الأحد 21 أبريل / أبريل 2024

كواليس سقوط نظام البشير.. شهادة مثيرة لخالد يوسف حول الثورة السودانية

كواليس سقوط نظام البشير.. شهادة مثيرة لخالد يوسف حول الثورة السودانية

Changed

الحلقة الأولى من سلسلة شهادات خالد عمر يوسف على شاشة العربي ضمن برنامج "وفي رواية أخرى" (الصورة: غيتي)
في الحلقة الأولى من سلسلة شهادات عبر "وفي رواية أخرى"، يروي خالد عمر يوسف وقائع هامة في مسار الثورة السودانية التي أطاحت بنظام عمر البشير.

يطلّ وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق خالد عمر يوسف في سلسلة شهادات مثيرة تُعرض أسبوعيًا ضمن برنامج "وفي رواية أخرى"، الذي يقدّمه بدر الدين الصائغ عبر شاشة "العربي أخبار".

في الحلقة الأولى، يروي خالد عمر يوسف، المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، وقائع هامة في مسار الثورة السودانية التي أطاحت بنظام عمر البشير.

ويعرّج القيادي المثير للجدل في حزب المؤتمر السوداني، على أبرز المحطات في مسار الحراك الشعبي الذي انطلقت شرارته بتاريخ 18 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018، والذي رسّخ قناعة لدى المدنيين أنه لا يمكن التعايش في ظل حكم العسكر.

ويتوقف خالد عمر يوسف مطولًا عند العلاقة المتأزمة بين قوى الحرية والتغيير والمكوّن العسكري في السودان وأسباب التصدع الحاصل في الائتلاف المدني، إلى غاية انقلاب العسكر على حكومة عبد الله حمدوك في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

"زلزال سياسي ومجتمعي"

يعتقد خالد عمر يوسف أن انفصال جنوب السودان في 7 فبراير/ شباط 2011 عقب إعلان نتائج الاستفتاء، وقبله انطلاق شرارة الربيع العربي في تونس وامتدادها لباقي الدول العربية، مهدا للثورة على نظام البشير، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد منذ انقلابه على النميري قبل ثلاثين سنة، وكواليس تنحيه عن منصبه تحت ضغط الشارع بتاريخ 11 أبريل/ نيسان 2019.

ويرى أن انفصال جنوب السودان، الذي كرّس الوجه الآخر لبلد عجز قادته عن احتواء التنوع الثقافي والعرقي، أحدث زلزالًا سياسيًا ومجتمعيًا في السودان.

ويشير الرجل، الذي شغل منصب الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني، إلى أن السودان قد يواجه مطالب انفصالية أخرى حال استمرار حالة الانسداد السياسي والأزمات الاقتصادية، مؤكدًا أن لا وجود لبديل للتحول الديمقراطي إلا بالديمقراطية.

ويرى خالد عمر يوسف أن نظام عمر البشير بسياساته فشل في إدارة التنوع العرقي والتعدد الثقافي في السودان، وهو ما أدى إلى حروب أهلية وانقسام البلاد في أزمة تدفع البلاد فاتورتها باهظة إلى اليوم، مشددًا في السياق ذاته على أن تنوع المجتمع السوداني يجعل التوافق على مشروع موحد أمرًا معقدًا للغاية، وفق تعبيره.

يعتقد خالد عمر يوسف أن انفصال جنوب السودان وقبله الربيع العربي مهدا للثورة على نظام البشير - غيتي
يعتقد خالد عمر يوسف أن انفصال جنوب السودان وقبله الربيع العربي مهدا للثورة على نظام البشير - غيتي

"الانقسام فوّت فرصة إحداث تغيير"

بالعودة إلى كرونولوجيا ومسار حكم نظام عمر البشير، يكشف خالد عمر يوسف أن أول مطلب رُفع في الشارع السوداني لإسقاط نظام البشير، كان قد طُرح يوم 30 يونيو 1989، أي غداة الانقلاب مباشرة وتوليه السلطة.

ويعتبر أن انقسام جبهة المعارضة السودانية في سبتمبر/ أيلول 2013 فوّت فرصة إحداث التغيير وإسقاط نظام البشير، في إشارة إلى المظاهرات الضخمة التي شهدتها الخرطوم وأم درمان للمطالبة برحيل النظام وسرعان ما أجهضها النظام.

وبالحديث عن أسباب صمود نظام عمر البشير خلال موجة الربيع العربي الأولى، يقول إن مواقف غازي صلاح الدين، وزير الإعلام والخارجية في نظام البشير سنة 2013، أعطت الانطباع بوجود انقسام في أعلى مراكز صناعة القرار، وخلقت جوًا مشحونًا في أعلى هرم السلطة عقب خروج مئات الآلاف من السودانيين للشوارع مطالبين برحيل عمر البشير.

ويلفت إلى أن الأخير نجح مرة أخرى عبر أذرعه الأمنية والاقتصادية، وفق سياسة الترغيب والترهيب، في وأدها نتيجة عدم وحدة صف المعارضة والانشقاق، الذي ضرب الهيكل التنظيمي لها لغياب قيادة موحدة تؤطر الحراك الشعبي.

وعن تمكّن الإسلاميين من إحكام قبضتهم على مفاصل صناعة القرار في عهد عمر البشير، يعتبر أن نظام حزب المؤتمر الوطني، الذي هو امتداد للجبهة الإسلامية الوطنية الذي ترأسه البشير، كان مستعدًا للتضحية بالشعب من أجل مشروعهم الأيديولوجي، وهو ما أدى لدخول السودان في أتون أزمات عدة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية.

انطلقت شرارة الثورة السودانية ضد نظام البشير بتاريخ 18 ديسمبر من عام 2018 - غيتي
انطلقت شرارة الثورة السودانية ضد نظام البشير بتاريخ 18 ديسمبر من عام 2018 - غيتي

"الحالة الاستثنائية في المشهد السوداني"

إلى ذلك، يعتقد وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق أن مظاهرات 13 ديسمبر 2018 في الدمازين كانت الشرارة الرئيسة لثورة الإطاحة بنظام البشير، أعقبتها مظاهرات ضخمة بتاريخ 19 ديسمبر 2018 في مدينة عطبرة، انتهت بحرق مقر الحزب الحاكم؛ وكان لهما أثر رمزي في انطلاق الثورة، لا سيما بعد قرارات عمر البشير رفع الدعم على الكثير من السلع وهو ما أجّج الشارع. 

ويكشف عن دور مؤثّر لتجمع المهنيين في السودان، الذي رفع شعار إسقاط النظام لأول مرة وعلنًا في مظاهرات دعا إليها يوم 25 ديسمبر 2018، ثم ميلاد قوى الحرية والتغيير التي استمدت شرعيتها وقوة تمثيلها من الشارع السوداني، الذي عوّلت على وعيه في إحداث توازن للقوى في البلد وإبعاد قبعة الجيش تمامًا عن السياسة. 

ويصف يوسف تحالف قوى الحرية والتغيير بـ"الحالة الاستثنائية" في المشهد السياسي السوداني قبل سقوط نظام البشير. 

"أسماء مستعارة لتضليل الأجهزة الأمنية"

وفي سياق عرضه لكواليس تُكشف لأول مرة بخصوص تحركات رموز المعارضة السودانية وطريقة نشاطها السري بعيدًا عن أعين الأجهزة الأمنية، يلفت إلى أن اختيار وجوه مقيمة خارج السودان في قوى الحرية والتغيير ساهم في استمرارية الثورة، رغم حملة الاعتقالات التي طالت وجوهًا من الصف الأول في بدايتها.

ويكشف أن قادة في قوى الحرية والتغيير كانوا يحملون أسماء مستعارة في مجموعات وسائط التواصل الاجتماعي لتضليل الأجهزة الأمنية.  

وعمّا أُشيع بخصوص صلاح غوش، رئيس جهاز الأمن القومي السوداني في عهد عمر البشير، يقول خالد عمر يوسف إن الذراع الأيمن لعمر البشير كان يناور للتموقع، ولم يتفاوض مع القوى السياسية المعارضة، بل أراد إجهاض تحركات قوى الحرية والتغيير. 

ويعترف بأن قوى الحرية والتغيير، فشلت في استيعاب طاقات وكفاءات ملايين السودانيين، وواجهت صعوبات في التحوّل من المعارضة الكلاسيكية، على حد تعبيره، إلى إدارة البلاد والانفتاح على فرقاء آخرين في المشهد السياسي السوداني.

نجحت الثورة السودانية في إسقاط نظام عمر البشير لكن الأزمة لم تنتهِ فصولًا - غيتي
نجحت الثورة السودانية في إسقاط نظام عمر البشير لكن الأزمة لم تنتهِ فصولًا - غيتي

من أراد إجهاض الثورة السودانية؟

ويتحدث خالد عمر يوسف بإسهاب عن تفاصيل حراك ديسمبر وتوجهات الأحزاب والقوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني بين مؤيد ومتحفظ ورافض. ويتوقف عند سيطرة الجيش على الحكم بعد التوصل إلى اتفاق الوثيقة الدستورية عام 2019، والأخطاء التي وقع فيها كل من المكون العسكري والمدني.

ويستنتج أن القوى الإقليمية والدولية، لا سيما واشنطن والاتحاد الأوروبي، لم تكن مقتنعة بفكرة قدرة الشارع السوداني على إسقاط عمر البشير في بدايات الحراك الشعبي. 

إلى ذلك، يجدد القيادي المثير للجدل في حزب المؤتمر السوداني، تأكيده أن أحمد عوض بن عوف، آخر وزير دفاع في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير، كان يريد الالتفاف على مطالب الشعب السوداني. 

ويردف بأن بن عوف أراد "إجهاض الثورة من خلال تحركاته في الوقت بدل الضائع، التي اعتبرها تجمع المهنيين بمثابة انقلاب عسكري، لذلك استدعى الوضع مواصلة قوى الثورة احتجاجاتها واعتصاماتها في الشارع وأمام المباني الحكومية حتى يتم الإعلان عن الانتقال إلى حكومة مدنية وما أعقبه من تنحي وزير الدفاع، وتولي عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي.

المزيد عن هذه المحاور بشهادة وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني السابق خالد عمر يوسف في الحلقة المرفقة من برنامج "وفي رواية أخرى".


المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close