الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

"لحرمان موسكو من سلاحها".. الاتحاد الأوروبي يخفض واردات النفط الروسي

"لحرمان موسكو من سلاحها".. الاتحاد الأوروبي يخفض واردات النفط الروسي

Changed

نافذة إخبارية لـ"العربي" حول عرقلة المجر التوصل لاتفاق أوروبي بشأن حظر النفط الروسي (الصورة: وسائل التواصل)
اتفقت دول الاتحاد على خفض وارداتها من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام الجاري، فيما تعتزم موسكو قطع الغاز عن الدنمارك لرفضها سداد ثمنه بالروبل.

في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى خفض واردات النفط من روسيا بنسبة كبيرة بحلول نهاية هذا العام، تواصل موسكو قطع إمدادات الغاز عن دول أوروبية لرفضها سداد ثمنه بالروبل، وذلك بسبب العقوبات المفروضة عليها جراء حربها المستمرة على أوكرانيا.

وفي قرار تسعى من خلاله لحرمان موسكو "من مصدر تمويل ضخم" لحربها على أوكرانيا، اتفقت دول الاتحاد الـ27 خلال قمة في بروكسل مساء الإثنين على خفض وارداتها من النفط الروسي بنسبة 90% بحلول نهاية العام الجاري،

وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال: إن "قادة دول الاتحاد الأوروبي اتفقوا خلال القمة على فرض حظر تدريجي على واردات النفط الذي تصدره روسيا عبر السفن، ووافقوا في الوقت نفسه على منح إعفاء مؤقت للنفط المنقول عبر خطوط الأنابيب، وذلك إرضاء للمجر التي هددت باستخدام الفيتو ضد هذه الحزمة السادسة من العقوبات الأوروبية على روسيا.

وكتب ميشال في تغريدة على تويتر، أن هذا الخفض "سيحرم آلة الحرب الروسية من مصدر تمويل ضخم"، وسيمارس "ضغوطًا قصوى" على موسكو لدفعها لوقف حربها على جارتها.

وتعهدت برلين ووارسو بوقف وارداتهما من النفط الروسي عبر خط أنابيب دروجبا، ما يرفع إلى 90% كمية الصادرات النفطية الروسية التي سيتخلى عنها الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية العام، بحسب ما أعلن كل من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وقال ماكرون الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الاتّحاد الأوروبي: إن الاتّحاد سيبحث "في أقرب وقت ممكن" توسيع نطاق هذا الحظر ليشمل النفط الذي تصدره روسيا عبر خطوط الأنابيب إلى دول أعضاء في التكتل.

وأضاف ماكرون في تغريدة على تويتر أن "روسيا تختار مواصلة حربها في أوكرانيا. بصفتنا أوروبيين موحدين ومتضامنين مع الشعب الأوكراني، نحن نفرض عقوبات جديدة هذا المساء".

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دعا في مداخلة عبر الفيديو القادة الأوروبيين إلى وضع حد "لخلافاتهم الداخلية" وفرض حزمة سادسة من العقوبات ضدّ موسكو.

إعفاء وقائمة سوداء

والمجر دولة حبيسة تعتمد، بسبب عدم وجود أي ميناء بحري لديها، على خط أنابيب دروجبا لاستيراد النفط الروسي. ويمر هذا الخط عبر أوكرانيا ويؤمن للمجر 65% من حاجتها من النفط.

والعقوبات الأوروبية تصدر بالإجماع وبالتالي فإن موافقة المجر كانت ضرورية لإصدار هذه الحزمة السادسة منها بحق روسيا. واشترطت بودابست للموافقة على هذه العقوبات حصولها على ضمانات في مجال أمنها الطاقوي.

ولدى وصوله إلى بروكسل، طلب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ضمانات في حال توقفت إمدادات النفط عبر خط أنابيب دروجبا.

واشترط أوربان أن تتمكن بلاده من استيراد النفط الروسي المصدر عن طريق البحر إذا ما توقفت إمداداتها عبر دروجبا. وقال "هذه هي الضمانة التي نحن بحاجة إليها".

وكانت بودابست اشترطت منحها استثناءً مدته أربعة أعوام على الأقل وتمويلاً أوروبيًا قيمته 800 مليون يورو تقريبًا، لتكييف مصافيها، مقابل الموافقة على مشروع حزمة العقوبات في صيغته الأولية.

وفجر الثلاثاء، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أنّ خط أنابيب آدريا الذي يزود المجر بالنفط عن طريق كرواتيا يمكن أن تُزاد طاقته في غضون "40 إلى 60 يومًا تقريبًا"، ومن خلال "استثمارات" لم تحدد قيمتها.

والاتفاق الذي توصّل إليه القادة الأوروبيون الإثنين سيكون مدار محادثات يوم الأربعاء على مستوى سفراء الدول الـ27 بهدف وضع اللمسات الأخيرة عليه.

وحزمة العقوبات السادسة هذه هي ثمرة مفاوضات مضنية استمرّت شهرًا، وهي تشمل أيضًا إدراج 60 شخصية إضافية على القائمة الأوروبية السوداء

ومن بين أبرز الذين تقرر الإثنين إدراج أسمائهم على هذه القائمة الأوروبية السوداء البطريرك كيريل، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.

المجر تطالب بضمانات

وفي هذا الإطار، أوضح الباحث في العلاقات الدولية محمد رجائي بركات أن المجر وروسيا تتمتعان بعلاقات قوية، وأن بودابست تعتمد بشكل كبير على النفط الروسي، مشيرًا إلى أن هناك مشكلة بين الاتحاد الأوروبي والمجر، بسبب انتقاد الاتحاد لها لعدم احترامها حقوق الإنسان والقانون وعدم فصلها بين السلطات.

وأضاف في حديث لـ"العربي" من بروكسل، أن المجر تصر على إعطائها ضمانات بتزويدها بالنفط من مصادر أخرى، وهي ضمانات لا يمكن إعطاؤها مباشرة بدون وجود بنية تحتية كافية، أو أنها ستستمر في استيراد النفط الروسي.

ولفت بركات إلى أن الدول الأوروبية تظهر وكأن بينها اتفاق تام وموقف موحد، مع حلف الشمال الأطلسي في محاولة من هذه الدول للضغط على روسيا وإيهامها بأن الجانب الغربي متضامن مع أوكرانيا بشكل جيد، لكنه أشار إلى وجود بعض الخلافات بينها خاصة وأن ألمانيا تعتمد بشكل كبير على مصادر الطاقة من روسيا كالغاز، الذي لا يتم البحث فيه وتم استبعاد النقاش فيه في قمة بروكسل.

ويستبعد بركات التوصل إلى فرض العقوبات الصارمة ضد روسيا، كما كان يطلب الرئيس الأوكراني، مشيرًا إلى بعض التخوفات من بعض الدول الأوروبية.

سويفت ومعونة مالية

وعلى الصعيد المالي، وافقت دول الاتّحاد الـ27 على إقصاء ثلاثة مصارف روسية من نظام سويفت للتحويلات المالية الدولية، من بينها "سبيربنك"، أكبر بنك في روسيا.

وسبيربنك هو أكبر مصرف في روسيا إذ إنه يهيمن على حوالي ثلث القطاع المصرفي في البلاد. وإدراج هذه المؤسسة المالية على قائمة العقوبات المفروضة على روسيا سيزيد من عزلة النظام المالي الروسي في وقت دخل فيه هجوم الجيش الروسي على أوكرانيا شهره الرابع.

من جهة أخرى، أعلن ميشال أن قادة الدول الـ27 وافقوا خلال القمة على منح كييف تسعة مليارات يورو لتغطية احتياجاتها الفورية من السيولة.

وأوضح مصدر أوروبي أن هذا التمويل سيتم على شكل "قروض طويلة الأجل" بأسعار فائدة ميسّرة، علمًا بأن كييف حددت احتياجاتها للسيولة بمبلغ خمسة مليارات دولار شهريًا.

وستتطرق القمة في يومها الثاني والأخير الثلاثاء إلى تداعيات أزمة الغذاء المرتبطة بالحرب في أوكرانيا والتحول في مجال الطاقة في القارة العجوز للاستغناء عن الغاز الروسي.

بريطانيا تطيل عمر المحطات الحرارية

وبسبب أزمة إمدادات الطاقة العالمية الراهنة وخطر انقطاع التيار الكهربائي عن ملايين المنازل في البلاد خلال فصل الشتاء المقبل، أعلنت الحكومة البريطانية الإثنين، أنها ستمدّد خدمة المحطات الحرارية العاملة بالفحم الحجري، والتي كان مفترضًا أن تتوقف عن العمل نهائيًا أواخر هذا العام.

وقالت الحكومة في بيان تلقّته وكالة فرانس برس: "من الطبيعي أن نستكشف مروحة واسعة من الخيارات لتعزيز أمن الطاقة والإمدادات لدينا" و"حتى إذا لم يكن هناك نقص، فقد نضطر إلى إبقاء محطات الطاقة التي تعمل بالفحم الحجري مفتوحة" في فصل الشتاء المقبل.

وبحسب مصدر مطّلع على الملفّ فإنّ انخفاض صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا قد يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي عما يصل إلى 6 ملايين منزل في بريطانيا خلال فصل الشتاء المقبل في ذروة ساعات الاستهلاك.

وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة تعتمد بشكل كبير على الغاز في إنتاج الكهرباء، إلا أنها تستورد من روسيا كميات من المحروقات أقل بكثير مما تفعل دول أوروبية أخرى.

وأعلنت بريطانيا أنها تعتزم الاستغناء عن كل وارداتها من النفط والفحم الروسيين بنهاية هذا العام، مشيرة إلى عزمها أيضًا على أن توقف في نهاية المطاف وارداتها من الغاز الروسي.

وفي سياق متصل، طلب وزير الطاقة كواسي كوارتنغ من مشغلي آخر ثلاث محطات حرارية في البلاد لا تزال تعمل بالفحم الحجري إبقاءها مفتوحة. وكان يفترض بهذه المحطات أن تخرج من الخدمة نهائياً في سبتمبر/ أيلول المقبل.

وشدد الوزير على أن بريطانيا لا تزال مع ذلك ملتزمة بهدفها التخلص تدريجيًا من الفحم الحراري بحلول أكتوبر/ تشرين الأول 2024.

ومن الطرق الأخرى التي تستكشفها الحكومة البريطانية لتأمين حاجة البلاد من الطاقة الكهربائية إطالة عمر محطة الطاقة النووية "هينكلي بي"، والتي كان من المقرر أن يبدأ تفكيكها هذا الصيف، بحسب ما قال وزير الدولة لشؤون التقنيات كريس فيليب الإثنين.

لكن الحكومة طمأنت بأنّ البلاد "لا تعاني من أيّ مشكلة في إمدادات الغاز أو الكهرباء وهي مستعدة تمامًا لكل السيناريوهات، حتى تلك المتطرفة والتي هناك احتمالات ضئيلة للغاية بأن تحدث".

روسيا تعتزم قطع الغاز عن الدنمارك

في غضون ذلك، حذّرت شركة الطاقة الدنماركية "أورستد" الإثنين من أنّ روسيا قد تقطع قريبًا إمدادات الغاز عن الدنمارك لرفضها سداد ثمنه بالروبل، مؤكدة في الآن نفسه أنه يمكن تأمين الغاز من السوق الأوروبية.

وشددت "أورستد" (دونغ إنرجي سابقًا) على أنها ستواصل دفع ثمن شحنات الغاز من روسيا باليورو، علمًا أن الموعد النهائي للتغيير إلى السداد بالروبل هو 31 مايو/ أيار.

وقالت الشركة في بيان إن "غازبروم إكسبورت تواصل مطالبة أورستد بدفع ثمن إمدادات الغاز بالروبل".

وأضافت: "ليس لدينا أيّ التزام قانوني بموجب العقد للقيام بذلك، وقد أبلغنا غازبروم إكسبورت مرارًا بأننا لن نفعل ذلك".

وتابعت الشركة الدنماركية: "لذلك هناك خطر أن تتوقف شركة غازبروم إكسبورت عن إمداد أورستد بالغاز. ومن وجهة نظر أورستد سيكون ذلك خرقًا للعقد".

وأوضحت أن روسيا لا يمكنها قطع إمدادات الغاز عن الدنمارك بشكل مباشر لعدم وجود خط أنابيب يربط البلدين مباشرة.

من جهتها، قالت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن للصحافيين في بروكسل على هامش قمة للاتحاد الأوروبي: "نحن ندعم أورستد في هذا القرار"؛ ووصفت المطلب الروسي بأنه "غير مقبول".

كما أعلنت "أورستد" أيضًا أنها تملأ منشآتها التخزينية في الدنمارك وألمانيا لتأمين إمدادات الغاز لعملائها.

وأوقفت روسيا في 21 مايو/ أيار إمدادات الغاز عن جارتها فنلندا بعد أن رفضت مجموعة الطاقة "غازوم" الدفع بالروبل. وكانت موسكو قد قطعت قبل ذلك الإمدادات عن بولندا وبلغاريا.

وأعلنت الإثنين شركة الطاقة الهولندية "غازتيرا" المملوكة جزئيًا للدولة أن "غازبروم" أبلغتها بأنها ستقطع إمداداتها من الغاز الثلاثاء للسبب نفسه.

ويمثل الغاز 18% من مصادر الطاقة المستهلكة في الدنمارك سنويًا، وقد مثل الإنتاج الوطني ثلاثة أرباع الغاز المستهلك عام 2019، وكانت روسيا من بين المصادر الرئيسية للغاز الطبيعي المستورد، بحسب وكالة الطاقة الدنماركية.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close