الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

كارثة انفجار مرفأ بيروت.. من القنبلة الموقوتة إلى ورشة إعادة الإعمار

كارثة انفجار مرفأ بيروت.. من القنبلة الموقوتة إلى ورشة إعادة الإعمار

Changed

وثائقي "العربي" يعرض للقصة الكاملة للسفينة التي حملت نترات الأمونيوم وانطلقت من جورجيا لترسو في مرفأ بيروت (الصورة: غيتي)
أدى مرفأ بيروت دورًا اقتصاديًا هامًا في لبنان، قبل أن يشهد إحدى أكبر الكوارث غير النووية في العالم، ليتحوّل إلى عنوان مأساة تحول السجالات دون بلسمة جراحها.

اختلفت ملامح العاصمة اللبنانية منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس/ آب 2020. فالمدينة التي عصف بها الدمار في يوم صيفي لاهب، تحمل ندوب الكارثة وتتحمل آلام الخسائر، متجرّعة مرارة انتظار العدالة التي لم يحن موعدها بعد.

بعد عامين من الانفجار، الذي ترك الآلاف بين قتلى وجرحى، ودمّر مساحات واسعة من المدينة، يظل مرفأ بيروت شاهدًا على النكبة التي ألمّت باللبنانيين، وفرّقت عددًا من عوائله إلى الأبد.

ولطالما أدى هذا المرفق دورًا اقتصاديًا هامًا في لبنان، قبل أن يشهد واحدة من أكبر الكوارث غير النووية في العالم، ليتحوّل منذ ذلك الحين إلى عنوان المأساة، التي تحول السجالات دون بلسمة جراحها.

"قنبلة موقوتة" في مرفأ بيروت

عُد مرفأ بيروت أحد شرايين الاقتصاد اللبناني، بوصفه أكبر نقطة شحن بحرية في البلاد؛ تمر من خلالها قرابة 70% من حركة التجارة الصادرة من وإلى لبنان.

ارتبط المرفأ مباشرة مع 56 ميناء في قارات ثلاث، واستقبل وصدّر بضائع بالتعاون مع 300 مرفأ من حول العالم.

وفيما ضم 16 رصيفًا والعديد من المستودعات وصوامع لتخزين القمح، قُدر عدد السفن، التي ترسو فيه بـ3100 سفينة سنويًا. 

أما المفارقة الكبرى، فتبقى أنّه لنحو 6 سنوات، قبل انفجار مرفأ بيروت، كان اللبنانيون يمشون بجانب "القنبلة الموقوتة"، التي خُزنت فيه.

لن يعرف اللبنانيون بوجود القنبلة وقوتها ومصدرها، قبل أن تهتز العاصمة وتتساقط أبنيتها ويموت عدد كبير من أبنائها. 

لكن وثائق ستَظهر لاحقًا، وتبيّن أن مسؤولين أمنيين لبنانيين حذروا كلًا من رئيس البلاد والحكومة من "خطر وجود أطنان من نيترات الأمونيوم في المرفأ"، قبل ما يزيد على أسبوعين من الانفجار، وفق وكالة "رويترز".

وهذه المواد الخطرة كانت قد وصلت إلى لبنان عبر سفينة انطلقت من جورجيا وتوقفت في تركيا وأثينا، وقيل إن وجهتها الموزمبيق.

وأطل القبطان بوريس بروكوشوف، الذي قاد السفينة من تركيا إلى بيروت في وثائقي لـ "العربي"، كاشفًا أن مالك السفينة "إيغور غريتشوشكين" أفرغ ثلاثة أرباع المؤونة التي تحتاجها السفينة للوصول إلى الموزمبيق، وطلب منهم التوجه إلى بيروت لتحميل حمولة إضافية.

وعززت إفادته النظرية القائلة إن الوجهة النهائية للسفينة منذ الأساس كانت بيروت، وأن المالك المزعوم للسفينة كان على علم بذلك.

4 آب.. اليوم المشؤوم

بدأ الرابع من أغسطس 2020، وكان يوم ثلاثاء، باعتباره يومًا عاديًا آخر في بيروت ومرفأها. مضى العمال إلى وردياتهم، ومنهم من غادرها فقُدر له النجاة من اللحظة المشؤومة.

قبل أن يحل المساء، اندلع حريق في أحد عنابر التخزين في المرفأ، استدعيت عناصر الإطفاء لإخماده. وإلى هناك، انطلقت سيارة إطفاء وإسعاف للوقوف على ظروف الحريق، وتقييمه، ثم الانطلاق في مهمة الإطفاء. 

وبعيد الساعة السادسة وقع الانفجار الأول، وكان خافتًا حينها، ثم تبعه انفجار ضخم تصاعدت معه أعمدة دخان حمراء في سماء مرفأ بيروت.

وعلى الأثر، أودت الكارثة بحياة العشرات داخل المرفأ وخارجه. وأطلقت مستشفيات العاصمة نداءات للتبرّع بالدم من جميع الفئات لإسعاف المصابين. 

وفي اليوم نفسه، الذي غرقت فيه العاصمة بالركام، حملت قوة الانفجار إلى سطح الماء السفينة "روسوس" التي حملت النيترات إلى لبنان، ثم غرقت في البحر عند مكسر الموج في مرفأ بيروت.

والأخير كان عند غروب اليوم المشؤوم مهشمًا ترتفع منه سحب الدخان، بينما بدت من بعيد نيران متفرقة تلتهم محتوياته. 

حرائق تهدد صوامع القمح

وبعد الرابع من أغسطس تكرّر مشهد الحريق في مرفأ بيروت، إلى حد تهديده بضرب أساسات صوامع القمح. كما أن أجزاء تساقطت منها.

تلك الصوامع لم يقوَ عليها أضخم انفجار غير نووي، وصمدت عند وقوع الكارثة بنتيجة بنائها الخرساني، فعملت على صد صدمة الانفجار وامتصاصها وحمت الأبنية والأبراج السكنية الواقعة خلفها.

وبينما أفادت السلطات وخبراء أن الحريق الذي اندلع مؤخرًا نتج عن تخمر مخزون الحبوب مع ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، يرسم كثر علامات استفهام حول توقيت الحريق في المرفأ مثيرين شكوكًا حول كونها عملًا مدبرًا تمهيدًا لهدم الصوامع. 

وكانت الحكومة قد اتخذت قرارًا بهدم الأهراء لم تلبث أن علقته بنتيجة اعتراضات مجموعات مدنية وأهالي الضحايا.

فهؤلاء يصرّون على بقائها شاهدة على فساد السياسيين وإهمالهم، الذي تسبّب بمقتل أكثر من مئتي شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، ولا سيما مع توقف التحقيقات منذ أشهر بفعل التعقيدات السياسية والقضائية.

من جهة أخرى، قامت شركة ألمانية بإزالة مواد خطرة من مرفأ بيروت. وفازت مطلع العام مجموعة شحن فرنسية بعقد إدارة وتشغيل وصيانة محطة الحاويات لمدة عشر سنوات.

وفي يونيو/ حزيران الماضي، أشار وزير الأشغال العامة علي حمية إلى أن ورشة إعادة إعمار مرفأ بيروت ستنطلق بحلول نهاية أغسطس الجاري.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close