Skip to main content

كلّ ما نعرفه عن قضية إنستالينغو وخفاياها.. ما علاقة وضاح خنفر؟

الخميس 13 فبراير 2025
أحكام قضائية مغلظة في قضية إنستالينغو في تونس - غيتي

شكّلت الأحكام القضائية المشدّدة التي صدرت الأربعاء الماضي 5 فبراير/شباط الجاري بحق معارضين تونسيين، في ما يُعرف بـ"قضية إنستالينغو، صدمة داخل البلاد وخارجها، ومردّ ذلك أن القضية تتعلق في الأساس بالإعلام الذي تراجع إلى خلفية الحدث، مع التحقيقات الممتدة منذ عام 2021 حتى ساعة صدور القرار.

فقد توسّعت التحقيقات وشملت شخصيات سياسية معارضة تؤكد بيانات أحزابها وحركاتها ألا علاقة لها بالقضية، ليُحكَم في نهايتها بالسجن 22 عامًا على رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إضافة إلى صهره وابنته.

كما حُكم على رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي 35 عامًا، وعلى الصحافية شذى الحاج مبارك بالسجن خمس سنوات، والصحافية شهرزاد عكاشة بالسجن لمدة 27 عاما، إضافة إلى آخرين في القضية التي تحمل اسم شركة إنتاج محتوى رقمي. 

وحُكم أيضًا على الصحافي الفلسطيني وضاح خنفر الذي يشغل حاليًا منصب رئيس منتدى الشرق، وسبق له ترؤس شبكة الجزيرة الإعلامية (2008-2011)، بالسجن غيابيًا لـ32 عامًا.

وكان لافتًا أن التغطيات الصحافية للقضية تجاهلت إدراج اسم خنفر في قائمة المحكوم عليهم، رغم الحكم عليه بعدد سنوات أكبر من تلك التي حُكم بها على رئيس حركة النهضة نفسه، فما علاقة خنفر بالقضية؟

قضية إنستالينغو.. كرة ثلج تتدحرج

في سبتمبر/ أيلول 2021، داهمت فرقة أمنية مقر شركة "إنستالينغو" في معتمدية القلعة في محافظة سوسة (شرق تونس)، إثر ما قالت النيابة إنه ورود معلومات تفيد بشبهة تورطها (الشركة) في الاعتداء على أمن الدولة، وتبييض أموال، والإساءة إلى "الغير" عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

القيام بأمر موحش بحق الرئيس من الاتهامات الموجهة في قضية انستالينغو-غيتي

وفي أكتوبر/ تشرين الأول، أوقفت السلطات عددًا من العاملين في الشركة بينهم صحافيون وإداريون وفنيون، كما صادرت وحدات إنتاج تلفزيونية وفنية، وكان من بين الموقوفين صاحب الشركة هيثم الكحيلي وزوجته.

وكان الكحيلي أسّس شركة "إنستالينغو" عام 2014 في محافظة سوسة ضمن قانون الشركات الصادر عام 1972، الذي يصنّف إنتاج الشركات الخاضعة لبنوده في خانة التصدير "الكلي"، ولا يسمح بتداوله داخل الأراضي التونسية.

وغالبًا ما يكون هذا النمط من الشركات فروعًا لشركات أجنبية تعمل خارج البلاد، وفي سبعينات القرن الماضي كان القانون ينطبق على شركات عاملة في مجال النسيج لصالح شركات أجنبية تفيد من رخص العمالة التونسية.

وللشركة مقران في تونس وتركيا، ويدير الفرع التركي الشريك في ملكيتها محمد بشير العرنوسي (مؤسس ورئيس تحرير موقع نون بوست). 

وفي تعريفه لنفسه، يتحدث العرنوسي عن عمله في شبكة الجزيرة الإعلامية لمدة 12 عامًا، وتطويره عددًا من منصات الأخبار ومنها "نون بوست" وتطبيق "أسطرلاب"، وتأسيسه شركة "فايرال ميديا" عام 2016 في تركيا، لتقديم الخدمات الإعلامية التي تشمل إنتاج المحتوى الإعلامي الرقمي، والوسائط المتعددة الرقمية، والإعلانات الرقمية، وسواها. 

وهو إلى ذلك مؤسس منتدى الشرق الشبابي، المنبثق عن منتدى الشرق الذي يديره الصحافي الفلسطيني وضاح خنفر، وربما هذا ما يفسّر الحكم المغلّظ على الأخير (خنفر) في قضية "إنستالينغو".

ما علاقة وضاح خنفر؟

يدير خنفر عددًا من المؤسسات الصحافية العابرة للدول، وهو نمط قانوني من الشركات الكبرى التي توائم بين قوانين بلد المقر-الأم للشركة وقوانين البلاد التي تنشط فيها فروع الشركة. 

وضاح خنفر رئيس منتدى الشرق مدير شبكة الجزيرة السابق-غيتي

وبالإضافة إلى رئاسته لمنتدى الشرق، ترتبط عدة مواقع إخبارية ذات انتشار واسع بخنفر، ومنها "نون بوست" و"عربي بوست" و"عربي 21"، ومن حيثيات الاتهام في قضية "إنستالينغو" يمكن إضافة الشركة التونسية لإنتاج المحتوى ضمن الشبكة الإعلامية التي يقف وراءها خنفر.

ورغم أن المحكمة التونسية التي قضت في قضية "إنستالينغو" لم تقدّم تفاصيل المخالفات القانونية أو الجرائم التي ارتكبها المحكوم عليهم، وهم خليط من السياسيين والصحافيين والناشطين والمدونين، إلا أن ما كُشف يشير إلى أنها قضية تتعلق بالحريات الصحافية أكثر من كونها جرائم أمن دولة أو تخابر وتبييض أموال كما جاء في لائحة الاتهام.

حملات دعائية لمعارضين

وبحسب تسلسل الأحداث في القضية فقد قامت "إنستالينغو" عام 2019، قبل مداهمة مقرها الرئيسي في تونس بعامين، بإنشاء فرع لها لتقديم الخدمات الإعلانية والدعائية اسمه tube lingo  وهو متخصص في إدارة الحملات الدعائية والترويجية، على غرار آلاف الشركات العاملة في هذا المجال عبر العالم.

وهو ما أثار ريبة السلطات التونسية، خاصة أن فرع الشركة الجديد عمل لصالح بعض معارضي نظام الرئيس قيس سعيد، ومنهم هشام المشيشي وهو رئيس وزراء سابق شكّل إحدى حكومات سعيد، وعبد الكريم الزبيدي وهو وزير دفاع سابق، إضافة إلى شخصيات ذات صلة بحركة النهضة.

حكم على الغنوشي بالسجن لمدة 22 عاما في قضية انستالينغو-غيتي

يشار إلى أنه يعمل في شركة "إنستالينغو" أكثر من 90 موظفًا أغلبهم من النساء، وتقوم بترجمة المحتوى الرقمي في المنطقة، وتترجم شهريًا أكثر من مليون كلمة، فضلًا عن صناعة المحتوى الرقمي بكل أنواعه، بحسب بيان  تعريفي للشركة.

واستنادًا إلى هذا لا يمكن معرفة الحيثيات التي استندت إليها النيابة التونسية في لائحة الاتهام المعلنة، خاصة أن أغلب المتهمين لا علاقة مباشرة لهم بالشركة وليسوا من موظفيها.

"أمر موحش" ضد الرئيس

وتتلخص الاتهامات في ما وصف "بتبديل هيئة الدولة" و"حمل السكان على مواجهة بعضهم البعض بالسلاح"، و"إثارة الهرج والقتل والسلب" داخل البلاد، و"ارتكاب أمر موحش" ضد رئيس الدولة"، والمؤامرة لارتكاب اعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي.

وأضيفت إلى ذلك تهمة أخرى بعد أن نظر قاض آخر في القضية عام 2022 استنادًا إلى ما قيل إنها تحليلات مالية، وخلصت إلى وجود شبهة غسيل أموال، وتقرر بناء على ذلك توقيف 9 متهمين من بينهم الناطق باسم وزارة الداخلية سابقًا محمد علي العروي وصحافيون ومدونون، قبل أن تأذن النيابة بالتحقيق مع 27 متهمًا آخرين من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام وابنته سمية، وآخرون "في حالة فرار".

حركة النهضة وصفت الأحكام في قضية انستالينغو بالقاسية والظالمة-غيتي

ويقول أنصار الرئيس سعيد إن "إنستالينغو" كانت أداة استخدمتها حركة "النهضة" لتشويه خصومها ومن بينهم الرئيس نفسه، وهو ما نفته المعارضة وطيف واسع من الحركات السياسية التونسية، بينما اعتبرت حركة "النهضة" أن المحاكمة "سياسية ظالمة"، وجاءت في سياق "التشفي والاعتداء على أبسط الحقوق والحريات، وعلى أبسط أسس دولة القانون والحريات".

وقالت الحركة في بيان أصدرته بعد صدور قرار المحكمة إن المحاكمة "تمثل اعتداء صارخًا على استقلالية القضاء وحياديته وتسييسًا فاضحًا لإجراءاته وأحكامه"، مضيفة أن الأحكام "تتناقض بشكل تام مع حاجة البلاد للحوار والوحدة الوطنية في مجابهة التحديات الخطيرة" التي تمر بها المنطقة.

وشدّدت "النهضة" على أن "شركة "إنستالينغو" مختصة بإنتاج المحتوى الإعلامي والصّحفيّ بما في ذلك الترجمة، وتقدّم خدمات إعلاميّة متنوّعة شمل بعضها المشاركة في الحملات الانتخابية لعدد من المترشّحين للحملات الانتخابية الرّئاسيّة لسنة 2019، وليس من بينهم مرشح حركة النهضة في تلك الانتخابات".

وأضافت أن "هذه القضية شملت عددًا من السياسيين وأعضاء الحكومات السابقين وموظفي الدولة والصحفيين والمدونين، لا علاقة لعدد منهم ببعضهم البعض، ولم تثبت المحكمة هذه العلاقة بينهم".

ولفتت إلى أن "إجراءات هذه القضية شابتها منذ يومها الأول إلى صدور الحكم إخلالات وتجاوزات لا تكاد تحصى، مثل منع المحامين من الترافع عن بعض المتهمين، أو الادعاء على بعضهم دون دليل مادي أو معنوي".

المصادر:
خاص موقع التلفزيون العربي
شارك القصة