اكتشف خبراء من جامعة ييل الأميركية متلازمة مثيرة للقلق مرتبطة بلقاحات كوفيد. ويبدو أن الحالة غير المعروفة سابقًا، والتي يطلق عليها اسم "متلازمة ما بعد التطعيم"، تسبب ضبابية في الدماغ ودوخة وطنين الأذن وعدم تحمل ممارسة الرياضة.
وبحسب صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، يظهر بعض المرضى أيضًا تغيرات بيولوجية مميزة، بما في ذلك الاختلافات في الخلايا المناعية ووجود بروتينات فيروس كورونا في دمائهم، بعد سنوات من أخذ الحقنة.
متلازمة توقظ فيروس "إبشتاين-بار"
ويبدو أيضًا أن هذه الحالة توقظ فيروسًا خاملًا في الجسم يُسمى "إبشتاين-بار"، والذي يمكن أن يسبب أعراضًا تشبه أعراض الأنفلونزا وتضخم الغدد الليمفاوية ومشاكل الأعصاب.
ولم يتم نشر النتائج الكاملة للدراسة الصغيرة بعد، فيما أكد خبراء جامعة ييل أن النتائج "لا تزال قيد التقدم".
ومع ذلك، قال خبراء مستقلون إن النتائج التي توصلت إليها مؤسسة تحظى باحترام كبير، تشير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث بشأن متلازمة ما بعد التطعيم.
وفي المرحلة التالية من البحث، سيتأكد الباحثون من مدى انتشار هذه الحالة ومن هو الأكثر عرضة للخطر.
وقال آلاف الأشخاص إن لقاحات كوفيد أصابتهم بأعراض منذ طرح اللقاحات في عام 2021. لكن الطبيعة المجزأة لنظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة تجعل من الصعب تحديد الآثار الجانبية النادرة.
متلازمة ما بعد التطعيم وتشابك الأعراض
وقد فشلت دراسات في فصل الأعراض التي ظهرت بعد التطعيم ضد كوفيد عن الأمراض غير ذات الصلة، التي كانت ستحدث بغض النظر عن التطعيم.
وبحسب "ديلي ميل"، قال الدكتور أكيكو إيواساكي، مؤلف الدراسة وأخصائي المناعة في جامعة ييل: "إن هذا العمل لا يزال في مراحله المبكرة، ونحن بحاجة إلى التحقق من صحة هذه النتائج".
وأشار إلى أن هذا "يعطينا بعض الأمل في أنه قد يكون هناك شيء يمكننا استخدامه لتشخيص وعلاج متلازمة ما بعد التطعيم في المستقبل".

وتشير التقديرات إلى أن لقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال، التي صنعتها شركتا "موديرنا" و"فايزر"، أنقذت عشرات الملايين من الأرواح على مستوى العالم من كوفيد، بما في ذلك 3 ملايين في الولايات المتحدة.
تفاوت في الخلايا المناعية
وفي الدراسة الجديدة، التي لم تخضع لمراجعة النظراء، جمع فريق إيواساكي عينات دم من 42 شخصًا يعانون من متلازمة ما بعد التطعيم و22 شخصًا غير مصابين بها بين ديسمبر/ كانون الأول 2022 ونوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وعندما قاموا بتحليل أجهزة المناعة لدى المرضى، تبيّن أن المصابين بالمتلازمة لديهم نسب مختلفة من بعض الخلايا المناعية. ومن غير الواضح ما قد تعنيه هذه الاختلافات، لأن الباحثين لم يتمكنوا من ربطها بأعراض محددة.
كما نظر الفريق في 134 شخصًا مصابًا بكوفيد طويل الأمد، حيث تتداخل أعراض متلازمة ما بعد التطعيم معه، بالإضافة إلى 134 من متلقي اللقاح الأصحاء.
ويبدو أن كلاً من الأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد وأولئك الذين يعانون من متلازمة ما بعد اللقاح قد أعادوا تنشيط متلازمة "إبشتاين-بار".
وأصيب أكثر من تسعة من كل 10 بالغين "بإبشتاين بار" في مرحلة ما من حياتهم، وهي عدوى شائعة تنتشر عن طريق سوائل الجسم مثل اللعاب أو السائل المنوي. وتسبب المتلازمة أعراضًا مثل التعب والحمى والطفح الجلدي، وبمجرد اختفاء الأعراض، يظل الفيروس خاملًا في الجسم، حيث يمكن إعادة تنشيطه عندما يكون جهاز المناعة منخفضًا.
بروتينات كوفيد سبايك
كما كان لدى الأشخاص المصابين بمتلازمة ما بعد التطعيم مستويات مرتفعة من بروتينات كوفيد سبايك.
ويعتقد أن هذه البروتينات تسبب بعض أعراض كوفيد الطويلة، عن طريق إبقاء الجسم في حالة التهاب مستمرة. وكان هذا صحيحًا لدى المرضى الذين تلقوا لقاحاتهم قبل 36 إلى 709 يومًا.
وقال الدكتور إيواساكي: "كان من المفاجئ العثور على بروتين سبايك في الدورة الدموية في مثل هذا الوقت المتأخر"، حيث لا يُعرف ما إذا كان مستوى بروتين سبايك هو سبب الأعراض المزمنة، لأنه كان هناك مشاركين آخرين مصابين بمتلازمة ما بعد اللقاح ولم يكن لديهم أي بروتين سبايك يمكن قياسه.
وقال الدكتور هارلان كرومهولز، مؤلف الدراسة الرئيسي، وأستاذ الطب في جامعة ييل هارولد إتش هاينز الابن: "من الواضح أن بعض الأفراد يواجهون تحديات كبيرة بعد التطعيم".
وأضاف: "إن مسؤوليتنا كعلماء وأطباء هي الاستماع إلى تجاربهم، والتحقيق بدقة في الأسباب الكامنة وراء ذلك، والبحث عن طرق للمساعدة".