تثير "مؤسسة غزة الإنسانية" التي تأسست بدعم من الولايات المتحدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، الكثير من الأسئلة والاتهامات بشأن دعمها لأهداف إسرائيل العسكرية في القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر.
وتواجه هذه المؤسسة، التي "فشلت" في أول يوم من عملية توزيع المساعدات، اتهامات بمساعدة إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية من خلال الالتفاف على الأمم المتحدة واستبعاد الفلسطينيين، فماذا نعرف عن هذه "المؤسسة"؟.
من هي "مؤسسة غزة الإنسانية"؟
تأسست "مؤسسة غزة الإنسانية" في جنيف في فبراير/ شباط الماضي، ولا تملك مكاتب أو ممثلين معروفين في هذه المدينة التي تستضيف مقار منظمات إنسانية دولية.
وأعلن مديرها التنفيذي جيك وود استقالته يوم الأحد بعدما أدرك أن المنظمة لا تستطيع إنجاز مهمتها "مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز والاستقلالية".
وأعلنت المؤسسة أمس الإثنين أنها بدأت توزيع "مواد غذائية في شاحنات" على سكان غزة "في مواقع توزيع آمنة". وقالت إنها قامت بتعيين مدير جديد.
وفي أول اختبار، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إنّ الاحتلال "فشل فشلًا ذريعًا" في توزيع المساعدات، واتهم المكتب هذه المؤسسة بـ"الاستيلاء على عدد من شاحنات المساعدات التابعة لإحدى المنظمات الإنسانية الدولية العامة في القطاع".
والثلاثاء اندفع آلاف الفلسطينيين باتجاه مركز لتوزيع المساعدة تابع للمنظمة في جنوب قطاع غزة. وقالت "مؤسسة غزة الإنسانية" في بيان إنه في وقت ما الثلاثاء: "بلغ عدد الأشخاص في مركز التوزيع (SDS) حدًا دفع فريق المؤسسة إلى التراجع للسماح لعدد قليل من سكان غزة بتلقي المساعدات". وشوهد عدد من الفلسطينيين يحمل صناديق فيها مواد غذائية.
وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن لا معلومات لديها حول ما إذا تم تسليم أي مساعدات داخل قطاع غزة المنكوب.
وتقول المنظمات الإنسانية إن الكميات الضئيلة المسموحة حتى الآن لا تتناسب مع الاحتياجات الهائلة للسكان.
وأدى الحصار الشامل المفروض على القطاع الذي يشهد حربًا إسرائيلية مدمرة منذ 19 شهرًا على قطاع غزة، إلى تفاقم النقص في المواد الغذائية والأدوية.
وتشرف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على العمليات الإنسانية في غزة منذ عقود. لكن إسرائيل تتهم الوكالة بتوفير غطاء لحماس من غير تقديم أدلة دامغة على ذلك.
ووجهت لمؤسسة غزة الإنسانية انتقادات لاسيما حول اختيارها لـ"مواقع توزيع آمنة"، وهو أمر، بحسب منظمات إنسانية أخرى، ينتهك الأعراف لكونه يجبر السكان على التنقل لتلقي المساعدات الحيوية.
"خطة غزو القطاع"
وتسببت الحرب في نزوح الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، مرات عدة.
كذلك، يتساءل منتقدو "مؤسسة غزة الإنسانية" عن الجهة التي تحدد مواقع التوزيع هذه، في ظل خطة "غزو" القطاع التي أعلنتها إسرائيل.
وفي 24 مايو/ أيار، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إسرائيليين لم تكشف عن هويتهم، أن خطة مساعدات جديدة لغزة مدعومة من الولايات المتحدة "أعدها الإسرائيليون وطوَّروها إلى حد كبير كوسيلة لإضعاف حماس".
ولم تعلن أي جهة حتى الآن، باستثناء الحكومة الأميركية، رغبتها في دعم مؤسسة غزة الإنسانية.
كذلك، استبعدت الأمم المتحدة التعاون مع المؤسسة. وقال الناطق باسم الأمم المتحدة فرحان حق: "لا تتوافق خطتها مع مبادئنا الأساسية، بما في ذلك النزاهة والحياد والاستقلالية".
وأشارت منظمات غير حكومية، من بينها "أكشن إيد"، إلى أن "المساعدات المستخدمة للتستر على العنف المستمر ليست مساعدات؛ بل هي غطاء إنساني لإخفاء استراتيجية عسكرية للسيطرة ونزع الملكية".
ودعت منظمة "ترايل إنترناشونال" السويسرية غير الحكومية الأسبوع الماضي إلى فتح تحقيق لمعرفة ما إذا كانت أنشطة مؤسسة غزة الإنسانية مطابقة للقانونين السويسري والدولي.
كذلك، انتقدت اللجوء إلى شركات أمن خاصة مفترضة، معتبرة أن ذلك قد يؤدي إلى "عسكرة المساعدات".
وفي غزة، اعتبرت وزارة الداخلية المؤسسة جزءًا من خطة إسرائيل من أجل "السيطرة على توزيع المساعدات". ووصفت المنظمة بأنها "مشبوهة" متهمة إسرائيل باستخدامها لأغراض عسكرية.