الإثنين 25 مارس / مارس 2024

"مبادرة" الأمم المتحدة في السودان.. هل يقذفها المحتجّون خارجًا؟

"مبادرة" الأمم المتحدة في السودان.. هل يقذفها المحتجّون خارجًا؟

Changed

فيما لم تتضح ملامح المبادرة بعد، في شارع سياسي صاخب منذ أشهر، بدا موقف تجمع المهنيين السودانيين منها واضحًا، برفضها إلى أقصى حدّ.

بعد أسبوع على استقالة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، طرحت الأمم المتحدة من خلال رئيس بعثتها إلى السودان مبادرة لإطلاق حوار سياسي بين الأطراف المعنية بالأزمة.

وفيما لم تتضح ملامح المبادرة بعد، في شارع سياسي صاخب منذ أشهر، بدا موقف تجمع المهنيين السودانيين منها واضحًا، من خلال رفضها إلى أقصى حدّ.

وسط ذلك، يخشى كثيرون أن يقذفها المحتجّون خارجًا، وهم ينظرون إلى تجربة حديثة مع المكوّن العسكري أدمت مسارهم السياسي إلى حدّ بعيد.

إزاء ذلك، تُطرَح العديد من علامات الاستفهام، فما هي فرص نجاح المبادرة الأممية الجديدة، وهل سيتغيّر موقف تجمع المهنيين منها؟

أيّ فرص لمبادرة الأمم المتحدة؟

هكذا، تأذن الأمم المتحدة ببدء عملية تشاورية شاملة لحلّ الأزمة في السودان، وتتعهّد بألا تضع أيّ مسودّة، وألا تتبنّى أيّ مشروع، فالسودانيون وحدهم الأولى بذلك.

لكنّ السودانيين ما عادوا مقتنعين جميعًا بأنّ التشاور مفتاح حلّ لأزمة بلادهم، بعد ما اختبروه بين شوارع الخرطوم وأم درمان وبقية المدن السودانية.

أكثر من ذلك، لا توافق غالبية الأطياف السياسية المشاركة في المشاورات الأممية، فالحزب الشيوعي وحزب البعث وأحزاب أخرى، كلّها ترفض الجلوس إلى أي حوار.

ويعتقد كثير من السودانيين أنّ التدخل الأممي يمسّ بكرامة السودانيين أولًا، ولا يوصل إلى الحلول آخرًا، وفي الإقليم أكثر من نموذج على ذلك.

وفيما تقبل قوى الحرية والتغيير المبادرة الأممية، تضع شرطها: استئناف التحول الديمقراطي وتنحية نظام الانقلاب، في حين يرى غيرها أن وجود العسكر في المبادرة علّة لرفضها، فهم من قوّض المسار السياسي وعطّل الوثيقة الدستورية.

"تطمينات للانقلابيين"

يعتبر المتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين بشري الفكي أنّ تحركات ممثل أمين عام الأمم المتحدة فولكر بيرتس تثير الكثير من التساؤلات.

ويوضح الفكي في حديث إلى "العربي"، من سيدني، أنّ "فولكر بقي مسوّقًا للاتفاق الذي تمّ ما بين حمدوك ومجلس الانقلابيين والآن يأتي بمبادرة حقيقة هي مبادرة لفكّ أزمة الانقلابيين وليس لحلّ الأزمة السودانية".

وينبّه إلى أنّ "أيّ شكل من التطمينات التي تقدَّم لهؤلاء الانقلابيين تزيدهم عنفًا وتعطيهم الأمل في أن يفلتوا من الجرائم التي ارتكبوها بحق السودانيين وأن يكونوا جزءًا من مستقبل السودان".

وإذ يرى أنّ حمدوك سابقًا قام بالدور نفسه في توقيع الاتفاق مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يختصر المشكلة بأنّهم "يغضّون الطرف تمامًا عن العنف غير المسبوق الذي يتمّ في الشوارع".

"محاسبة شاملة" مطلوبة

في المقابل، يعتبر الباحث السياسي محمد عبد الله ود أبوك أنّ القوى السياسية في السودان بمجملها في مأزق حقيقي منذ بداية المرحلة الانتقالية، فهي فشلت في الاقتصاد وغيره.

ويشير ود أبوك في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إلى أنّ هذه القوى فشلت قبل المجلس العسكري في تشكيل مؤسسات الدولة، وهو ما أفضى إلى الأزمة الكبيرة التي يشهدها السودان اليوم.

وفيما يرى أنّ ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس "لا يعرف أهل السودان"، يذكّر بأنّ هذه القوى السياسية التي تعترض اليوم على مبادرته، هي التي أتت به أساسًا، فهو جاء بتفويض من خلال رؤية غير معروفة.

ويشير إلى أنّ تحرك الأمم المتحدة يأتي بعد فشل القادة السياسيين في إحداث أي خرق، مشددًا على أنّ جميع الأطراف في السودان معنيّون بحلّ الأزمة.

ويخلص إلى أنّ المطلوب إطلاق عملية حوار شامل ليس فيها تفريط ولا تساهل، مطالبًا بعملية شاملة من خلال آليات العدالة الانتقالية تضمن محاسبة "كل الذين أجرموا بحق البلد منذ 1956 حتى اليوم"، على حدّ قوله.

"الحوار يجب أن يكون داخليًا"

من جهته، يطرح رئيس تحرير صحيفة السوداني عطاف محمد مختار علامات استفهام حول الدور الذي يلعبه ممثل الأمين العام للأمم المتحدة فولكر بيرتس، مفضّلًا إطلاق وصف "دعوة" على "مبادرة" على الحوار الذي يسوّقه.

ويشير مختار في حديث إلى "العربي"، من الخرطوم، إلى أنّ فولكر إذا أراد فعلًا تفكيك الأزمة، فعليه عدم الاكتفاء بالقول إنّه مسهّل وميسّر.

ويلفت إلى أنّ مثل هذا الكلام كان يمكن أن يكون مقبولًا ومقنعًا لو أتى من أيّ شخصية أخرى تمثل الأمم المتحدة، لكنه لا يبدو كذلك منه، وهو الذي أتى وفقًا لآليات واضحة ومحدّدة.

ويوضح أنّ ثمّة مهاما محددة على فولكر أن ينجزها في إطار المرحلة الانتقالية، ولكنّه يشدّد على أنّ الحوار السوداني يجب أن يكون داخليًا، مضيفًا: "سئمنا من المبادرات الخارجية التي كلّفتنا غاليًا".

ويخلص إلى أنّ المشكلة الأساسية تبقى في الانقلاب الذي قاده البرهان، متحدّثًا عن قوتين في المشهد اليوم هما قوة الجيش وقوة الشارع، ولافتًا إلى أنّ اتجاه الشارع واضح، وهو يرفض المجلس العسكري الموجود حاليًا.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close