الثلاثاء 26 مارس / مارس 2024

لا انفراد ولا تفرد.. هل تعود تونس إلى حقبة ما قبل إجراءات قيس سعيّد؟

لا انفراد ولا تفرد.. هل تعود تونس إلى حقبة ما قبل إجراءات قيس سعيّد؟

Changed

رفع آلاف المحتجّين التونسيين شعارات تنادي بالخروج من حالة الاستثناء والعودة إلى المسار الديمقراطي
رفع آلاف المحتجّين التونسيين شعارات تنادي بالخروج من حالة الاستثناء والعودة إلى المسار الديمقراطي (رويترز)
يقول لسان حال التونسيّ إن ما سبق لن يعود كما كان، فالمطلوب مراجعة شاملة لتجاوز الأزمة وربما البحث عن مشهد سياسي مختلف عمّا قد سلف.

مرّة أخرى، كانت الكلمة في تونس للشارع الذي "انتفض" على طريقته، وعبر تظاهرات حاشدة وسط العاصمة، وتحديدًا قرب البرلمان المجمَّد بقرارات الرئيس قيس سعيّد.

في هذه التظاهرات، رفع آلاف المحتجّين التونسيين شعارات تنادي بالخروج من حالة الاستثناء والعودة إلى المسار الديمقراطي، في وقت كان سعيّد يبحث الأوضاع في البلاد مع أمين عام الاتحاد التونسي للشغل.

جاء ذلك تلبية لدعوة من منظمة "مواطنون ضد الانقلاب" الوليدة التي تسير على هوى كتل وأحزاب رفضت قرارات الرئيس قيس سعيّد الصادمة، وتنادي بديمقراطية سلبها الرئيس "في غمضة عين".

فأي أثر لتظاهرات اليوم وهي جزء من حراك شعبي متواصل على المشهد السياسي التونسي؟ وما هي فرص نجاح خارطة الطريق التي قدمتها مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" في إخراج البلاد من أزمتها الراهنة؟

"قوة لا يُستهان بها"

هو الشارع إذًا يحتلّ الصدارة في تونس من جديد، بعدما أثبت أنّه قوة لا يستهان بها أسقطت حكومات من قبل وانتزعت سلطات قادة.

ومن خلال الشارع، اختارت منظمة "مواطنون ضد الانقلاب" الترويج لخارطة طريق تبدأ من عودة مجلس النواب لسلطاته التشريعية ليتولى فورًا تعديل نظامه الداخلي.

وتقوم خارطة الطريق كذلك على تشكيل حكومة إنقاذ وطني تنقّي الأجواء مع الداخل والخارج، تمهيدًا لانتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة في النصف الثاني من العام المقبل.

"ما سبق لن يعود كما كان"

هو مرأى حل في جو حالك من الفراغ السياسي، لكن هل يريد التونسيون العودة حقًا إلى ما قبل 25 يوليو/ تموز؟

بحديث الديمقراطية يجزم التونسيون بنعم، وإن كانوا يحمّلون القوى السياسية برمّتها 10 سنوات من الفشل في إدارة الدولة.

لكنّ لسان حال التونسيّ يقول إن ما سبق لن يعود كما كان، ففشل تلك الحقبة يتطلب مراجعة شاملة لتجاوز أزمات خانقة وربما البحث عن مشهد سياسي مختلف عمّا قد سلف.

باختصار، تقوم المعادلة الجديدة على مبدأ "لا انفراد الرئيس بالحكم ولا تفرد قوى سياسية بالسلطة". بمعنى آخر، هي تونس مختلفة يريدها التونسيون وهم يبقون على آمال عودة البلاد إلى ما قبل 25 يوليو.

"كشف زيف الانقلاب"

يؤكد عضو الهيئة التنفيذية للمبادرة الديمقراطية جوهر بن مبارك أنّ المظاهرة والوقفة الاحتجاجية التي شهدتها تونس الأحد كانت ناجحة جدًا وحقّقت كلّ أهدافها.

ويشير بن مبارك في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى مكسب آخر حققته هذه المظاهرة، وهي "كشف زيف الانقلاب في ادعائه بالمحافظة على الحقوق والحريات، وفق ما يتشدق أمام كل السفراء والوفود الأجنبية التي تأتي إلى تونس".

ويلفت إلى أنّ السلطة القائمة في تونس "قطعت أوصال البلاد ومنعت الناس وعلّقتهم على الطرقات بالآلاف وحاصرت مداخل العاصمة وعسكرت كل مدينة تونس العاصمة واحتجزت وأوقفت ناشطين وطلبة ومواطنين ضد الانقلاب وقامت بوضع قوائم للناس الذين شاركوا في هذه الاحتجاجات".

ويقول: "عدنا إلى مربع الدفاع عن الحقوق والحريات الذي خلنا أننا قد تجاوزناه بعد 10 سنوات من البناء الديمقراطي".

تحركات أسبوعية تصاعدية

لكنّ بن مبارك يشدّد في الوقت نفسه على أنّ "الهدف الأساسي لهذا التحرك تحقق وهو أن ترفع المبادرة الديمقراطية الآن بطريقة شعبية".

ويضيف: "نحن قدمنا تصوّرًا سياسيًا للحل يقوم بالأساس على الذهاب إلى انتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية حتى يقول الشعب التونسي كلمته الفصل ولا تدار الصراعات بهذه الطريقة في ظهر الشعب التونسي".

ويكشف عن قرار الجهات المنظمة "تصعيد التحركات في الجهات وفي الخارج"، مشيرًا إلى أنّه "ستكون هناك تحركات أسبوعية في كل تراب الجمهورية وفي كل الولايات وفي كل العواصم الأوروبية من أجل دحض الانقلاب".

التونسيون "ملّوا" الانتظار

من جهته، يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة الشعب التونسية حافظ السواري أنّ حق التظاهر والتعبير عن الرأي مكفول، "وكل من يختلف في الرأي أو الموقف لا بد أن يتمكّن من أن يعبّر عن موقفه بكل حرية، وهذا موقف مبدئي بالنسبة لنا في حركة الشعب".

لكن السواري يلفت في حديث إلى "العربي"، من تونس، إلى أنّ المطلوب اليوم حوار شامل بين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ورئيس الجمهورية.

ويعتبر أنّ التواصل الذي جرى بين الاتحاد العام التونسي للشغل ورئاسة الجمهورية مطلوب لتوضيح لرؤية وليكون هناك خارطة طريق واضحة وللتعجيل في إنهاء هذه المرحلة الاستثنائية ورسم ملامح المرحلة المقبلة.

ويشدّد على أنّ التونسيين ملّوا حركة الانتظار، "والحوار لا بدّ أن يكون شفّافًا وعلنيًا أمام كل التونسيين"، داعيًا في هذا السياق إلى حوار يضمّ الجميع ليكون حوارًا مجتمعيًا حقيقيًا.

ويعتبر أنّ الحوار الذي يطرحه رئيس الجمهورية ليس بالحوار البنّاء وليس بالحوار الذي سيعالج المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الموجودة في تونس، مشدّدًا على ضرورة أن يلتفت رئيس الجمهورية إلى الأحزاب والمنظمات الوطنية ليفتح معها حوارًا حقيقيًا في العمق.

الرئيس قيس سعيّد "تحت الضغط"

أما الباحث السياسي صلاح الجورشي، فيعرب عن اعتقاده بأنّ اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بالأمين العام للاتحاد التونسي للشغل يُعتبر خطوة إيجابية، "وكأنه بداية حلحلة الموقف السياسي والتكتيك الذي اختاره رئيس الجمهورية عندما رفض الحوار مع الجميع".

ويعرب في حديث إلى "العربي"، من تونس، عن اعتقاده بأنّ سعيّد "تحت الضغط أو على الأقل أدرك أن هناك تطورات تحصل على مستوى جزء من الطبقة السياسية".

ويشير إلى أنّ تجمّع اليوم كان مهمًا ورمزيًا وله دلالات ورسائل سياسية يفترض أن تكون قد وصلت إلى رئيس الجمهورية بشكل واضح ولذلك اختار أن يفتح الحوار مع الأمين العام للاتحاد، رغم أن الاتحاد انتظر منذ أسابيع ورئيس الجمهورية لم يتجاوب مع رسائله وبياناته.

ويقول: "اليوم رئيس الجمهورية يجد نفسه مضطرًا للتحاور مع الاتحاد، وربما تكون هذه خطوة تتبعها خطوات أخرى، لكن المؤكد أن رئيس الجمهورية بدأ يسمع صوتًا مختلفًا".

وإذ يعتبر أنّه "كان يفترض أن يقع التعامل مع هذا الصوت المختلف بطرق بعيدة عن الطرق الأمنية"، يشدّد على أنّ "المهم ليس في عدد الذين شاركوا ولكن في التعبير والرسالة ومضمون هذه الرسالة التي كانت واضحة". ويخلص إلى أنّ ما هو مطلوب الآن من رئيس الجمهورية أن ينفتح أكثر على أطراف سياسية أخرى.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close