أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية، مخاوف لدى اقتصادات بعض الدول العربية الهشة، مثل الأردن ولبنان وتونس.
فقد أفاد تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا "الإسكوا"، بأن تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، تهدد صادرات عربية غير نفطية إلى السوق الأميركية تُقدّر قيمتها بـ22 مليار دولار، حيث تكتسب السوق الأميركية أهمية متزايدة للبضائع العربية.
العلاقات التجارية بين الدول العربية والولايات المتحدة
فخلال العقد الماضي، شهدت العلاقات التجارية بين الدول العربية والولايات المتحدة تحولات كبيرة، إذ انخفضت الصادرات العربية من 91 مليار دولار عام 2013 إلى 48 مليار دولار العام الماضي، نتيجة تراجع الواردات الأميركية من النفط الخام والمنتجات البترولية.
وعلى الجهة الأخرى، كانت الصادرات العربية غير النفطية إلى الولايات المتحدة قد تضاعفت تقريبًا خلال العقد الماضي ومن 14 مليار دولار إلى 22 مليارًا في مؤشر على تنوع اقتصادي متنامٍ في الاقتصاد العربي، ولكنه بات الآن مهددًا جراء الإجراءات الحمائية الجديدة.
ومع استثناء واشنطن النفط من الرسوم الجمركية، تبدو الصادرات الأخرى الأكثر تضررًا، ومن بين الدول التي يُتوقع أن تواجه ضغوطًا اقتصادية كبيرة نتيجة لهذه السياسات: البحرين ومصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس.
ويُعد الأردن الأكثر تضررًا، حيث تُشكل صادراته إلى الولايات المتحدة نحو 25% من إجمالي صادراته العالمية، مما يجعله في موقع هش.
كما تواجه البحرين تحديات اقتصادية ملحوظة نظرًا لاعتمادها الكبير على السوق الأميركية في تصدير الألمنيوم والكيماويات، وهي من بين القطاعات المستهدفة مباشرة بهذه الرسوم.
تأثيرات رسوم ترمب على الاقتصادات الهشّة في الدول العربية
وفي هذا الإطار، يوضح محرر الشؤون الاقتصادية في التلفزيون العربي علي قيسية أن الأزمة التي نشبت بين الولايات المتحدة الأميركية ومعظم دول العالم، بالإضافة إلى التكتلات الاقتصادية، تظهر حجم الدول العربية على خريطة الاقتصاد العالمية.
ويضيف أن هناك صادرات تذهب إلى الأسواق الأميركية كالألبسة والمعدات الإلكترونية بالإضافة إلى المواد الخام، مشيرًا إلى أن أميركا تصدر أقل من 50 مليار دولار في العام الواحد.
وبحسب قيسية، فإن الصادرات على أهميتها، إلا أنها لا تنم عن حجم القدرات التي يفترض أن تتمتع بها بعض الدول العربية التي راهن بعضها بشكل كبير على السوق الأميركية، وربما أغفل بعض الأسواق الأخرى نتيجة تسهيلات منحتها الولايات المتحدة لبعض هذه البلدان لأغراض سياسية.
ويشير قيسية إلى أن اقتصادات دول مثل الأردن ولبنان وتونس هي اقتصادات هشة وتعتمد بشكل كبير على الصادرات، بهدف تعديل كفة ميزان المدفوعات الذي يعاني فيها.
ويرى أن عملية البحث عن بدائل تتطلب وقتًا كبيرًا لأن خطوط الإنتاج هُيئت للتصدير للسوق الأميركية.
ويردف قيسية قد تكون أسواق القارة الأوربية بديلة عن الولايات المتحدة، خصوصًا إذا ما قامت بعض البلدان بإحياء بعض الاتفاقيات التي اعتبرت قيد الميتة، من قبيل إعلان "أغادير" الذي يتيح لبعض الدول العربية تحقيق ما يسمى بـ"تراكمية" قواعد المنشأ والقيمة المضافة بهدف التصدير إلى السوق الأوروبية بشكل معفى.
ويشدد على وجوب أن تقوم هذه الدول العربية بالدخول في مباحثات مع الولايات المتحدة بهدف تخفيف الشروط والقيود التي وضعت على صادراتها، بالتزامن مع البحث عن أسواق أخرى وعن بعض القنوات التي يمكن لها أن تعزز ميزان المدفوعات، كالسياحة.
ويخلص قيسية إلى أنه يمكن للعالم العربي تحقيق التكامل الاقتصادي إن توفرت الإرادة السياسية، وإن شعر قادة هذه البلدان بأن التكامل هو السبيل الوحيد للوقوف في وجه التحديات التي تعصف بالاقتصاد العالمي نتيجة الاستقطابات والسياسات الجمركية الأميركية ولربما الردود الصينية عليها أيضًا.