تُعتبر القهوة من أبرز الطقوس الصباحية الشائعة، إذ يلجأ إليها الناس للحصول على جرعة من الطاقة تساعدهم على تمضية نهار عمل مكثّف. لكن ما تتناوله مع كوب القهوة أهم مما تظن.
ففي حين يجب تجنّب تناول بعض الأدوية مع القهوة، تتعارض معها أيضًا بعض الأطعمة، مثل الحمضيات والأطعمة المقلية وحتى الحبوب المدعّمة، ما يؤدي إما إلى اضطرابات في المعدة أو إلى منع الجسم من امتصاص العناصر الغذائية الأساسية، وذلك وفقًا لدراسة نشرها "المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية" التابع للحكومة الأميركية.
أطعمة يجب عدم تناولها مع القهوة
إنّ معرفة الأطعمة التي ينبغي عدم تناولها مع كوب القهوة تساعد في الحصول على أقصى فائدة من هذا المشروب الصباحي والنظام الغذائي في الوقت نفسه.
1- الحمضيات
يؤدي شرب القهوة مع الحمضيات إلى عسر هضم، لأنّ القهوة حمضية بطبيعتها. ووفقًا لموقع "نايتشر"، يتراوح متوسط درجة حموضة القهوة بين 4.85 و5.13 على مقياس من 0 إلى 14، وتشير الأرقام المنخفضة إلى زيادة الحموضة.
وتُعدّ الحمضيات وعصائرها شديدة الحموضة أيضًا، ما يُساهم في تفاقم مرض الارتجاع المعدي المريئي (GERD)، الذي قد يُسبّب الغثيان والانتفاخ وحرقة المعدة. وبالتالي، فإنّ تناول القهوة والحمضيات معًا قد يؤدي إلى تهيّج بطانة المعدة وزيادة هذه الأعراض.
كما أنّ الطعم اللاذع والحامض للحمضيات يمكن أن يُغيّر طعم القهوة، فتُصبح أكثر مرارة وأقلّ متعة.
2- اللحوم الحمراء
تشير الأبحاث إلى أنّ شرب القهوة قد يؤثر على امتصاص العناصر الغذائية في الأمعاء، خصوصًا الحديد، وفقًا لدراسة نشرتها مجلة "تشونام الطبية" في كوريا الجنوبية.
وتُعدّ اللحوم الحمراء من أهم مصادر الحديد الهيمي، ما يعني أن شرب القهوة بعد تناول اللحم قد يُقلّل من امتصاص الحديد ويحدّ من فوائده الصحية.
ويؤدي الحديد دورًا حيويًا في الجسم، إذ يساهم في دعم الدورة الدموية، وإنتاج الهرمونات، وتعزيز وظيفة الجهاز المناعي.
3- الحليب
يُعدّ الحليب مصدرًا ممتازًا للكالسيوم، الضروري لصحة العظام ووظائف العضلات وتخثّر الدم وإنتاج الهرمونات. ويُلبّي كوب واحد من الحليب الخالي من الدسم نحو 23% من القيمة اليومية الموصى بها من الكالسيوم للبالغين الأصحاء.
وتُشير الأبحاث إلى أنّ الجمع بين الحليب والقهوة قد يُقلّل من امتصاص الكالسيوم، بحيث يخرج عبر البول، وقد ارتبطت المستويات العالية من إفراز الكالسيوم في البول بزيادة خطر الإصابة بحصوات الكلى ومشاكل العظام.
وبالتالي، قد يحتاج من يستمتعون بإضافة الحليب إلى قهوتهم إلى تلبية احتياجاتهم من الكالسيوم في أوقات أخرى من اليوم.
4- الأطعمة المقلية
قد يؤدي الإفراط في تناول القهوة إلى زيادة خطر الإصابة باضطراب شحميات الدم (Dyslipidemia)، أي ارتفاع مستويات الدهون في مجرى الدم.
ووجدت دراسة نشرتها مجلة "التغذية والتمثيل الغذائي وأمراض القلب والأوعية الدموية" أنّ شرب ثلاثة أكواب أو أكثر من القهوة يوميًا قد يرفع مستوى كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، ما يُؤثر سلبًا على صحة القلب، كما قد يُقلّل من مستوى كوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة (HDL).
وبما أنّ تناول الأطعمة المقلية بشكل متكرّر يرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، يُستحسن أن يحدّ من يشربون القهوة بانتظام من تناول هذه الأطعمة حفاظًا على صحة القلب.
5- حبوب الإفطار المُدعّمة
تُدعّم العديد من حبوب الإفطار بالفيتامينات والمعادن الأساسية، ومنها الزنك. وقد تُؤثّر القهوة على التوافر الحيوي للزنك في هذه الأطعمة.
ورغم عدم وجود أبحاث تفصيلية حول العلاقة بين تناول القهوة وامتصاص العناصر الغذائية من الحبوب المدعّمة، يُنصح بالفصل بينهما زمنياً، ولو بضع ساعات.
كما لم تُحدّد الأبحاث بعد مدة انتظار موحّدة بين تناول الحبوب وشرب القهوة.
6- الأطعمة الغنية بالصوديوم
تحتوي القهوة على مركّبات نشطة بيولوجيًا تُؤثّر مباشرة على ضغط الدم، وتشير الأبحاث إلى أن الإفراط في الكافيين قد يُفاقم ارتفاع ضغط الدم.
وفي الوقت نفسه، ثبت أن تناول الصوديوم يرتبط ارتباطًا مباشرًا بارتفاع ضغط الدم، لذا يُستحسن تناول القهوة بوعي عند تناول الأطعمة الغنية بالصوديوم.
وتوصي جمعية القلب الأميركية بعدم تجاوز 2300 مليغرام من الصوديوم يوميًا.
أطعمة يُمكن تناولها مع القهوة
في المقابل، هناك أطعمة تُعزّز فوائد شرب القهوة والفوائد الغذائية المتنوعة. فعلى سبيل المثال، ورغم أنّ الخبز والقهوة لا يتفاعلان كيميائيًا، تُشير الأبحاث إلى أن تناولهما معًا على الإفطار قد يُقلّل من تراكم دهون البطن.
ووجدت إحدى الدراسات أن استهلاك القهوة يوميًا يرتبط بانخفاض السمنة الحشوية بنسبة 25.4%، فيما أدى تناول الخبز إلى انخفاضها بنسبة 45.1%.
كما تُقدّم أطعمة مثل اللوز والتوت الطازج ودقيق الشوفان فوائد صحية إضافية تُكمل خصائص القهوة.
فاللوز والمكسّرات الأخرى تضيف قرمشة ودهونًا صحية تُكمل غنى القهوة، بينما يُقدّم التوت الطازج فيتاميناتٍ وحلاوةً طبيعيةً تُوازن مذاقها القوي.
أما الشوفان، الغني بالألياف، فيُساعد على تنظيم مستوى السكر في الدم، ما يمنح طاقة مستدامة على مدار اليوم.
ومع ذلك، يتطلّب تحسين الاستفادة من العناصر الغذائية اتباع نهجٍ شامل، ويمكن لأخصائي تغذية معتمد أن يساعدك في تلبية احتياجاتك الخاصة.
نصائح لاستهلاك القهوة
يُمكن أن تكون القهوة إضافةً ممتعةً ومفيدةً ضمن نظام غذائي متوازن. ولتحقيق أقصى استفادة منها، يُنصح بما يلي:
-
تجنّب شرب القهوة أثناء الوجبات الغنية بالفيتامينات والمعادن مثل الحديد والكالسيوم والزنك، لأنها قد تؤثر على امتصاص هذه العناصر.
-
يُفضّل شرب القهوة قبل تناول الطعام بثلاث إلى أربع ساعات ونصف، لتقليل تأثيرها على امتصاص المغذّيات.
-
أفضل وقت لشرب القهوة هو من منتصف إلى أواخر الصباح (بين الساعة 9:30 و11:30)، أو في وقت مبكر من بعد الظهر (من الظهر حتى الثالثة تقريبًا)، إذ قد تؤثّر على أنماط النوم إذا شُربت في وقت متأخر.
-
توصي إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بتناول ما يعادل أربعة إلى خمسة أكواب من القهوة يوميًا كحدٍّ أقصى.