الأربعاء 27 مارس / مارس 2024

مجرمون ينتظرون محاكم طالبان.. هل تحقق "العدالة" عبر نظامها القضائي؟

مجرمون ينتظرون محاكم طالبان.. هل تحقق "العدالة" عبر نظامها القضائي؟

Changed

حاول قضاة طالبان في بعض الحالات تجنّب إصدار أحكام قاسية (غيتي)
حاول قضاة طالبان في بعض الحالات تجنّب إصدار أحكام قاسية (غيتي)
حاول قضاة طالبان في بعض الحالات منذ عودة الحركة إلى السلطة تجنّب إصدار أحكام قاسية للغاية خشية خسارة دعم السكان.

لا تزال حركة طالبان، التي شكلت حكومة مؤقتة تديرها في أفغانستان، تكافح لتطبيق نظامها القضائي الخاص على مستوى البلاد بعد ثلاثة أشهر من عودتها إلى السلطة.

وتسعى الحركة "الموازنة بين رؤيتها الأخلاقية والرغبة في تقديم تعهدات تعكس بيروقراطية تعمل بشكل عادي وإلمامًا بالأعراف، بما في ذلك في ما يتعلق بحقوق الإنسان"، بحسب الباحث آدك بازكو، الذي أجرى تحقيقًا ميدانيًا في النظام القضائي لطالبان من عام 2010 حتى 2016.

وفي تحقيق أجرته وكالة فرانس برس بشأن النظام القضائي تحت حكم طالبان في أفغانستان، فقد سلط الضوء على أوضاع السجناء في ظل مساعي الحركة لتشكيل سلطة قضائية لنظامها الجديد في البلاد.

"نظام قضائي جيد"

ويقبع 12 "مجرمًا" في غرفة صغيرة مفروشة بالسجاد شيّدتها طالبان سجنًا مؤقتًا، حيث لم يمثل أي من السجناء المحتجزين في الطابق الأرضي للمقر في منطقة بنجواي جنوبي البلاد أمام القاضي المحلي المتواجد في منطقة أخرى.

وإلى حين وصوله، يمثّل مقاتلو طالبان من وحدة في ولاية قندهار النظام القضائي بأكمله.

وقال رجل أعمال يدعى حاج باران تم توقيفه قبل ثلاثة أيام إثر دين مستحق: "سيبقونني هنا إلى أن يكون بمقدوري تسديد المبلغ المستحق"، مضيفًا تحت أنظار أحد الحراس: "لدينا نظام قضائي جيّد في ظل قانون الشريعة الذي تفرضه طالبان".

ووفق الباحث آدك بازكو، فإن الحركة جعلت تفسيرها للقضاء في قلب عقيدتها الفكرية و"حوّلت المحاكم إلى وسائل لإحكام سيطرتها على السلطة".

ويرى أن سكان المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان منذ عام 2004 كانوا "يلجؤون إليها نظرًا لتزايد مشاعر عدم الرضا حيال تدخل مجموعات غربية في نزاعاتهم بشأن الأراضي ونظام قضائي بدا فاسدًا بشكل متزايد وقائمًا على المحسوبيات".

وأوضح أنه في سياق الحرب، رحّب البعض بشكل كبير بالعقوبات التي فرضتها طالبان. فبينما كانت تعرف بقسوتها، إلا أنها تميّزت بالحياد والسرعة وإمكانية توقعها.

"لم أرتكب أي خطأ"

في مدينة قندهار القريبة، يستعرض نائب مدير السجن المركزي منصور مولوي كابلًا كهربائيًا طويلًا يستخدم للجلد أثناء جولة في المهاجع التي تنتشر فيها الأوساخ.

ويقول إنّ أحد الأجنحة يضم ألف مدمن على المخدرات أجبروا على تركها. ويشير إلى أن مئتي "مجرم" محتجزون الآن في المكان.

وأضاف مولوي، الذي كان يدير سجنًا سريًا لطالبان في المنطقة: "من الأفضل أن تحدد الشريعة الإسلامية" المجرم، مشيرًا إلى أن ذلك لم يكن ممكنًا في ظل النظام السابق غير الفاعل والفاسد في كثير من الأحيان.

ومن بين الأشخاص الذين ينتظرون محاكمتهم محمد نعيم، الذي جلس أرضًا في باحة السجن. وتم توقيفه قبل شهرين بينما كان في منزله مع زوجته وفتاة تبلغ من العمر 14 عامًا قال إنّه كان يرغب في الزواج منها.

وقال الرجل البالغ 35 عامًا: "وافقت الفتاة لكن والديها لم يوافقا"، مشيرًا إلى أنهما اتصلا بطالبان واتهماه بالاعتداء الجنسي". ويؤكد: "لكنني لم ألمس الفتاة، يمكنهم التحقق من ذلك عبر الفحوص".

وفي حال أدين بإقامة علاقة جنسية خارج إطار الزواج، سيواجه احتمال الإعدام بالرجم. ويقول: "كل ما أريده هو أن تتم مقاضاتي بموجب الشريعة الإسلامية، لأنني لم أرتكب أي خطأ".

عبرة

حاول قضاة طالبان في بعض الحالات منذ عودة الحركة إلى السلطة تجنّب إصدار أحكام قاسية للغاية، خشية خسارة دعم السكان.

ويستذكر الباحث بازكو قضية عرفت على نطاق واسع في عهد نظام طالبان السابق في التسعينيات عندما دُفع جدار على رجل أدين بالمثلية الجنسية، ما أدى إلى مقتله. لكن اليوم، لم تعد مثل هذه الحالات "تمثّل الحياة اليومية في ظل نظام طالبان القضائي"، على حد قوله.

بدلًا من ذلك، يشدد قادة أفغانستان الجدد على أنهم يسعون لنيل احترام المجتمع الدولي.

وأفاد الناطق باسم حكومة طالبان ذبيح الله مجاهد "إذا قتل أحد ما شخصًا، حتى وإن كان من رجالنا، فإنها جريمة وستجري محاكمته وسيكون عليه مواجهة القانون"، بعدما قتل ثلاثة أشخاص مؤخرًا خلال حفل زفاف على أيدي مقاتلي طالبان إثر خلاف بشأن الموسيقى.

مع ذلك، أعادت الحكومة الجديدة إحياء بعض أدوات الردع التي كانت تلجأ إليها في نظامها الأول، مثل الشرطة الدينية ووزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وعلّقت الحركة في مدينة هرات في 25 سبتمبر/ أيلول على رافعات جثث أربعة رجال اتهموا بالخطف ليكونوا "عبرة"، وفق ما أفاد مسؤولون.

"أكبر تطور"

ويرى بازكو أن "أكبر تطور لطالبان" عن نظامها السابق يكمن في أنها تناقش هكذا أمور، حتى وإن كانت هناك فجوة ضخمة بين الأقوال والأفعال.

وبات أكبر سجن "بلجرخي" وهو الأكبر في كابل مهجورًا بالكامل تقريبًا منذ أطلق عناصر الحركة سراح عشرات آلاف المجرمين خلال الساعات الأخيرة من معركتهم للإطاحة بالحكومة التي كانت مدعومة من واشنطن.

ويستعد مسؤول في طالبان هو أسد الله شهنان لإعادة فتح المنشأة، حيث قضى شهنان نفسه ست سنوات في بلجرخي سجينًا في عهد الحكومة السابقة، التي واصلت تطبيق عقوبة الإعدام.

ويستذكر كيف كان يتم جلب السجناء إلى النوافذ في أيام تطبيق الإعدامات وإجبارهم على المشاهدة، ويؤكد "لن نفعل ذلك".

المصادر:
العربي - أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة
Close