Skip to main content

"لا وقت لديهم ولا صوت".. نفاد الحليب يُهدّد حياة أطفال غزة الخدّج

الخميس 26 يونيو 2025
نفدت مخزونات الحليب الصناعي المخصّص للأطفال من مستشفيات غزة - أسوشييتد برس

تُراقب الغزيّة سهام فوزي خضير رضيعها هشام اللحّام وهو يرقد داخل حاضنة متهالكة، وتستمع إلى صراخه الخافت الممزوج بصوت الأجهزة الطبية.

تشعر الأم بقلق متزايد تجاه رضيعها المولود حديثًا، والذي يتنفّس بمساعدة الأجهزة ويتغذّى من خلال أنبوب وُضع بأنفه الصغير.

مصدر قلقها الأساسي يتمثّل في أنّ الوصفة الطبية التي يحتاجها للبقاء على قيد الحياة، بدأت تنفد.

وقالت الأم لوكالة "أسوشييتد برس": "لا يوجد حليب. إنه يحتاجه ليتحسن، ويعيش".

وهشام هو من بين 580 طفلًا خديجًا مُعرَّضين لخطر الموت جوعًا في قطاع غزة، الذي مزّقته الحرب، وسط حصار إسرائيلي يمنع وصول المساعدات اللازمة للمستشفيات وسكان القطاع، بينما يقتل الاحتلال المجوّعين الذين يقصدون مراكز توزيع المساعدات المحدودة في القطاع.

وأكد الأطباء في غزة أنّ الوضع حرج، على الرغم من وصول بعض حليب الأطفال.

وقال الدكتور أحمد الفرّا، رئيس قسم الأطفال والتوليد في مجمع ناصر الطبي، لوكالة أسوشييتد برس: "هؤلاء الأطفال ليس لديهم وقت.. ولا صوت".

"كارثة يُمكن تجنّبها"

تقدّم الحاضنات في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في مجمع ناصر العلاج لعشرة أطفال خدّج بينهم هشام.

وفي الأسبوع الماضي، دقّ الدكتور الفرّا ناقوس الخطر، مشيرًا إلى أنّ مخزون المستشفى من الحليب الصناعي "قد نفد تمامًا". وحذّر من أنّ الأطفال الصغار سيُواجهون "كارثة يُمكن تجنّبها" في غضون يومين أو ثلاثة أيام.

ولبّت منظمة "رحمة الدولية" نداءاته جزئيًا، بتسليم 20 صندوقًا من حليب الأطفال خلال عطلة نهاية الأسبوع. لكنّ الفرّا أكد أنّ هذه الكمية تكفي لتغطية احتياجات الأطفال الرضع العشرة لمدة تصل إلى أسبوعين.

وأعرب الفرّا عن قلقه من عدم سماح قوات الاحتلال بعمليات تسليم مستقبلية. وقال: "هذا ليس كافيًا على الإطلاق. لقد حلّ المشكلة مؤقتًا، لكن ما نحتاجه هو حل دائم: رفع الحصار".

في غضون ذلك، نفدت بالفعل كميات الحليب الصناعي المدعّم اللازم لحديثي الولادة في مستشفى الرنتيسي في مدينة غزة.

وقال مدير المستشفى الدكتور جميل سليمان لوكالة "أسوشييتد برس": "العديد من الأمهات غير قادرات على إرضاع أطفالهنّ بسبب سوء التغذية الحاد"، محذرًا من أزمة وشيكة بسسب نفاد الحليب الصناعي.

الرضّع الأكثر تأثرًا بالحصار

ويُعدّ الأطفال الرضع من بين الأكثر تضررًا من الحصار الإسرائيلي المفروض على دخول المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة منذ 2 مارس/ آذار الماضي.

ويزعم مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهو الوكالة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات في الأراضي الفلسطينية، دخول أكثر من 1000 طن من أغذية الأطفال بما في ذلك الحليب الصناعي إلى غزة منذ 29 مايو/ أيار الماضي بعد ضغط دولي متزايد وتحذيرات متكررة من الأمم المتحدة بشأن المجاعة.

إلا أنّ مسؤولي الصحة في غزة يقولون إنّ هذه المساعدات لم تشمل ما يكفي من الأدوية الأساسية، وحليب الأطفال، والمعدات الطبية، وقطع الغيار اللازمة لتشغيل المعدات الحالية.

وفي هذا الإطار، ذكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقرير صدر الإثنين الماضي، أنّ حليب الأطفال المدعّم قد نفد تقريبًا من الأسواق المحلية.

وأضاف التقرير أنّ "الكميات المحدودة المتاحة في بعض الصيدليات تُباع بأسعار باهظة، تتجاوز بكثير القدرة الشرائية لمعظم الأسر".

مخازن فارغة

وأدت حرب الإبادة الجماعية المستمرّة والحصار إلى أزمة إنسانية في قطاع غزة، ما أدى إلى نقص في أبسط الضروريات ودفع نظام الرعاية الصحية في غزة إلى حافة الانهيار. ولا يزال 17 مستشفى من أصل 36 مستشفى في القطاع يعمل جزئيًا، ويوفّر الرعاية الصحية لأكثر من مليونَي شخص وسط القصف وارتفاع معدلات سوء التغذية وتناقص الإمدادات الطبية.

وقال جوناثان ويتال، رئيس مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة: إنّ المجاعة تتزايد، وإنّ أكثر من 110 أطفال يُدخلون إلى المستشفى يوميًا لتلقّي العلاج من سوء التغذية منذ بداية هذا العام.

وأضاف ويتال: "مخازننا فارغة بينما تقيد إسرائيل الشحنات بكميات ضئيلة من الإمدادات الطبية والأغذية بشكل أساسي".

وأفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صدر مؤخرًا، بأنّ جميع المرافق الطبية في غزة تعمل في ظروف غير صحية ومكتظّة، وتُعاني من نقص حاد في مستلزمات الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك الأدوية واللقاحات.

وقالت بلقيس ويلي، المديرة المساعدة لقسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في "هيومن رايتس ووتش"، لوكالة "أسوشييتد برس: "منذ بدء الأعمال العدائية في غزة، تعاني النساء والفتيات من نقص في الرعاية الصحية الأساسية، والصرف الصحي، والمياه، والغذاء خلال فترة الحمل". وأضافت: "يتعرضن ومواليدهن لخطر دائم من الوفاة التي يمكن الوقاية منها".

وحذّرت وزارة الصحة في قطاع غزة مرارًا من نفاد الإمدادات الطبية والوقود في المستشفيات، التي تستخدم مولدات تعمل بالوقود وسط انقطاعات كهربائية خانقة.

وفي هذا الإطار، قال ويتال: إنّ المستشفيات اضطرت إلى ترشيد استهلاك الوقود القليل المتاح لديها "لمنع توقف تام لخدمات إنقاذ الحياة"، مضيفًا أنّه "ما لم يُرفع الحصار الشامل على دخول الوقود إلى غزة، فسنُواجه المزيد من الموت غير المبرر الذي يمكن الوقاية منه".

واضطر مجمع ناصر الطبي إلى قطع الكهرباء عن بعض الأقسام، رغم استمرار تدفّق المرضى، في إطار خطة لتوفير الوقود.

وأوضح الدكتور محمد صقر، مدير التمريض في المستشفى، أنّ الإمدادات تنفد وسط تدفّق الجرحى، وكثير منهم قادمون من مناطق قريبة من مراكز توزيع المساعدات.

وأضاف: "الوضع هنا مرعب وغير أخلاقي ولا إنساني".

المصادر:
ترجمات
شارك القصة