مجزرة المواصي.. كيف ساهم الصمت الدولي بتمادي إسرائيل في جرائمها؟
تعرضت منطقة النص في المواصي بخانيونس جنوب قطاع غزة إلى حزام ناري واسع على شكل ضربات صاروخية من طائرات مسيرة إسرائيلية، نفذت قصفًا متتاليًا ومتعدد الأهداف في فترة قصيرة ما أسفر عن مجزرة راح ضحيتها 90 شهيدًا وعشرات الجرحى.
وبالتوازي، نفذت إسرائيل مجزرة أخرى في مخيم الشاطئ طالت مصلى أُقيم على أنقاض المسجد الأبيض الذي دمرته إسرائيل غرب المخيم، ما أسفر عن 20 شهيدًا هو مصلون كانوا يؤدون صلاة الظهر.
مجزرة المواصي
وبدأ سيناريو العملية في المواصي بخانيونس باستهداف منزل ثم منزل آخر، وخيام النازحين وشارع مكتظ، بعد ذلك تم استهداف سيارات تابعة للإسعاف والدفاع المدني.
وتبع ذلك انفجار كبير نتيجة قصف نقطة لتجميع أسطوانات الغاز، ومحطة لتحلية المياه مخصصة للغزيين الذين يقفون في طوابير للحصول على مياه الشرب.
وتقول تل أبيب إن التحضير لهذه العملية استغرق وقتًا طويلًا، لتنفيذ هجوم دقيق سيودي وفق التقديرات الإسرائيلية بكثير من المدنيين.
وزمن تنفيذ الاعتداء الإسرائيلي يمثل وقت الذروة في حركة المدنيين في كلا المكانين، لكن ذلك لا يمنع إسرائيل من تنفيذ الجريمة بذريعة وزعم وجود قادة ميدانيين من "القسام" في خيام النازحين، مع تأكيدات أمنية بعدم وجود "رهائن" إسرائيليين في الجغرافيا المستهدفة.
ورفع جيش الاحتلال حالة التأهب بين صفوفه بعد تنفيذ العملية، فيما جندت الخارجية الإسرائيلية غرفة الطوارئ، داعية جميع سفراء تل أبيب إلى الدفاع عن روايتها أمام المنظمات الدولية ومن يستهدفها.
كل هذا يتم باستخدام قنابل أميركية من نوع JDAM التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاستشعار المتقدمة بحسب صحيفة معاريف وإذاعة الجيش الإسرائيلي.
تفنيد رواية الاحتلال
بدورها، قالت حركة "حماس" إن ادعاءات الاحتلال بشأن استهداف قيادات في كتائب "القسام" كاذبة وهدفها التغطية على حجم المجزرة المروعة، داعية كتائب المقاومة للنفير العام.
من جهتها، قالت الرئاسة الفلسطينية إن مجزرة المواصي استكمال لحرب الإبادة الجماعية، محملة الإدارة الأميركية مسؤولية استمرار الجرائم.
كذلك أدانت القاهرة مجزرة المواصي معتبرة أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين تعقد جهود التوصل إلى التهدئة ووقف إطلاق النار.
وفي السياق ذاته أكدت الخارجية الأردنية إدانة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للمدنيين ومراكز إيواء النازحين في غزة.
وأكدت دولة قطر في بيان لخارجيتها أن "تكرار جرائم الاحتلال في حربه على غزة تثبت الحاجة الملحة إلى تحرك دولي عاجل لإنهاء العدوان الغاشم فورًا".
بطش وحشي
متابعةً لهذه التطورات، يؤكد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن ما حصل السبت في قطاع غزة ليس فقط جريمة حرب، بل هو جزء من الإبادة الجماعية التي تمثل سياسة إسرائيل الرسمية.
فوفق البرغوثي، لا يوجد أي مبرر على الإطلاق للقتل والذبح الوحشي الذي جرى لمدنيين من أطفال ونساء اليوم لا سيما وأن مجزرة المواصي وقعت في منطقة كان الإسرائيليون قد دفعوا بأنفسهم إليها آلاف الفلسطينيين من رفح ومناطق أخرى باعتبار أنها مناطق آمنة.
كما ندد البرغوثي في مداخلته مع التلفزيون العربي بالجريمة الثانية التي ارتكبت في مخيم الشاطئ بمكان للصلاة.
وأردف: "نحن نتحدث هنا عن سلسلة من المجازر التي ينفذها الاحتلال، ولا يوجد أي مبرر لها.. وهم على الأغلب يكذبون الآن بقولهم إنه كان هناك قياديان.. وحتى ولو وجدا فهذا لا يبرر قتل الأطفال والنساء.. وإذا كان هناك مقاوم فهو لا يكون يمارس عملية مقاومة عندما يكون موجودًا في مثل هذا المكان".
وعليه، يشدد البرغوثي على أن ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي يخالف كل القواعد الإنسانية والدولية، مستهجنًا أية محاولة للمساواة بين الجلاد والضحية على حد قوله.
ويوضح الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية: "أبناء الشعب الفلسطيني يقاومون دفاعًا عن شعبهم وعن حياتهم وعن أبنائهم.. وهذا لا يجري فقط في غزة بل أيضًا في طولكرم وجنين ومناطق عديدة أخرى".
كما لفت في مداخلته من الدوحة إلى أن أبشع أنواع البطش الوحشي الذي مارسه الاحتلال اليوم، كان الاعتداء المقصود والمخطط له على طواقم الإسعاف التي تقدمت لمعالجة الجرحى، حيث استشهد 3 مسعفين وأصيب عدد آخر.
الصمت الدولي واستمرار جرائم إسرائيل
وردًا على سؤال حول توثيق الجرائم في ظل غياب من يرغم إسرائيل على التوقف ومحاكمتها عليها، يرى البرغوثي أنه لم يكن الاحتلال ليكون قادرًا بعد مرور 9 أشهر على عدوانه الإجرامي على غزة على ارتكاب مجازر جديدة، لولا الصمت الدولي الرسمي على جرائمه وعدم فرض عقوبات عليه.
ويتابع البرغوثي من الدوحة: "هناك أيضًا ضعف في الموقف الرسمي العربي الذي لم يقم بشيء فعال.. واستمرار بعض الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل رغم كل هذه المجازر التي ارتكبتها.. لم تكن لتصل إلى هذه الدرجة لو فرضت عليها عقوبات حقيقية".
ويخلص إلى أن ما يجري اليوم في غزة ليس فقط مجزرة ضد الشعب الفلسطيني، بل أيضًا "ذبح للقانون الدولي على يد إسرائيل وحكومتها الفاشية التي ذهبت في اتجاهات لا يمكن احتمالها".