وافق مجلس الأمن الدولي على بيان يندد بالعنف واسع النطاق في منطقة الساحل السوري، ويدعو السلطات الانتقالية في البلاد إلى حماية جميع السوريين بغض النظر عن العرق أو الدين، وفق ما أكد مسؤولون لوكالة "رويترز".
وقال دبلوماسيون إنه من المقرر الموافقة على البيان الذي صاغته روسيا والولايات المتحدة رسميًا، في وقت لاحق اليوم الجمعة. وجاءت الموافقة عقب اجتماع مغلق عقده المجلس المكون من 15 عضوًا بشأن سوريا يوم الإثنين.
وشهدت منطقة الساحل السوري اشتباكات عنيفة على مدار أيام بين أنصار الرئيس السابق بشار الأسد، والسلطات الجديدة في البلاد. وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنها وثقت مقتل أكثر من 900 شخص منذ بدء الأحداث.
توثيق حقوقي
وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء، إن عائلات بأكملها، بما في ذلك نساء وأطفال، قُتلت في طرطوس واللاذقية - حيث يعيش أفراد من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد - كجزء من سلسلة من عمليات القتل الطائفية نفذتها جماعات متنافسة.
من جهتها، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير أولي، مقتل 803 أشخاص خارج نطاق القانون خلال الفترة الممتدة من 6 إلى 10 مارس 2025، إثر الهجمات التي شنَّتها مجموعات مسلحة مرتبطة بنظام الأسد، وتمركزت بصورة رئيسة في اللاذقية وطرطوس وحماة.
وسجلت الشبكة مقتل 172 عنصرًا على الأقل من القوات الأمنية والشرطية والعسكرية، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 211 مدنيًا، بينهم أحد العاملين في المجال الإنساني، على يد عناصر النظام السابق.
كما وثقت الشبكة مقتل ما لا يقل عن 420 شخصًا من المدنيين والمسلحين من منزوعي السلاح، وذلك على يد من وصفتها بالفصائل والتنظيمات غير المنضبطة التي تتبع شكليًا وزارة الدفاع.
وأشارت إلى أن مجموعات مسلحة مرتبطة بالنظام السابق نفذت هجمات منسقة استهدفت مواقع أمنية وعسكرية تابعة لوزارتَي الدفاع والداخلية في الحكومة الانتقالية، ما دفع القوات الحكومية الرسمية إلى شنّ عمليات أمنية موسعة لملاحقة المهاجمين.
وشاركت في هذه العمليات إلى جانب القوات الرسمية فصائل عسكرية محلية وتنظيمات منضوية شكليًا تحت مظلة وزارة الدفاع، دون أن تندمج معها تنظيميًا بصورة فعلية، بالإضافة إلى مجموعات محلية من المدنيين المسلحين الذين قدموا الدعم للقوات الحكومية، دون أن تكون لهم تبعية رسمية لأي تشكيل عسكري محدد، بحسب الشبكة.
وجاء في البيان المتوقع صدوره عن مجلس الأمن: "يدعو مجلس الأمن السلطات الانتقالية إلى حماية جميع السوريين بغض النظر عن عرقهم أو دينهم...يجب على السلطات الانتقالية في سوريا محاسبة مرتكبي هذه المجازر الجماعية".
وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد قال إن أعمال القتل الجماعي لأفراد من العلويين تهديد لمهمته بتوحيد البلاد، وتعهد بمعاقبة المسؤولين عنها بما في ذلك حلفاؤه إذا لزم الأمر.
وقال البيان: "يرحب مجلس الأمن بالإدانة العلنية التي أصدرتها السلطات السورية المؤقتة لحوادث العنف، ويدعو إلى اتخاذ المزيد من التدابير لمنع تكرارها".
الانتهاكات الإسرائيلية
كما أكد مجلس الأمن "التزامه القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، ويدعو جميع الدول إلى احترام هذه المبادئ والامتناع عن أي عمل أو تدخل من شأنه أن يزيد من زعزعة استقرار سوريا".
ورغم عدم تحديد البلاد الدول التي أشار إليها في البيان، إلا أنه ومنذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نفذت إسرائيل غارات جوية واسعة النطاق على قواعد عسكرية سورية، ونقلت قواتها إلى منطقة منزوعة السلاح تراقبها الأمم المتحدة داخل سوريا، في إجراء وصفته بأنه دفاعي وغير محدد المدة.
وأكد بيان مجلس الأمن أيضًا على أهمية مكافحة الإرهاب في سوريا، وعبر عن "القلق البالغ إزاء التهديد الكبير الذي يشكله المقاتلون الإرهابيون الأجانب"، وحث سوريا على اتخاذ "تدابير حاسمة لمعالجة هذا التهديد".
وكانت اللجنة التي كلفتها الرئاسة السورية "للتحقيق وتقصي الحقائق" في أحداث الساحل السوري، قد أكدت في بيان سابق عزمها على ترسيخ العدالة و"منع الانتقام" خارج نطاق القانون، ضمن مهلة الـ30 يومًا التي منحتها الرئاسة للجنة، لإنهاء عملها.