الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

جائحة كورونا تدفع آلاف الأطفال في الأردن إلى سوق العمل

جائحة كورونا تدفع آلاف الأطفال في الأردن إلى سوق العمل

Changed

حذرت منسقة منظمة العمل في الأردن من أن وضع عمالة الأطفال في الأردن "مقلق".
صورة تعبيرية حول عمالة الأطفال (getty)
فيما تسعى منظمة العمل الدولية لجعل العام 2021 عام القضاء على عمالة الأطفال، يزداد التحاق أطفال الأردن بسوق العمل، مع فقدان الأسر مصادر دخلها نتيجة انتشار جائحة كورونا.

أدّى توقّف التدريس في المدارس الأردنية منذ منتصف مارس/ آذار 2020 إلى التحاق آلاف الأطفال بسوق العمل، لا سيّما مع فقدان كثير من الأسر مصادر دخلها المعتادة؛ بسبب تداعيات تدابير الإغلاق على الوضع الاقتصادي.

وانضم هؤلاء الأطفال لنحو 76 ألف طفل عامل في الأردن، وفقًا لأرقام رسمية نشرت عام 2016، رغم أن القوانين تحظر عمل الأطفال تحت سن 16 عامًا.

حلم معطل

عمر ذو الـ14 عامًا، الذي عطّلت جائحة كوفيد-19 حلمه بأن يصبح طيارًا، يشعر بحسرة كلما مرّ صباحًا أمام مدرسته المغلقة في إحدى مناطق عمّان الشعبية، وهو في طريقه إلى عمله في محل لإصلاح مدافئ الكاز والغاز.

وبفخر قال عمر، الذي يعمل منذ نحو أربعة أشهر قرابة 12 ساعة يوميًا: "أنا أعمل كي أساعد أهلي في مصروف البيت". ويرجو في الوقت نفسه أن تنتهي هذه الجائحة؛ ليعود إلى إكمال دراسته، وتحقيق حلمه، فيصبح طيارًا يجوب العالم.

لكن على التلميذ في الصف السابع الانتظار، فقد قررت الحكومة إعادة فتح دور الحضانة والمدارس للصفوف الثلاثة الأولى، والثانوية العامة في السابع من الشهر المقبل، ولباقي الطلاب في الشهر الذي يليه.

وشكا عمر اتساخ ملابسه الدائم، وتطاير رائحة الكاز منها، قائلًا: "عند عودتي إلى المنزل أغتسل وأستحم، لكن رغم ذلك تبقى رائحة الكاز تفوح من يديَّ".

وأشار الطفل البشوش الى أنه بالكاد يجد وقتًا في المساء ليجلس مع شقيقته الصغيرة ووالديه؛ إذ ينام باكرًا ليصحو باكرًا.

ويحصل عمر على ثلاثة دنانير يوميًا تساعد أسرته في إيجار البيت البالغ 130 دينارًا (نحو 183 دولارًا)، لا سيما وأن والده عامل يعمل باليومية، ولم يعد يجد فرص عمل مثل عشرات الآلاف غيره منذ تفشي فيروس كورونا المستجد.

زيادة الفقر

وارتفع عدد الأطفال العاملين في الأردن من نحو 33 ألفًا عام 2007 إلى قرابة 76 ألفًا عام 2016، ويعمل نحو 45 ألفًا منهم في أعمال تصنف خطرة، وفقًا لأرقام رسمية.

وقالت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الأردن تانيا شابويزات في تصريح إلى وكالة "فرانس برس": "ليست لدينا أرقام جديدة محددة، لكننا نعلم أن الأرقام تضاعفت بين عامي 2007 و2016، ونعتقد أنه مع الجائحة ستكون الأرقام أسوأ".

وأضافت: "نشعر بالقلق من أن الأرقام في ارتفاع؛ من المنطقي أن ترتفع لأننا نعلم أن معدلات الفقر في ارتفاع".

وأكد خضر أبو زيد (58 عامًا)، الذي يؤجر عشرات العربات يوميًا منذ نحو 24 عامًا في السوق الشعبي في منطقة الوحدات المكتظة بالسكان في عمان، أن عدد الأطفال الذين يستأجرون العربات زاد منذ إغلاق المدارس.

ولفت إلى أن الذين يقومون الآن بالتحميل في السوق هم صغار بين 12 و17 عامًا، وأوضح أن كلًا منهم يجني نحو خمسة دنانير يوميًا (نحو سبعة دولارات) وأحيانًا أكثر.

وهذا ينطبق على مصطفى (12 عامًا)، الذي يصحو باكرًا يوميًا ليستأجر عربة ينقل عليها البضائع في السوق.

وقال مصطفى وهو ينتظر استلام عربة استأجرها بعد أن تم إصلاحها: "لا مدارس الآن؛ أعمل منذ أشهر بشكل يومي، أنقل الخضار والدجاج في السوق".

وكشف، وهو يدفع العربة، أنه يعمل من التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساء تقريبًا.

ويجني مصطفى يوميًا نحو خمسة دنانير يدفع منها دينارًا واحدًا إيجارًا للعربة، ويعطي النقود لأهله ليساعدهم؛ فشقيقاه ووالده عمّال يعملون باليومية، ولا يجدون عملًا كل الوقت.

وبلغ معدل الفقر، وفق الأرقام الرسمية في الأردن في خريف 2020، نحو 15,7 في المئة، بينما توقّع البنك الدولي زيادة معدلات الفقر في المدى القصير 11 في المئة.

وارتفع معدل البطالة في المملكة عام 2020 ليصل إلى نحو 23 بالمئة، في بلد تجاوز دَينه العام 102 في المئة من الناتج الداخلي.

ورأى مدير "المرصد العمالي الأردني" (غير حكومي) أحمد عوض، أن العاملين الأساسيين المؤثرين على زيادة أو نقصان عمل الأطفال هما: مستوى الفقر، وفعالية نظام التعليم في المرحلة الأساسية، والمساران تأثرا سلبًا خلال الجائحة.

وأوضح أن معدلات الفقر زادت بشكل ملموس مع انخفاض مستويات الأجور نتيجة اختلال العَرض والطلب والإغلاقات والإجراءات الحكومية، وهناك من سُرح من عمله. 

وأضاف: "الجانب الثاني الأساسي هو التعليم، وكما تعلم في الفصلين الدراسيين، لم يكن هناك تعليم وجاهي".

التعلم عن بعد

وحذّرت منسقة منظمة العمل في الأردن فريدة خان، من أن وضع عمالة الأطفال في الأردن "مقلق"، لا سيّما مع عدم كفاءة نظام التعليم الإلكتروني.

وأشارت إلى أن معظم العائلات لديها مستوى بسيط من التعليم، ولا تتمكن من مساعدة أطفالها في التعلم عن بعد، ناهيك عن تشتت ذهن الأطفال في المنزل.

ونبّهت إلى أن الأهالي الذين يفقدون دخلهم  يواجهون خيارات صعبة، فيدفعون أبناءهم إلى سوق العمل؛ لتعويض الدخل المفقود خصوصًا مع استمرار إغلاق المدارس.

بدورها، قالت شابويزات في هذا الشأن: "نعلم أن واحدًا من كل أربعة أطفال لا يدخل إلى منصات التعلّم عن بعد، وفقط 31% من مجموع الأطفال لديهم إنترنت".

وختمت: "قد يكون نظام التعلم عن بعد فعالًا لبعض الأردنيين، ولكن يهمنا مَن هم الأكثر ضعفًا، وبالنسبة إلى هؤلاء القضية معقدة للغاية".

وتسعى منظمة العمل الدولية لجعل العام 2021 عام القضاء على عمالة الأطفال.

المصادر:
فرانس برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close