الخميس 24 نيسان / أبريل 2025
Close

كلاب ضالة وجثث مُقطّعة.. شهادات عن مجزرة ارتكبها الاحتلال بغزة في رمضان

كلاب ضالة وجثث مُقطّعة.. شهادات عن مجزرة ارتكبها الاحتلال بغزة في رمضان

شارك القصة

ارتكبت قوات الاحتلال مجازر في غزة مع انقلاب حكومة نتنياهو على اتفاق وقف النار - الأناضول
ارتكبت قوات الاحتلال مجازر في غزة مع انقلاب حكومة نتنياهو على اتفاق وقف النار - الأناضول
الخط
تحدّث غزيّون عن جمع أشلاء جثث الشهداء من الشارع والدفاع عنها ضد الكلاب الضالة أثناء انتظارهم سيارات الإسعاف وسط تجدّد الهجمات الإسرائيلية على غزة.

مساء يوم الإثنين الماضي، التقى عدي الزايغ بصديقه وجاره معتصم زين الدين وسط مدينة غزة، حيث تحدثا بفخر عن كيفية قيام سكان حيّهم المُغربي بتنظيف الشوارع وإعادة بناء ما في وسعهم خلال الأسابيع الأخيرة، حيث بذلوا قصارى جهدهم لجعلها جميلة مرة أخرى بعد تضرّرها بشدة خلال 15 شهرًا من حرب الإبادة الجماعية.

بعد اللقاء، غادر الزايغ للنوم، قبل أن يستيقظ فجأة عند نحو الساعة الثانية فجرًا على وقع استئناف الهجوم الإسرائيلي المفاجئ على القطاع.

وقال الزايغ لمجلة "+972" الإسرائيلية: "فتحت عيني عندما سقطت على الأرض، وانهارت أجزاء من السقف والزجاج المحطّم من النوافذ على جسدي. وأضاءت ألسنة اللهب من جراء الانفجار الشقة. للوهلة الأولى ظننت أنّني ميت".

بعد أن أدرك أنّه لا يزال يتنفّس، وظنًا منه أنّ منزله مستهدف بالقصف، خشي الزايع أن تكون الغارة الجوية الثانية وشيكة. فشغّل مصباح هاتفه، وبعدما نهض من تحت الركام هرع لرفع الأنقاض عن أشقائه التسعة ووالديه، ليتمكّن من إخراجهم جميعًا إلى الشارع.

وقال الزايغ: "أزلت حجرًا كبيرًا سقط على صدر أمي، وأمسكت بيدها، وسحبتها إلى الطابق السفلي، قبل أن يُغمى عليها بعد رؤيتها جثة امرأة مقطعة أمام منزلنا".

"جثة صديقي معتصم"

وبينما كان الزايغ ينظر إلى حجم الدمار من حوله، رأى المزيد من جثث الشهداء المقطعة متناثرة في الشارع، حيث قام مع جيرانه بجمع أشلاء الجثث ووضعها في أكياس بلاستيكية على الرصيف.

وقال باكيًا: "رائحة الدم واللحم المتحلّل جذبت الكلاب الضالة إلى المنطقة. لمدة ساعتين، كنا نُلقي الحجارة عليها لحراسة الجثث حتى وصلت سيارة إسعاف واحدة. لكن لم تكن هناك مساحة إلا لأخذ الجرحى فقط، ولم يستطيعوا نقل الجثث".

ومع بزوغ الفجر، أدرك الزايغ وجيرانه وجود المزيد من الجثث المتناثرة عبر الشارع، وصُدم عندما اكتشف أنّ إحداها تعود لصديقه معتصم.

وقال: "وجدنا النصف العلوي من جثة مشوهة ملقاة على بعد 100 متر من المنزل الذي تم استهدافه. لقد كانت جثة صديقي معتصم".

"لم أتعافَ بعد"

في الساعة 1:40 من صباح اليوم نفسه، استيقظ فؤاد ساق الله البالغ من العمر 46 عامًا، في منزله بالبلدة القديمة بمدينة غزة لتحضير وجبة السحور. وبينما كان على وشك إيقاظ بقية أفراد عائلته، ضربت سلسلة من الغارات الجوية المدوية مبنىً مجاورًا.

وقال ساق الله لمجلة "+972": "كانت الأنقاض تتساقط في كل مكان، وسقط بعضها على الفراش الذي كنت أنام عليه. اعتقدت أنني أرى كابوسًا حتى تشبثت ابنتي هالة (7 سنوات) بساقي وبدأت بالبكاء بصوت عالٍ".

شهد ساق الله مسرحًا آخر للمذبحة. وقال: "كانت الجثث متناثرة في جميع الأنحاء. ذكّرتني المشاهد المؤلمة بالأيام الأولى للحرب عام 2023، والتي ما زلت أحاول التعافي منها".

أما عزّة النشّار البالغة من العمر 19 عامًا، والتي تعيش في منزل قريب من منزل ساق الله، فكانت تتلو القرآن عندما بدأ القصف.

وقالت: "اهتزت الأرض، وكانت أصوات الانفجارات مرعبة. لم أستطع تحريك جسدي لعدة دقائق بسبب الخوف".

كان أول ما شغل بال النشّار وعائلتها هو سلامة عمّها محمد، الذي نصب خيمة على سطح المبنى للعيش مع زوجته صابرين وأطفالهما الأربعة، بعد أن دمّرت الغارات الجوية الإسرائيلية منزله في الحي نفسه العام الماضي.

وقالت النشّار: "هرع أعمامي وجيراني الآخرون إلى السطح للاطمئنان عليه. وعندما وجدوه، كان قد أغمي عليه ومُغطّى بقطع من جدار مُدمّر، ونجا بإصابات طفيفة".

بالصدفة، كانت صابرين وأطفالها يقيمون في منزل عائلتها في مكان آخر بمدينة غزة، ونجوا من تلك الليلة. وقالت النشّار: "جميعنا مرعوبون، ولا نريد أن نفقد المزيد من الناس مرة أخرى".

"أفظع المجازر"

وأوضح المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لـ"972+"، أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي شنّت أكثر من 100 غارة متزامنة على منازل سكنية وملاجئ وخيام للنازحين في أنحاء قطاع غزة صباح الثلاثاء، ما أسفر عن استشهاد 400 شخص على الأقل وإصابة 600 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال.

وقال بصل: "هذه واحدة من أفظع المجازر في الحرب، عملت فرق الدفاع المدني والطواقم الطبية بأقصى طاقتها، لكنّها واجهت صعوبات جمّة بسبب نقص الآليات الثقيلة والمركبات، وبسبب القصف المتكرر على المناطق التي كانوا يعملون فيها".

ومنذ استئناف الحرب على غزة في 18 مارس/ آذار الحالي، تستمرّ الهجمات الإسرائيلية ليرتفع إجمالي عدد الضحايا إلى 634 شهيدًا، و1172 جريحًا.

وأكد بصل أنّ النظام الطبي يُكافح بسبب النقص الحاد في الموارد، مشيرًا إلى أنّ الوضع يتطلّب تحرّكًا عالميًا فوريًا لحماية المدنيين الأبرياء من المزيد من المجازر.

تابع القراءة

المصادر

ترجمات
تغطية خاصة