Skip to main content

مآسٍ وانتهاكات وإذلال في سجون الاحتلال.. شهادات لأسرى تعرّضوا للتعذيب

الخميس 16 أكتوبر 2025
يستخدم الاحتلال الحيوانات كنوع من الترهيب النفسي للأسرى الفلسطينيين - غيتي/ أرشيف

على باب أرشيف نادي الأسير الفلسطيني كُتبت عبارة: "اِمضِ كأنك لم تسمع، لم تفهم، لم ترَ". وفي هذا المكان، تُحفَظ إفادات أسرى تعرّضوا لانتهاكات جسيمة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.

ودخل مراسل التلفزيون العربي في رام الله، عميد شحادة، الأرشيف برفقة مديرة التوثيق في نادي الأسير للاطلاع على بعض هذه الشهادات.

اغتصاب وآلام دائمة

وجاء في إحدى الإفادات: "جرى تثبيتي من أطرافي الأربعة، وأدخل السجّان عصًا في جسدي مرارًا، حتى شعرت بالاختناق. وكلما زاد صراخي، اشتد تعذيبي".

وأضاف صاحب الإفادة: "أعاني الآن من آلام دائمة، خصوصًا عند الجلوس، ولا أستطيع سوى التحدث همسًا. أرجو عدم ذكر اسمي أو تقديم شكوى خوفًا من تعرضي لاعتداء جديد".

لقد وثّق نادي الأسير عشرات الإفادات لأسرى تعرّضوا للاغتصاب على يد سجّاني الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن هذا الرقم كما تقول مديرة التوثيق أماني سراحنة، لا يعكس الواقع الحقيقي؛ فقلة قليلة فقط تجرؤوا على تقديم شهاداتهم، ما يعني أن عدد الضحايا الصامتين أكبر بكثير.

وفي بعض الإفادات، تُذكر تفاصيل مؤلمة عن الطريقة التي كان يُمارس بها الاغتصاب كأداة للتعذيب والإذلال.

وتقول مديرة التوثيق أماني سراحنة: "كانوا يتفنّنون في التعذيب، وتبدو على وجوههم ملامح الانبساط عند اغتصاب المعتقل، وغالبًا ما تتم عملية الاغتصاب أمام زملاء الأسير بهدف كسره وإنهائه إنسانيًا".

اغتصاب بالكلاب البوليسية

وإحدى الشهادات التي سُمح بعرضها كانت لأسير يُعرّف نفسه باسم مستعار "أحمد"، قال بصوت متردد: "تعرّضت لاعتداء وحشي داخل سجون الاحتلال. اقتادوني من القسم الذي كنت فيه إلى مكان مجهول، جردوني من ملابسي، ثم بدأوا بالاعتداء عليّ باستخدام العصي. ما أقوله الآن جزء بسيط مما جرى، وأخجل من الحديث عنه أكثر".

ويروي أسير آخر من قطاع غزة أن السجّانين أجبروا أحد الأسرى على الركوع أمام كلب بوليسي قبل أن يتعرض لاعتداء قاسٍ.

وهذه ليست المرة الأولى التي تُروى فيها مثل هذه الشهادات، إذ أكد طبيب نفسي زار عيادة استقبلت عددًا من الأسرى المحررين، أن أربعة منهم تعرضوا لاعتداء مباشر من السجانين الإسرائيليين، فيما تعرّض عشرة آخرون لانتهاكات باستخدام أدوات حادة.

وفي العيادة الصغيرة، يحاول الطبيب عبد الفتاح علوي الإنصات إلى المرضى رغم الإرهاق، بينما تصدح في الخلفية موسيقى فيروز محاولةً التخفيف من وطأة الألم.

الجسد الفلسطيني تحوّل من ضحية إلى مسرح لاستعراض الاستعمار حيث يُستخدم التعذيب لإظهار القوة وإخضاع الإنسان الفلسطيني

ويقول علوي: "بحسب علمي، هناك ما بين ثلاث إلى أربع حالات اعتداء كامل. بعض الأسرى أخبروني أن السجّانين استخدموا حتى الحيوانات كوسيلة للترهيب النفسي، ليبقى الأسير خائفًا حتى بعد خروجه من السجن".

ويضيف أن الأسرى "كانوا يخافون حتى بعد الإفراج عنهم خشية أن يتصل بهم الجيش الإسرائيلي مجددًا أو يتم اعتقالهم".

وحتى الطبيب الذي يعالج ضحايا الاغتصاب يعيش في خوف. 

وقد لاحظ الباحثان أشرف أبو عرام واعتراف الريماوي أن الجسد الفلسطيني تحوّل من ضحية إلى مسرح لاستعراض الاستعمار حيث يُستخدم التعذيب لإظهار القوة وإخضاع الإنسان الفلسطيني.

ويقول الأسير المغتصب "أحمد" بصوت خافت: "أتمنى لو أستطيع أن أنسى كل تلك التفاصيل".

وبعد كل هذه المعلومات والحقائق تتجلى معاني الكلمات المكتوبة على باب أرشيف نادي الأسير، والتي يقرؤها الأسرى قبل الإدلاء بشهاداتهم: "اِمضِ كأنك لم تسمع، واصمت كأنك لم تفهم، وتجاهل كأنك لم ترَ، وانسَ كأنك لم تذكر، فبهذا فقط ستعيش مرتاحًا".

المصادر:
التلفزيون العربي
شارك القصة