الخميس 18 أبريل / أبريل 2024

الذكرى لا تموت.. الناجون من انفجار مرفأ بيروت: حياتنا عالقة عند 4 أغسطس

الذكرى لا تموت.. الناجون من انفجار مرفأ بيروت: حياتنا عالقة عند 4 أغسطس

Changed

أسفر  انفجار مرفأ بيروت عن مقتل 217 شخصًا وإصابة أكثر من 7 آلاف آخرين (غيتي)
أسفر انفجار مرفأ بيروت عن مقتل 217 شخصًا وإصابة أكثر من 7 آلاف آخرين (غيتي)
أخبر أسر الضحايا والناجين من الانفجار صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أنهم لا يستطيعون الهروب من الدوامة القبيحة التي ظهرت في ذلك اليوم.

مضى عامٌ على انفجار مرفأ بيروت، وكان بمثابة جحيم يومي يعيشه الناجون المُحاصرون بالحزن. وفيما يتّجه لبنان نحو الهاوية، يُكافح الضحايا والناجون لمُواصلة حياتهم.

وبعد مرور عام على الانفجار الذي أسفر عن مقتل 217 شخصًا وإصابة أكثر من 7 آلاف آخرين، أخبر أسر الضحايا والناجين من الانفجار صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أنهم لا يستطيعون الهروب من الدوامة القبيحة في ذلك اليوم.

"لا يُمكنني المضي قدمًا"

يتحدّث جيلبير قرعان كل يوم عبر خدمة "واتساب" إلى خطيبته سحر فارس، التي سقطت في الانفجار. الشاب الذي شلّه الحزن، يُعيد شحن خط الهاتف المحمول الخاصّ بشريكته، حتى تبقى رسائله عليه.

من حوله، تشكل معالم منزله نوعًا من النصب التذكاري لخطيبته التي دامت علاقتهما سبع سنوات، والتي كانت مسعفة في فوج إطفاء بيروت. وتكاد لا تخلو بقعة من المنزل من صور سحر ولوحات لها بزيّها.

حتى جسد جيلبير أصبح مزارا: وشم وجه سحر على ساعده الأيسر، واسمها على رقبته.

ويقول قرعان: "الجميع يشرح لي أن الحياة تمضي، ولكن حياتي عالقة عند الرابع من أغسطس/ آب 2020، لا يمكنني المضي قدمًا. أعيش لحظة الانفجار كل يوم. لا أستطيع النوم. ما زلت أفكر أنها مسافرة. لا أستطيع أن أتخيّل أنها لن تعود إلى المنزل".

وما جعل الأمر أسوأ على جيلبير، أنه كان يتحدّث مع سحر عبر الفيديو، قبل الانفجار بلحظات. آخر ما رآه كان وجهها المرعوب، وفجأة أُغلق الهاتف. ويضيف: "بعد ذلك بثانيتين ألقاني الانفجار أرضًا".

وما يُضاعف من الضرر حقيقة أن الآلاف من المساكن التي تضرّرت أو دُمّرت في الانفجار، والبالغ عددها 77 ألف وحدة سكنية لم يتمّ إعادة بنائها بالكامل بعد. ولا تزال الواجهة البحرية الأقرب إلى الميناء، التي كانت ذات يوم عبارة عن أفق مثير للإعجاب من المباني السكنية والشركات والحانات، أرضًا مدمّرة.

جيلبير قرعان

 "هناك ألم في كل ثانية من كل يوم"

كل صباح تستيقظ ترايسي نجار، وتبكي لمدة نصف ساعة، قبل أن تُواصل كفاحها اليومي من أجل العدالة من أجل ابنتها ألكسندرا، (ثلاث سنوات)، وهي من بين أصغر ضحايا الانفجار.

يقول زوجها بول: "نعيش الألم كل ثانية من كل يوم"، حيث تظلّ الجريمة بلا عقاب ودون حل.

ويضيف: "ليس لدينا حقيقة، ولا عدالة، ولا أحد يحاسب. ليس لدينا مساحة للحزن".

ويحثّ الوالد المجتمع الدولي على قطع العلاقات الدبلوماسية مع المتورّطين في الانفجار، قائلًا: "من الإجرام مطالبة نفس الأشخاص الذين قتلونا في 4 أغسطس، بتشكيل حكومة وحكمنا مرة أخرى".

كارمن الخوري

"ما زلت عالقة عند الرابع من أغسطس"

في لحظة الانفجار، ارتبكت كارمن الخوري، من ضجيج بدا وكأنه طائرة تحلق على ارتفاع منخفض. حدّقت في السماء التي ما لبثت أن أطلقت حلقة بيضاء من الجحيم جرفت كل شيء في طريقها.

استعادت وعيها، أسفل سيارة مثبّتة بقطعة معدنية ثقيلة انفصلت عن مفصّلاتها، وإلى جانبها امرأة تُحتضر وتختنق بدمائها. إلى جانبها، مرّت امرأة أخرى وهي تحمل يدها المقطوعة.

في خضم فوضى المستشفيات المكتظة، استغرق الأمر أيامًا حتى تحصل الأكاديمية على تشخيص كامل.

في النهاية، عالجت كتفها المخلوع، وكوعها المكسور. لكن بعد مرور عام، تضرّرت إحدى كليتيها من قوة الإصابة، وهي تحتاج إلى مغادرة البلاد للعلاج، بعد أن اختفت الأدوية، وأصبحت عمليات غسيل الكلى غير متوفرة.

تروي الأم التي تعاني من الألم كل يوم، أنه لم يعد لديها أي من الأدوية التي تحتاجها، لذا "أحاول الحصول عليها من أي شخص يمكنه إحضارها من الخارج."

وتقول: "لم أحصل على المساعدة في دفع فواتير العلاج، ولم يعوّضنا الجيش عن الأضرار التي لحقت بالمنزل، ولم نحصل على دعم من الدولة".

تعكس قصتها قصة العديد من الأشخاص الذين يتعاملون مع إصابات غيّرت حياتهم في بلد انهار اقتصاده بالكامل. في يناير/ كانون الثاني، أفاد المجلس النرويجي للاجئين أن 42% من العائلات المتضرّرة من الانفجار، والذين يُعانون من حالات طبية مزمنة، لا يُمكنهم مواصلة علاجهم، وهي نسبة يعتقد أنها أعلى بكثير الآن.

وتضيف الخوري بلهجة مألوفة: "ما زلت عالقة عند الرابع من أغسطس. لقد تحطّمت منازلنا وحياتنا. من الصعب جدًا أن تكون عاجزًا ولا تعرف إلى أين تذهب وماذا تفعل".

مكروهي أركانيان

لا عدالة، لا إجابات

وبعد أن عاشت مكروهي أركانيان عقودًا من الحرب الأهلية، علمت أنه سيكون من الحكمة الابتعاد عن النوافذ في الساعة السادسة من مساء 4 أغسطس، عندما سمعت أول دوي انفجار من مستودع المرفأ على بعد بضع مئات الأمتار.

بعد ثوانٍ، ضرب إعصار أبيض من الضغط منزلها. جلست اللبنانية الأرمينية (74 عامًا) في المنزل المدمّر لساعات، إلى جوار جثة قريبها، حيث لم يأت أحد لمساعدتها.

وتقول: "لم يأت أحد لإزالة الأنقاض، أو إصلاحه".

وتضيف: الوحيدون الذين ساعدونا كانوا متطوّعين نقلوا بعض أغلى ممتلكاتي إلى شقة صغيرة أستأجرها الآن في جزء مختلف من المدينة.

تلقّت أخيرًا 30 مليون ليرة (حوالي 1500 دولار بسعر السوق السوداء) من الجيش اللبناني كتعويض تعيش عليه الآن. لكن مع ارتفاع الأسعار، لن يستمر طويلًا.

تسأل وهي تشقّ طريقها بين الأنقاض: "لماذا لم تُساعدني السلطات على الأقل في إخلاء الشقة. أفتقد منزلي كثيرًا. لا توجد عدالة، ولا أجوبة. لم نتلق أي شيء".

وتقول إيلينا ديكوميتيس، من المجلس النرويجي للاجئين في لبنان: إن العديد من الأشخاص "مُعرّضون لخطر الإخلاء لأنهم لم يعودوا قادرين على دفع الإيجار، وكانوا يتخطّون وجبات الطعام من أجل الاستمرار".

وتضيف: "كانت الأحياء الأقرب إلى مركز الانفجار، أفقر مناطق المدينة. وبعد الانفجار غرقت الآن أكثر في براثن الفقر".

المصادر:
الإندبندنت

شارك القصة

تابع القراءة
Close