شهد فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية كوارث طبيعية متتالية، قد يكون تفاقم حجمها ووتيرتها بسبب التغير المناخي، بحسب عدد كبير من خبراء المناخ.
موجة حر في كندا واليونان
ضربت غرب كندا موجة حر غير مسبوقة ناجمة عن ضغط مرتفع يحبس الهواء الساخن نهاية يونيو/حزيران الماضي. وسجلت البلاد درجات حرارة قياسية مرات عدة بلغ آخرها 49,6 درجة مئوية في قرية ليتون في 30 يونيو/حزيران. كما تأثرت بتلك الموجة ولايتا واشنطن وأوريغون الأميركيتان. وقُدرت حصيلة الوفيات جراء موجة الحر بالمئات.
وكانت هذه الموجة الحارة "مستحيلة تقريبًا" لولا الاحترار الذي تسبب به الإنسان، وفقا لعلماء من تجمّع "وورلد ويذر اتريبيوشن" (إسناد الأحوال الجوية العالمية)، وهي مبادرة تجمع خبراء من معاهد بحثية مختلفة حول العالم. ووفقًا لهم، فإن تغير المناخ جعل هذا الحدث أكثر احتمالًا بما لا يقل عن 150 مرة.
وفي تموز/يوليو، ضربت موجة حر ثانية غرب الولايات المتحدة وكندا. وفي العاشر من تموز/يوليو، أشارت مصلحة الأرصاد الجوية الأميركية إلى أن الحرارة في لاس فيغاس شهدت أعلى مستوى لها على الإطلاق مع 47,2 درجة مئوية.
كما تشهد اليونان موجة حر شديدة منذ 29 يوليو/تموز. وأعلن رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الإثنين أن اليونان تواجه "أسوأ موجة حر منذ عام 1987"، في وقت بلغت درجات الحرارة 43 درجة مئوية في أثينا في 2 أغسطس/ آب.
فيضانات في أوروبا والصين والهند
وفي 14 و15 يوليو/تموز، قتلت فيضانات كبيرة 224 شخصًا على الأقل في ألمانيا وبلجيكا، بالإضافة إلى فقدان عشرات آخرين. واجتاحت السيول عشرات المناطق المأهولة. كما تسببت الفيضانات بأضرار في لوكسمبورغ وهولندا وسويسرا.
وهطلت أمطار خلال يومين فقط تعادل الكمية التي تسجّل عادة على مدى شهرين، بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وقال عالم الموارد المائية في جامعة بوتسدام كاي شروتر: "في الوقت الحالي، لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين إن هذا الحدث مرتبط بتغير المناخ"، لكن هذه الظواهر المناخية القصوى أصبحت "أكثر تواترًا وأكثر احتمالًا" بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وفي الصين، تضرب وسط البلاد فيضانات أسفرت حتى الآن عن مقتل 302 شخص على الأقل منذ 20 يوليو/ تموز، وفقًا لسلطات مقاطعة خنان. وسقطت خلال ثلاثة أيام على تشنغتشو أمطار توازي معدل متساقطات سنة بأكملها، وهو أمر غير مسبوق بحسب سجلات الأرصاد الجوية.
كما أودت الأمطار الموسمية الغزيرة في الهند بأكثر من 230 شخصًا، وتسبّبت بفيضانات وانزلاقات للتربة في النصف الثاني من يوليو/تموز.
وتعد الفيضانات والانهيارات الأرضية شائعة في الهند خلال موسم الأمطار الموسمية (بين يونيو/ حزيران وسبتمبر/أيلول)، لكن خبراء يرجّحون أن وتيرتها ازدادت بسبب الاحتباس الحراري.
حرائق في الولايات المتحدة وأوروبا
وتجتاح الحرائق غرب كندا والولايات المتحدة، خصوصًا كاليفورنيا، بسبب الجفاف والحرارة، حيث أتت الحرائق هذا العام على ثلاثة أضعاف الغطاء النباتي مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020.
ومن بين الحرائق الأكبر، "بوتليغ فاير" في ولاية أوريغون الذي أتى في أسبوعين على ما يعادل مساحة مدينة لوس أنجلوس من غطاء نباتي وغابات.
كما اندلعت حرائق عديدة بداية أغسطس/آب في اليونان وتركيا، وأججها نقص المياه وارتفاع درجات الحرارة، لا سيما في جنوب تركيا وفي جزيرة رودوس اليونانية.
واندلع 130 حريقًا خلال ستة أيام في جميع أنحاء تركيا. وقضى ما لا يقل عن ثمانية أشخاص وتم إجلاء مئات السياح والسكان، لا سيما من المدن السياحية أنطاليا وبودروم ومرمريس.
وفي لبنان اندلعت حرائق كبيرة في غابات شمال البلاد أتت على مساحات واسعة من الأشجار، وأدت إلى إصابات وإلى إخلاء سكان.