منذ بدء مؤسسة غزة الإنسانية أعمالها في توزيع المساعدات على أهالي قطاع غزة، لم يمر يوم دون الإعلان عن استشهاد فلسطينيين قرب مراكز التوزيع التابعة للمؤسسة، وقد بلغ عددهم حتى الآن أكثر من 620 شهيدًا.
وتظهر المعلومات والسجلات الرسمية، أن مؤسسة غزة الإنسانية تأسست في فبراير/ شباط من العام الماضي، وهي مسجلة باسم شركة أميركية في سويسرا تعمل بتمويل أميركي وإدارة مشتركة غير معلنة مع إسرائيل.
ومطلع الشهر الحالي، طالبت 170 منظمة دولية وإغاثية بإغلاق هذه المؤسسة لأنها تعرّض المدنيين لخطر الموت والإصابة. يضاف لذلك، الاتهامات التي وجهتها منظمات دولية وحقوقية للمؤسسة بتنفيذ أجندة سياسية وأمنية.
نظامها ينتهك المبادئ الإنسانية
قبل ذلك ومع بداية عمل المؤسسة، رفضت غالبية المنظمات الإنسانية وجميع وكالات الأمم المتحدة التعاون معها، واعتبرت أن نظامها ينتهك المبادئ الإنسانية وقد يستخدم لتهجير الفلسطينيين قسرًا من خلال دفعهم للانتقال جنوبًا بالقرب من مراكز التوزيع.
وكشف تحقيق أجرته صحيفة "فايننشال تايمز" أن مجموعة بوستن الاستشارية، التي ساعدت في إنشاء المؤسسة، أعدّت نموذجين ماليين أحدهما لتكاليف نقل الفلسطينيين من القطاع، والآخر لإعادة إعمار غزة بعد الحرب.
وشمل النموذجان، وفق تحقيق الصحيفة، تقارير لتكاليف تهجير مئات الاف الفلسطينيين من القطاع والأثر الاقتصادي لهذا النزوح الجماعي.
وقد خمن أحد سيناريوهات التهجير أن أكثر من 500 ألف مواطن فلسطيني سيغادرون القطاع مع دفع مبلغ 9000 دولار لكل شخص.
وقبل تحقيق "فايننشال تايمز"، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تحقيقًا استقصائيًا أكد فيه ضباط وجنود إسرائيليون تلقيهم أوامر بإطلاق النار على حشود المدنيين غير المسلحين بالقرب من مواقع توزيع الغذاء دون أي سبب.
إثر ذلك، أقر قادة عسكريون إسرائيليون بإطلاق النار على طالبي المساعدات عند نقاط التوزيع بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها المدفعية.
كما تكشّفت حقيقة أخرى مفادها أن متعاقدين أمنيين أميركيين في مؤسسة غزة الإنسانية شاركوا في إطلاق النار على الفلسطينيين المجوّعين، رغم أنهم لم يشكلوا أي تهديد.
"كابوس على سكان غزة"
أحد المتعاقدين مع المؤسسة يقول، وفق هآرتس، إن الأوامر وجهت بإطلاق النار على العزل قرب مراكز التوزيع، وأن ثقافة المؤسسة تقول: "إنكم مادمتم ذاهبين إلى غزة فلا قواعد تلزمكم".
ويصل الأمر لأبعد من ذلك، وفق المتعاقد، الذي أكد أن قادة المجموعات كانوا يلمحون إلى أن "هؤلاء الناس لا قيمة لهم"، وفق تعبيره.
مسؤولة الإعلام في الأونروا إيناس حمدان: مؤسسة غزة الإنسانية تتجاوز المنظومة الأممية وتستخدم آلية توزيع غير موثوقة للمساعدات pic.twitter.com/8fKoDrUHM7
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 5, 2025
في هذا السياق، قالت مسؤولة الإعلام في الأونروا إيناس حمدان: "إنه لم يعد مفهومًا استمرار هذا الكابوس على سكان غزة، وكأنه تنقصهم آليات جديدة لقتلهم".
وأضافت حمدان في حديث للتلفزيون العربي من القاهرة، أن "من المؤكد أن هذه المؤسسة هي أبعد ما تكون عن معايير الإنسانية، ولا تملك أي خبرة في إدارة مواد غذائية أساسية بالنسبة للسكان".
وأشارت إلى أن الأمم المتحدة كانت قد حذرت قبل أن تبدأ هذه المؤسسة عملها وأكدت قلقها من طريقة توزيع المساعدات، على اعتبار أنها مؤسسة جديدة ولا خبرة سابقة لديها في عمليات التوزيع، بالإضافة إلى كونها تتجاهل المنظومة الأممية التي كانت موجودة في السابق والتي أثبتت فعاليتها ونجاحها.