الخميس 28 مارس / مارس 2024

لتأمين قوت عيشهم.. عسكريون وأمنيون يزاولون مهنا أخرى في لبنان

لتأمين قوت عيشهم.. عسكريون وأمنيون يزاولون مهنا أخرى في لبنان

Changed

"العربي" يقرأ في تداعيات الأزمة الاقتصادية في لبنان على القطاعات الأمنية (الصورة: غيتي)
لم يجد عناصر في الجيش وأفراد قوى الأمن الداخلي للهرب من تداعيات الانهيار الاقتصادي سوى مزاولة أعمال أخرى إلى جانب عملهم في القطاع العسكري.

لم تعد رواتب الآلاف من عناصر الجيش اللبناني، تكفيهم لتوفير احتياجاتهم الأساسية، فلجأوا إلى العمل في قطاعات أخرى، إلى جانب خدمتهم العسكرية، علّ ذلك يؤمن معيشة أفضل لعائلاتهم الصغيرة، وسط انهيار اقتصادي ينهك البلاد.

وبات العديد من عناصر هذا الجيش يزاولون مهنة ثانية، لتعويض تدني قيمة رواتبهم بعد تدهور قيمة العملة الوطنية، رغم أن الأنظمة العسكرية تحظر ذلك ويتعرّض مخالفوها لعقوبات.

لكن على وقع الانهيار الاقتصادي وخسارة الليرة قرابة 98% من قيمتها، تغضّ قيادة الأسلاك العسكرية والأمنية طرفها عن الموضوع، كي تتيح لعناصرها تأمين ما تعجز الدولة المفلسة عن تقديمه.

يأتي ذلك في ظل الحديث عن هروب الآلاف من عناصر الجيش والقوى الأمنية من السلك العسكري، نظرًا لتردي المعاشات، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية منذ عام 2019. 

تحت خط الفقر

وتحدثت وكالة "فرانس برس" مع أحد العناصر، الذين لجأووا للعمل في ورشة لتصليح السيارات في مدينة طرابلس شمالي البلاد، والذي أكد معرفة المؤسسة العسكرية بعمله الثاني، لكنه قال إنها تغض النظر عن ذلك، حيث بات 80% من السكان في لبنان يعيشون تحت خط الفقر.

وقالت الوكالة الفرنسية إن الجندي، انضم إلى السلك العسكري حين كان يبلغ 19 عامًا، ظنًا منه أنه "ضمن مستقبله"، مع ما توفره الوظيفة في القطاع العام في لبنان من استمرارية وطبابة وتقدمات اجتماعية، لكن الأزمة قلبت حياته رأسًا على عقب، فقد كان راتبه يساوي 800 دولار أميركي قبل الأزمة، وبات اليوم يوازي 100 دولار فقط، مع الزيادات المؤقتة والتدابير التي أُقرّت لدعم الرواتب.

ومع عجز السلطات عن احتواء الأزمة وتداعيات انهيار الليرة، بدأت قطر صيف 2022 تقديم دعم مالي للجيش على شكل مساعدة مالية بقيمة 100 دولار لعناصره لمدة 6 أشهر.

وجبات بلا لحوم

وأقدمت الولايات المتحدة على الخطوة ذاتها، إذ بدأت الشهر الماضي وبالتنسيق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقديم مساعدة مالية بقيمة 100 دولار شهريًا على مدى 6 أشهر لعناصر قوى الأمن الداخلي، على أن يسري ذلك على الجيش أيضاً. لكن في بلد يبلغ فيه التضخّم معدلات هائلة ويتغير سعر صرف الليرة يوميًا، لا تحدث المساعدات فرقًا.

وضع الانهيار الاقتصادي القطاعات كافة بينها الجيش وقوى الأمن أمام تحديات عدة، أبرزها مواصلة تأمين الاحتياجات الأساسية من غذاء وأدوية ومحروقات وصيانة عتاد وإبقاء الطبابة على مستواها.

ومنذ بدء الأزمة، تعتمد قيادة الجيش تقشفًا في موازنتها، فقد قلّصت مثلا اللحوم من وجبات العسكريين. ثم أطلقت عام 2021 رحلات سياحية جوية بالمروحيات مخصصة للمدنيين مقابل بدل مادي.

الأمنيون "العمال"

وتتنوع المجالات التي يعمل فيها الجنود كالمطاعم والأفران والزراعة وتصفيف الشعر وقيادة سيارات الأجرة والبناء، وحتى كعناصر أمن خاص.

وتنسحب المعاناة ذاتها على القوى الأمنية التي يبدو وضعها أصعب من المؤسسة العسكرية التي تتلقى مساعدات من دول عدة، أبرزها الولايات المتحدة، لمواجهة الأزمة الاقتصادية.

ويقول مصدر أمني لوكالة "فرانس برس": "تغضّ قوى الأمن الداخلي نظرها عن قيام العناصر بوظائف جانبًا، لأن ما من حلول أخرى، فالدولة غير قادرة على تحسين رواتبهم وكل الأعباء حتى أقساط المدارس باتت بالدولار".

ويضيف: "نحاول مساعدتهم قدر الإمكان، لكن حتى المئة دولار التي تقدمها الولايات المتحدة غير كافية في ظل الوضع" القائم.

ولم تعد الميزانية المخصصة لطبابة العناصر الأمنية كافية مع ارتفاع كلفة الاستشفاء وتقاضي المستشفيات البدل المالي بالدولار.

وأثّرت الأزمة الاقتصادية، وفق ما تشرح الباحثة في مركز "كونترول ريسكس" دينا عرقجي، لفرانس برس، على "قدرة الأجهزة الأمنية على العمل بشكل مناسب وعلى معنويات" عناصرها.

ومع التغاضي عن مزاولة عناصر الأمن والجيش مهنا أخرى، باتت قدرة الأجهزة "على الاستجابة لاحتياجات الأمن الداخلي في البلاد مهددة"، على حدّ قولها، في بلد يشهد انقسامًا سياسيًا وجمودًا يطال عمل المؤسسات كافة.

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close