خلال الأيام العشرة الأخيرة، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب "تهجير" الفلسطينيين، ومن ثم "استيلاء" الولايات المتحدة على غزة، في خطوة لاقت رفضًا وتنديدًا واسعًا من دول عربية وغربية عديدة وصفت الخطط بأنّها "تطهير عرقي" للفلسطينيين.
ويُشكّل "الترحيل أو النقل القسري للسكان" جريمة ضد الإنسانية، وفقًا للمادة السابعة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ورغم أنّ كلًا من الولايات المتحدة وإسرائيل وقّعتا على نظام روما دون التصديق عليه، فإن ذلك يُحرّرهما من أي قيود قانونية.
ما الذي يقوله القانون الدولي عن مقترح ترمب؟
أكد فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أنّ "أي نقل قسري أو طرد للأشخاص من الأراضي المحتلّة محظور تمامًا".
أما بالنسبة لاحتلال الولايات المتحدة لقطاع غزة، فهو يتعارض مع مبدأ سلامة الأراضي، وهو مبدأ أساسي في القانون الدولي، فضلًا عن مبدأ عدم انتهاك حرمة الحدود.
كما تنص المادة الثانية في الفصل الأول من ميثاق الأمم المتحدة على "المساواة في السيادة" بين الدول فيما بينها، ولذلك لا يُمكن لدولة أن "تستحوذ" على جزء من دولة أخرى.
ماذا عن الوضع في قطاع غزة؟
وفقًا لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، فإن غزة تخضع لتصنيفين:
الأول في زمن الحرب، حيث يتمّ تحديد وضع قطاع غزة بموجب المادة 42 من لوائح لاهاي لعام 1907.
وتنصّ المادة 42 على الآتي: "تُعتبر الأرض محتلة عندما توضع فعليًا تحت سلطة جيش العدو. ويمتد الاحتلال فقط إلى الأراضي التي تكون فيها هذه السلطة قائمة وقابلة للممارسة". إلا أنّ الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع السلطات في قطاع غزة.
أما الحالة الثانية، وهي نادرة جدًا، فتتطلّب قرارًا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإصدار إدارة دولية مؤقتة.
وعلى سبيل المثال، أنشأ قرار مجلس الأمن رقم 1244 لعام 1999 "وجودًا مدنيًا دوليًا في كوسوفو لتوفير إدارة مؤقتة" في نهاية حرب كوسوفو (1998-1999)، أي قبل "إنشاء مؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية المؤقتة الضرورية والإشراف عليها".
وفي غزة أيضًا، لم تحصل الولايات المتحدة على تفويض من الأمم المتحدة لإدارة قطاع غزة.
وتُثير تصريحات ترمب ضمنًا مسألة وضع قطاع غزة، الذي تنطبق عليه المادة 42 من اتفاقية لاهاي، لأنّه في الوضع الراهن محتلّ من قبل إسرائيل التي تنسحب تدريجيًا تنفيذًا لاتفاق وقف إطلاق النار.
وبصفتها السلطة القائمة بالاحتلال، يتعيّن على إسرائيل ضمان "توفير الملابس والفراش والإسكان الطارئ والإمدادات الأخرى الضرورية لبقاء السكان المدنيين في الأراضي المحتلة والأشياء الضرورية للعبادة"، وفقًا للمادة 55 من اتفاقية جنيف لعام 1949.
وخضع قطاع غزة لإدارة القاهرة بين عامَي 1948 و1967، وحرصت السلطات المصرية على عدم ضمّه.
واحتلت إسرائيل قطاع غزة وقامت ببناء المستوطنات هناك، حتى انسحابها عام 2005. ومع ذلك، ظل المجال الجوي والمياه الإقليمية تحت سيطرة إسرائيلية مشدّدة، ما أثار جدلًا قانونيًا بشأن وضعها.
وعقب تصريحات ترمب، تشير صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية إلى أنه في حال تولّت الولايات المتحدة زمام الأمور من خلال تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، فإنّها ستُوقّع بحكم الأمر الواقع على نهاية حل الدولتين، وهو السيناريو الذي ترفضه الدول العربية كافة بشدة.