الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

مأساة غرق مركب مهاجرين من لبنان.. نزيف مستمر لقوارب الموت

مأساة غرق مركب مهاجرين من لبنان.. نزيف مستمر لقوارب الموت

Changed

يلقي "للخبر بقية" الضوء على مأساة غرق مركب مهاجرين غير نظاميين قبالة السواحل السورية انطلق من لبنان (الصورة: غيتي)
رفضت الحكومة اللبنانية تحميلها المسؤولية عن قوارب الموت، معتبرة أن الوضع الاجتماعي وموجات الهجرة هي حصاد 30 عامًا.

خططوا للهرب من واقعهم الميؤوس منه فكان للموت خطة أخرى. انطلق قارب موت جديد من شاطئ المنية شمالي لبنان وكانت وجهته قبرص، وربما إيطاليا، لكنّ القدر اختار إنزال جثامين ركابه قبالة جزيرة أرواد التابعة لمحافظة طرطوس غربي سوريا.

وتتنوع جنسيات الغرقى بين لبنانيين وسوريين وفلسطينيين. وجمع هؤلاء حلم واحد غرق هو الآخر. أمّا الأهالي فهم مفجوعون، وبعضهم مصدوم لسماع اسم ابنه أو وجود أوراقه الثبوتية ضمن عمليات انتشال الجثث. وجرى إنقاذ جزء ضئيل من الركاب علّه يكون شاهدًا على المأساة. 

ويجري التنسيق بين بيروت والنظام السوري في دمشق وسفارة فلسطين في لبنان. وقد كلّف رئيس الحكومة اللبنانية الهيئة العليا للإغاثة بالتواصل مع أهالي الضحايا لإعادة جثامينهم إلى لبنان.

كما طلب من قائد الجيش التشدد في مراقبة الشواطئ اللبنانية ومكافحة رحلات الهجرة غير الشرعية. وقد أثمر التشدد توقيف مديرية المخابرات في طرابلس الميناء أشخاصًا لمحاولتهم شراء مركب تهريب ولهم سوابق في هذا النوع من العمليات، وهم جزء من شبكة تهريب منظمة، كما وصفها وزير الداخلية اللبناني.

مسلسل قوارب الموت

وفي كل مرة يعلن فيها عن قارب موت أو ركاب عالقين في المياه الإقليمية، تتأهب الدولة اللبنانية. وقد سبق الكارثة الإنسانية هذه قوارب كثيرة أبرزها مركب علق بين إيطاليا ومالطا واليونان وآخر عُرف بزورق الموت في أبريل/ نيسان الماضي. 

وتتوالى أشهر والهجرة غير النظامية تتدفق عبر الموانئ الشمالية للبنان مقابل إجراءات رسمية لا تخاطب حجم الكارثة وإن أحبط بعض من هذه القوارب. 

وقد رفضت الحكومة اللبنانية تحميلها المسؤولية لوحدها. وتقول إن الوضع الاجتماعي وموجات الهجرة هي حصاد 30 عامًا من سياسات مالية متعاقبة أدّت إلى إضعاف العملة. 

وعند الحدود اللبنانية السورية، يحتشد الأهالي، ويعلقون الأمل على بوابتي معبري العبودية والعريضة بعودة أبنائهم سالمين لا جثامين أو مفقودين. 

وسبق أنّ تحدثت المنظمة الدولية للهجرة في لبنان عن أكبر موجات للهجرة يشهدها هذا البلد جراء الأزمة الاقتصادية وانهيار الأمن الغذائي وتصاعد التضخم والبطالة، والبدائل هي شبكة أمان اجتماعية اقتصادية كأضعف إيمان ترسو بركابها على ضفة الحياة.

الشمال المحروم

وتعليقًا على الحادثة الجديدة، يعتبر أحمد الخير عضو مجلس النواب اللبناني عن منطقة الشمال أنّ لبنان عاني من مشاكل فاقت قدرة الدولة خلال السنوات الأخيرة.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أن أبناء عكار والمنية الضنية هم الأكثر تأثرًا في هذه الأزمة.

ويلفت إلى أن "الإنماء المتوازن الذي نص عليه اتفاق الطائف لم يطبق في منطقة الشمال، حيث حُرم أهلها من حقوقهم في الخدمات والبنية التحتية، التي تمكن المنطقة من جذب المستثمرين".

كما يعتبر أن لدى المحافظات اللبنانية الأخرى "القدرة على الصمود" في ظل الأزمة الحالية مقارنة مع محافظة الشمال "التي لم يكن أمام أهلها سوى الهروب بمراكب الهجرة".

مأساة جديدة في لبنان على وقع الأزمات المتفاقمة - غيتي
مأساة جديدة في لبنان على وقع الأزمات المتفاقمة - غيتي

ضحايا شبكات الاتجار بالبشر

ومن جهته، يرى الصحافي جورج شاهين أن ضحايا القارب الذي غرق مؤخرًا ليسوا ضحايا الفقر والجوع والأزمة الاقتصاية بل ضحايا شبكات منظمة تتقن عمليات التهريب والاتجار بالبشر.

ويقول في حديثه لـ"العربي"، من بيروت: "إنها شبكات خطيرة"، مؤكدًا أنه لا يكشف سرًا إذا قال "إنه عند كل خبر يتحدث عن انطلاق زورق يقل المهاجرين هناك لائحة بعدد من المسؤولين عن تلك المجموعات الإرهابية التي تتقن الاتجار بالبشر ولا تراعي أدنى شروط السلامة".

ويلفت شاهين كذلك إلى أنّ "غياب الإنماء المتوازن لا تنعكس نتائجه السلبية في الشمال اللبناني"، مشيرًا إلى وجود عدد من المشاريع المعدة للمنطقة.

وتساءل: "لماذا لا ينتفض نواب ووزراء الشمال لتطبيقها؟"، مضيفًا: "هم يرضخون لضغوط سياسية"، متحدثًا عن شخصيات نافذة من المنطقة بينها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "أكبر ملياردير الشرق الأوسط"، ومليارديرات آخرين "ليت كل واحد منهم يخصص أموالًا لإقامة مصانع في منطقة مطار رنيه معوض الزراعية"، حسب قوله.

ويشير إلى أهمية مرفأ طرابلس الذي يستحوذ أهمية كبرى ولا سيما بعد تفجير مرفأ بيروت قبل نحو عامين، معتبرًا أنّ الكثافة السكانية والجوع وعدم التنظيم أسباب أساسية لمعاناة طرابلس.

معاناة من الأزمة وتجارها

أمّا الناشط الحقوقي والإغاثي محي الدين قرحاني فيشير من جانبه إلى أن أبناء الشمال يعيشون المعاناة من الأزمة الاقتصادية ومن تجّار الأزمة أي تجار البنزين والطحين والبشر الذين يبحثون عن تحقيق المكاسب المادية في ظل غياب الدولة.

ويعتبر في حديثه لـ"العربي"، من عكار شمال لبنان: أن "الدولة تعيش في استحقاقات وهمية" حيث تنصب الجهود حاليًا على الاستحاق الرئاسي، وفي هذا الوقت يموت الكثيرون. 

ويلفت إلى وجود 450 مخيمًا للاجئين السوريين في عكار وهي وغير مدعومة من الجمعيات والمنظمات، مضيفًا: "كان المجتمع المحلي قادرًا على دعمها في السابق أمًا الآن فقد أصبح اللبناني لاجئ في وطنه". 

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close