مجلس النواب الأميركي يستدعي وثائق إبستين.. هل تستجيب وزيرة العدل؟
تدرس لجنة رئيسية في مجلس النواب الأميركي التحقيق في جرائم الاتجار بالجنس التي ارتكبها رجل الأعمال جيفري إبستين، وتسعى لاستدعاء وثائق وزارة العدل الأميركية المتعلّقة بالقضية، بالإضافة إلى الاستماع إلى إفادات صديقة إبستين السابقة غيسلين ماكسويل.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تُواجه فيه إدارة الرئيس دونالد ترمب ضغوطات بسبب رفضها الكشف عن وثائق القضية. ما أثار غضب بعض أنصار الرئيس الجمهوري الذين يُطالبون بالشفافية ومعرفة أسماء الشخصيات البارزة التي كانت على صلة بإبستين.
وبينما حثّ ترمب مؤيديه على تجاوز القضية من دون جدوى، إلا أنّ قرار اللجنة هو مجرد بداية لعملية قد تكون طويلة الأمد.
ما هي الخطوات اللاحقة في تحقيق مجلس النواب؟
نجح المشرّعون الديمقراطيون إلى جانب ثلاثة جمهوريين، في حثّ اللجنة الفرعية على إصدار أمر استدعاء لوثائق متعلّقة بإبستين قبيل عطلة مجلس النواب في أغسطس/ آب المقبل.
ووافقت اللجنة الفرعية على حجب أسماء ومعلومات الضحايا الشخصية، ولكن طلبها للمعلومات واسع للغاية، ويشمل "ملفات إبستين غير المحررة".
ومع صياغة بنود الاستدعاء، يُطالب النواب الديمقراطيون بتنفيذه خلال 30 يومًا من تاريخ تقديمه إلى وزيرة العدل الأميركية بام بوندي. كما اقترحوا قائمة بالوثائق المُطالب بها، بما في ذلك قرارات الادعاء العام المتعلّقة بإبستين، والوثائق المتعلّقة بوفاته، وبيانات أي رئيس أو مسؤول تنفيذي متورّط في هذه القضية.
وقال رئيس اللجنة النائب جيمس كومر، إنّه أبلغ رئيس مجلس النواب أنّ "الجمهوريين في لجنة الرقابة سيتخذون إجراءات أكثر حزمًا في سعيهم لتحقيق الشفافية بشأن ملفات إبستين. وهذا ما فعلناه، وأعتقد أن هذا ما يُريده الشعب الأميركي".
هل يستجوب الكونغرس ماكسويل تحت القسم؟
وقال كومر إنّه يأمل أن تتمكن اللجنة من مقابلة ماكسويل تحت القسم في 11 أغسطس المقبل في السجن الفيدرالي في فلوريدا أو بالقرب منه، حيث تقضي عقوبة طويلة بتهمة الاتجار الجنسي بالأطفال.
في الإفادة أمام الكونغرس، عادةً ما يكون لدى الشخص المعني محامٍ حاضر لمساعدته في الإجابة على الأسئلة أو عدم الإجابة عليها مع الحفاظ على حقوقه المدنية. كما يحقّ للشخص المعني رفض الإجابة على الأسئلة إذا كان من الممكن استخدامها ضده في قضية جنائية.
وفي حالة ماكسويل، قد لا يكون هذا ذا أهمية لأنّها قد أُدينت بالفعل بالعديد من الأمور التي يُحتمل أن تُسأل عنها.
وتتمتّع ماكسويل بحقّ التفاوض بشأن بعض شروط الإفادة، وقد أجرت بالفعل مقابلات لمدة يوم ونصف مع مسؤولين من وزارة العدل في الأسبوع الماضي.
لكن الديمقراطيين يُحذّرون في الوقت نفسه من أنّه لا ينبغي الوثوق بماكسويل.
وقال النائب روبرت غارسيا كبير الديمقراطيين في لجنة الرقابة، للصحفيين هذا الأسبوع: "يجب أن نفهم أنّ ماكسويل شاهدة معقدة للغاية وشخص تسبّب في ضرر كبير وليس شخصًا جيدًا لكثير من الناس".
هل يستدعي مجلس النواب مشتبها بهم آخرين؟
كما بادر أعضاء اللجنة الجمهوريون إلى تقديم اقتراح لاستدعاء عدد كبير من الأشخاص الآخرين، بما في ذلك الرئيس السابق بيل كلينتون، والسيناتور السابقة هيلاري كلينتون، فضلًا عن المدعي العام السابق ألبرتو غونزاليس، الذي خدم في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش.
ولكنّه ليس من الواضح بعد كيف ستسير الأمور في هذه القائمة الواسعة من الاستدعاءات المقترحة. إلا أنّ كومر قال: "سنتحرّك بسرعة في هذا الشأن".
كيف ستستجيب بوندي؟
وكما هو الحال في معظم تحقيقات الكونغرس وأوامر الاستدعاء التي تعامل معها ترمب في السابق، يُمكن لوزارة العدل التفاوض على شروط تنفيذ أمر الاستدعاء. كما يُمكنها تقديم حجج قانونية ضد تسليم معلومات معينة.
وكشفت وسائل إعلام أميركية أنّ بوندي أبلغت ترمب منذ مايو/ أيار الماضي، أنّ اسمه وارد في ملفات إبستين.
وقال جوشوا أ. ليفي الذي يدرس التحقيقات التي يُجريها الكونغرس في كلية الحقوق بجامعة جورج تاون، إنّ نتائج الاستدعاء "تعتمد على ما إذا كانت إدارة ترمب تُريد العمل من خلال عملية التكيّف التقليدية مع مجلس النواب والتوصّل إلى حلّ، أو ما إذا كان أحد الجانبين أو كلاهما أصبح متمسكًا بموقفه".
وإذا لم يقتنع الكونغرس بردّ بوندي، أو إذا رفضت تقديم أي معلومات، فهناك عدة طرق يُمكن للمُشرّعين من خلالها تطبيق أمر الاستدعاء. إلا أنّ ذلك يتطلّب تصويتًا على اتهام بوندي بازدراء الكونغرس.
ولم يحصل أن صوّت حزب سياسي على إدانة أحد أعضائه بازدراء الكونغرس، ولكن قصة إبستين تجاوزت الخطوط السياسية وأحدثت انقسامًا في الحزب الجمهوري.
وأظهر التصويت على استدعاء الملفات مدى تزايد الضغط السياسي على إدارة ترمب للكشف عنها. وترتبط السياسة والقانون ببعضهما البعض في هذه القضية، ويُريد الكثيرون في الكونغرس الاطلاع على تحقيق كامل في قضية الاتجار بالجنس.
وقالت النائبة سمر لي عضو اللجنة الديمقراطية عن ولاية بنسلفانيا: "لا يُمكننا السماح للأفراد، وخاصة أولئك الذين يشغلون أعلى مستويات حكومتنا، بحماية الاتجار الجنسي بالأطفال".
وبالفعل، تُواجه إدارة ترمب احتمال تفاقم التوتر السياسي. فمع عودة الكونغرس إلى واشنطن في سبتمبر/ أيلول الماضي، تعمل مجموعة من النواب من الحزبين على طرح مشروع قانون يهدف إلى إجبار المجلس على التصويت على نشر ملفات إبستين.