قد لا يكون اسم متلازمة الأيض أو بالإنكليزية Metabolic Syndrome مألوفًا للجميع، لكن ما تخفيه هذه المتلازمة من مضاعفات خطيرة كأمراض القلب، والسكري، والسكتات الدماغية، يجعلها تستحق كل الانتباه. فهي ليست مرضًا واحدًا، بل مجموعةٌ من العوامل الصامتة التي تجتمع لتشكّل خطرًا حقيقيًا على صحتنا.
في منتصف القرن العشرين، لاحظ الأطباء وجود علاقة بين السمنة وأمراض القلب، لكن لم يكن هناك تصنيف واضح يجمع هذه العوامل في إطار واحد. وكانت المفاهيم الصحية آنذاك تُعالج كل حالة بشكل مستقل.
المتلازمة "إكس"
وفي عام 1988، قام الطبيب الأميركي جيرالد ريفين (Gerald Reaven) بتقديم مفهوم جديد سمّاه المتلازمة إكس، مشيرًا إلى وجود علاقة مترابطة بين مقاومة الإنسولين، وارتفاع السكر، ودهون الدم، والضغط. وقد كان هذا الاكتشاف نقطة التحول في فهم الطب الحديث لهذه الحالات باعتبارها مترابطة وليست منفصلة.
وخلال الفترة بين التسعينيات والألفين، بدأت منظمات طبية كبرى مثل منظمة الصحة العالمية (WHO) والجمعية الأميركية للقلب (AHA) بتبني مفهوم متلازمة الأيض، ووضع معايير واضحة لتشخيصها، وذلك بعد أن تبيّن أن هذه المتلازمة أصبحت أكثر شيوعًا بسبب أنماط الحياة الغربية وقلة الحركة، والوجبات السريعة، والإجهاد المزمن.
واليوم، تُعتبر متلازمة الأيض أحد أخطر التحديات الصحية العامة عالميًا، خصوصًا في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث ترتفع نسب السمنة والسكري بشكل ملحوظ. وأصبح التركيز ليس فقط على العلاج، بل على الوقاية المجتمعية والتوعية الصحية المبكرة، وتبني نمط حياة متوازن منذ الطفولة.
ما هي متلازمة الأيض؟
وفي هذا الإطار، يقول طبيب الأسرة الدكتور سنان جبار، إن متلازمة الأيض ليست مرضًا واحدًا، بل هي مجموعة من العوامل التي قد تشكّل خطرًا على جسم الإنسان نتيجة ارتباطها بمقاومة الإنسولين.
ويشير جبار، في حديثه إلى برنامج "صحتك" عبر "العربي 2"، إلى أن اجتماع هذه العوامل معًا قد يؤدي إلى أمراض خطيرة، مثل داء السكري والجلطات القلبية والدماغية.
ويوضح أن متلازمة الأيض هي مجموعة من ثلاثة عوامل رئيسية، ترتبط أولًا بمحيط الخصر، إذ يبلغ في العادة 102 سم لدى الرجال و88 سم لدى النساء. وثانيًا، ترتبط بارتفاع ضغط الدم، إذ يُفترض ألا يتجاوز 135/80 ملم زئبقي. وثالثًا، تتعلق بارتفاع نسبة سكر الدم الصائم إلى أكثر من 100 ملغ/ديسيلتر.
أسباب متلازمة الأيض
ويبيّن الدكتور سنان جبار أن من أهم أسباب متلازمة الأيض السمنة المركزية، أو ما يُعرف بتراكم الدهون الحشوية في محيط الخصر، وهي ترتبط بمقاومة الإنسولين وبنمط الحياة غير الصحي الذي يعيشه بعض الأفراد.
كما يشير إلى أن التقدم في العمر يُعدّ من العوامل المؤثرة في ظهور المتلازمة، إذ تقل حساسية الجسم للإنسولين وتزداد نسبة الدهون، إلى جانب الإصابة بالأمراض المزمنة.
ويضيف أن العامل الوراثي يشكّل ركيزة أساسية للإصابة بمتلازمة الأيض، كما هو الحال مع العديد من الأمراض التي تصيب الإنسان.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
في ما يتعلق بالفئات العمرية أو الجنسية الأكثر عرضة للإصابة، يوضح طبيب الأسرة أن الدراسات العلمية أثبتت أن نسبة الإصابة ترتفع بين الفئة العمرية 40 و50 عامًا، نتيجة لزيادة تراكم الدهون وضعف استجابة الجسم للإنسولين.
ويشير إلى أن فئة الشباب أيضًا قد تكون عرضة للإصابة، بسبب نمط الحياة الخامل وقلة الحركة، إضافةً إلى العادات الغذائية غير الصحية.
ويوضح أن المصاب بمتلازمة الأيض قد لا تظهر عليه أي أعراض واضحة، إذ يُكتشف غالبًا من خلال الفحوصات الدورية والروتينية التي يجريها المريض.
ومع ذلك، يلفت إلى وجود أعراض غير مباشرة ترتبط بالعوامل السابقة، مثل محيط الخصر الكبير وارتفاع ضغط الدم وزيادة مستوى السكر في الدم.