قال ضابطان مطلعان في جيش بنغلاديش لوكالة رويترز، اليوم الأربعاء: إن رئيس الأركان الجنرال وقر الزمان عقد اجتماعًا مع كبار الضباط في الليلة التي سبقت فرار رئيسة الوزراء الشيخة حسينة المفاجئ من البلاد، وسط احتجاجات دامية، وقرر أن القوات لن تفتح النار على المدنيين لفرض حظر تجول.
ووفقًا لمسؤول هندي مطلع، اتصل الزمان بعد ذلك بمكتب حسينة وأبلغها بأن الجنود لن يتمكنوا من تنفيذ الحظر الذي طلبته. وأضاف المسؤول أن الرسالة لحسينة كانت واضحة، وهي أنها لم تعد تحظى بدعم الجيش.
ولم يُعلن من قبل عن تفاصيل الاجتماع الذي عُقد عبر الإنترنت بين كبار قادة الجيش، أو الرسالة التي تلقتها حسينة بأنها فقدت الدعم.
الإطاحة برئيسة الوزراء في بنغلاديش
والإثنين، أعلن قائد الجيش في بنغلاديش وقر الزمان، أنه سيتم تشكيل حكومة انتقالية في البلاد، بعد استقالة حسينة واجد ومغادرتها مقر إقامتها الرسمي إلى الهند، على متن مروحية عسكرية مع شقيقتها الشيخة ريحانة، مع استمرار الاحتجاجات في العاصمة حيث اقتحم متظاهرون المقر الرسمي لرئيسة الوزراء.
واندلعت الاحتجاجات في بنغلاديش على خلفية إعادة المحكمة العليا في يونيو/ حزيران العمل بنظام المحاصصة، الذي يخصص 56% من الوظائف الحكومية لفئات ديموغرافية معينة، بينها عائلات المحاربين القدامى الذين شاركوا في حرب الاستقلال عام 1971 التي انفصلت بموجبها البلاد عن باكستان، وتصل حصة هذه الفئة من الوظائف الحكومية إلى 30%.
وتجدّدت الاحتجاجات الأحد بعد حظر الحكومة حزب الجماعة الإسلامية المعارض وجناحها الطلابي، وسط مطالبات بالعدالة للذين قضوا خلال الاحتجاجات الأولى.
وتساعد التقارير الأخيرة عن قرار الجيش على تفسير سبب انتهاء حكم حسينة بطريقة فوضوية مفاجئة يوم الإثنين، بعد أن حكمت لمدة 15 عامًا وقلما تسامحت خلالهم مع المعارضة.
وفُرض حظر التجول في عموم البلاد بعد مقتل العشرات وإصابة المئات في اشتباكات يوم الأحد، الذي سقط فيه أكبر عدد من القتلى منذ بدء الاحتجاجات ضد حسينة بقيادة الطلاب.
سحب الدعم
وأكد المتحدث باسم الجيش اللفتنانت كولونيل سامي أود دولا تشودري المناقشات، التي جرت مساء يوم الأحد، ووصفها بأنها اجتماع عادي للاطلاع على آخر المستجدات بعد أي اضطرابات. ولم يدل بتفاصيل حين طرحت عليه أسئلة أخرى عن اتخاذ القرار في ذلك الاجتماع.
ولم يفسر الجنرال وقر الزمان علنًا سبب قراره سحب الدعم من حسينة. لكن 3 ضباط سابقين في الجيش البنغالي قالوا لوكالة رويترز، إن حجم الاحتجاجات وعدد القتلى الذي بلغ 241 شخصًا على الأقل، جعلا دعم حسينة بأي ثمن أمرًا غير مقبول.
وقال البريجادير جنرال المتقاعد م. سخاوات حسين: "كان هناك قدر كبير من عدم الارتياح وسط القوات. وربما كان هذا هو السبب وراء الضغوط على رئيس أركان الجيش لأن القوات كانت هناك وتراقب ما يحدث".
وأظهر الزمان علامات تردد يوم السبت في دعمه لرئيسة الوزراء، عندما خاطب مئات الضباط في اجتماع، وهو يجلس على كرسي خشبي مزخرف. وكشف الجيش في وقت لاحق عن بعض تفاصيل تلك المناقشة.
وقال المتحدث باسم الجيش: إن الجنرال أكد على ضرورة حماية الأرواح، ودعا الضباط إلى التحلي بالصبر. وكان هذا أول مؤشر على أن الجيش لن يستخدم القوة لقمع المظاهرات العنيفة، مما ترك حسينة في موقف ضعيف.
فرار حسينة
وتحدى ضباط كبار متقاعدون، مثل البريجادير جنرال محمد شاهد الأنام خان، حظر التجول يوم الإثنين وخرجوا إلى الشوارع. وقال خان، الذي كان من سلاح المشاة: "لم يوقفنا الجيش. لقد فعل ما وعد به".
ومع خروج الوضع عن سيطرة حسينة (76 عامًا)، قررت الفرار من البلاد، حيث يقول مصدر من بنغلاديش لرويترز، إن رئيسة الوزراء ناقشت الأمر وشقيقتها، التي تعيش في لندن، لكنها كانت في داكا في ذلك الوقت، وسافرتا معًا جوًا إلى الهند في وقت الغداء بالتوقيت المحلي.
وذكر مسؤول هندي ثان للوكالة نفسها، أنه تم إبلاغ حسينة بالطرق "الدبلوماسية" بأن إقامتها يجب أن تكون مؤقتة، خوفًا من تضرر العلاقات مع الحكومة المقبلة في داكا.