الأصوات المنتقدة للرئيس (قيس) سعيّد وخاصة الرافضين لإجراءاته الاستثنائية".
انتقادات دولية
وأثارت الأحكام انتقادات واسعة محلية وعالمية، من حكومات ومنظمات حقوقية، الأمر الذي دفع الرئيس سعيّد التنديد بتلك الانتقادات، واصفًا إياها بأنّها "تدخّل سافر في الشأن الداخلي". وجاء كلام سعيّد ردًا على تصريحات فرنسية وألمانية ومن الأمم المتحدة، اعتبرت أنّ السلطات التونسية "لم تحترم شروط محاكمة عادلة" بحقّ معارضين في قضية "التآمر على أمن الدولة".
من جهتها، اعتبرت منظمة العفو الدولية، أن الأحكام الصادرة بالقضية تشكل "مؤشرًا مقلقًا على مدى استعداد السلطات للمضي قدمًا في حملتها القمعية ضد المعارضة السلمية في البلاد".
وقالت إريكا غيفارا روساس، مديرة البحوث والسياسة في منظمة العفو الدولية: "إن الإدانة تمثل صورة زائفة عن العدالة وتوضح تجاهل السلطات التام بالواجبات الدولية المترتبة على تونس تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون".
وفي 25 يوليو/ تموز 2021 فرض سعيّد إجراءات استثنائية شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابًا على الدستور وترسيخًا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحًا لمسار ثورة 2011"، التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2012).