الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

محاكمة أذرع النظام.. هل تحقَّق المحاكم الأوروبية العدالة المنتظرة للسوريين؟

محاكمة أذرع النظام.. هل تحقَّق المحاكم الأوروبية العدالة المنتظرة للسوريين؟

Changed

ناقش "العربي" قدرة المحاكمات الأوروبية على تحقيق العدالة المنتظرة للسوريين بعد الجرائم التي ارتكبها النظام بحقهم (الصورة: غيتي)
نتيجة التعاون بين دول أوروبية عدة، تمّ تقديم شكوى ضد كبار مسؤولي الجيش والشرطة ومخابرات النظام السوري في كل من ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، والسويد في الأشهر الأخيرة.

أصدرت المحكمة الإقليمية العليا في كوبلنس غربي ألمانيا، في 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، حكمًا بسجن الضابط السابق في المخابرات السورية أنور رسلان مدى الحياة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية، في قرار وُصف بـ"التاريخي".

ويأتي القرار في سياق أول قضية في العالم مرتبطة بجرائم منسوبة للنظام السوري.

وقضت المحكمة أن رسلان البالغ من العمر 58 عامًا، مسؤول عن مقتل معتقلين وتعذيب آلاف آخرين في معتقل سرّي في دمشق بين عامي 2011 و2012.

وثبتت الإدانة بحقّ رسلان في مقتل 27 شخصًا داخل هذا المركز الذي أُشير إليه على أنه تابع لقسم التحقيقات الفرع 251، ومعروف باسم أمن الدولة فرع الخطيب.

وتقدّم أكثر من 80 شاهدًا، من بينهم 12 منشقّا من مختلف دول أوروبا، للإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة العليا الإقليمية في كوبلنس في ألمانيا حول الجرائم التي تعرّضوا لها في فرع الخطيب في دمشق، حيث كان أنور رسلان رئيس قسم التحقيقات فيه.

وكان رسلان لجأ إلى ألمانيا مع عائلته عام 2014.

وفي سابقة من نوعها، عُرضت أمام المحكمة صور من ملف قيصر، الذي سُمي نسبة إلى مصوّر سابق في الشرطة العسكرية السورية، هرب من بلاده وبحوزته 50 ألف صورة وثّقت 6786 معتقلًا سوريًا قُتلوا بطريقة وحشية بعدما تضوّروا جوعًا، وتعرّضوا لشتى أنواع التعذيب.

شكوى ضدّ كبار المسؤولين السوريين

والحكم على رسلان هو الثاني الذي يصدره القضاء الألماني بعد إدانة إياد الغريب، ضابط آخر في مخابرات النظام أدنى رتبة من رسلان، في فبراير/ شباط 2021؛ حينها قضت المحكمة ذاتها بسجن الغريب أربع سنوات ونصف، إثر إدانته بتهمة اعتقال متظاهرين في 2011 ونقلهم إلى سجن فرع الخطيب، حيث تعرّضوا للتعذيب.

ونتيجة التعاون بين دول أوروبية عدة، أوضحت مجلة "لوبوان" الفرنسية أنه تمّ تقديم شكوى ضد كبار مسؤولي الجيش والشرطة والمخابرات السورية في كل من ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، والسويد في الأشهر الأخيرة.

ويتصدّر القائمة مدير مكتب "الأمن الوطني" علي مملوك، والرئيس السابق لجهاز المخابرات الجوية جميل حسن الذي أصدرت ألمانيا وفرنسا بحقّه مذكرتي توقيف دوليتين.

ومؤخرًا، بدأت محكمة فرانكفورت الإقليمية العليا في ألمانيا محاكمة الطبيب السوري علاء موسى المتّهم بارتكاب أعمال تعذيب وتصفية بحقّ مصابين معتقلين من قبل أجهزة مخابرات النظام السوري داخل المستشفيات العسكرية والمدنية.

كما وجّه إليه المدعي العام الألماني تهمة القتل العمد بحقنة طبية، وإلحاق أضرار جسدية ونفسية خطيرة بالمعتقلين المعارضين.

"كرة ثلج"

ويزداد عدد الملفات المتعلّقة بجرائم النظام السوري في المحاكم الأوروبية يومًا بعد يوم، ككرة ثلج تُهدّد كل من اشترك في عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب الجنسي في معتقلات وسجون النظام السوري.

وقد تبعث هذه الإدانات والمحاكمات بعض الأمل في نفوس ضحايا التعذيب وذويهم بعد خيبة أمل للعديد من الحقوقيين والناشطين إثر عودة رفعت الأسد، عمّ الرئيس السوري بشار الأسد، من منفاه في باريس إلى دمشق دون قلق.

ورفعت الأسد متّهم بجرائم ارتكبها في مدينة حماه، عام 1981. وحكمت محكمة استئناف باريس عليه بالسجن أربع سنوات في التاسع من سبتمبر/ أيلول الماضي بتهمة غسل الأموال والتهرّب الضريبي، حيث جمع عن طريق الاحتيال أكثر من 90 مليون يورو من الأصول في فرنسا.

كما أصدرت محكمة النقد في فرنسا في الرابع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قرارًا بعدم اختصاص المحاكم الفرنسية بالتحقيق مع مجرم حرب سوري مشتبه فيه ومقاضاته.

وأثار القرار الفرنسي تساؤلات حول المحددات القانونية والسياسية التي يعتمدها الأوروبيون في ملاحقة رموز النظام السوري.

"محاكمات مقبلة"

وقال المحامي أنور البني، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، إن هذه الاحكام تُعتبر "سابقة" من حيث تقديم مجرمين ينتمون إلى نظام لا يزال موجودًا.

وأضاف البني، في حديث إلى "العربي" من برلين، أن النظام السوري وعناصره مطمئنون إلى أنهم لن يُعاقبوا طالما أن المحكمة الجنائية الدولية أغلقت أبوابها أمام محاكمتهم، لكن المحاكم الأوروبية فتحت بابًا بديلًا لم يفكّر به أحد من قبل، وسيكون هناك محطات مقبلة كثيرة على طريق تحقيق جزء من العدالة للسوريين.

وأوضح أن العدالة الكاملة بالنسبة للسوريين تكمن في محاكمة المسؤولين عن عذاباتهم، وتعويضهم، وإعادتهم إلى بلادهم آمنين، وإعادة رسم مستقبلهم بما يتناسب مع حرية الإنسان وكرامته.

ورأى أن هذه المحاكمات ستمنع نهائيًا التفكير بإعادة إنتاج هذا النظام أو التعامل معه، أو اعتباره جزءًا من الحلّ السياسي.

وأوضح أنه تمّ تقديم ملفات ضدّ أكثر من 60 شخصية سورية لا تزال في سوريا، من بينهم رئيس النظام بشار الأسد، وصدرت مذكرات توقيف دولية بحقّ عدد منهم على غرار علي مملوك، وجميل حسن، وعبدالسلام محمود.

ولكنّه، في الوقت نفسه، أشار إلى أن القانون الأوروبي لا يسمح بإجراء محاكمات غيابية، وبالتالي صدرت مذكرات توقيف دولية بحقّهم، وبمجرد إلقاء القبض عليهم في أي من الدول سيتم تقديمهم للمحاكمة.

وشدّد على أن كل ملاحقة قانونية وحكم بحقّ المعتدين هي حقّ للضحايا وذويهم.

العربي أخبار

بث مباشر على مدار الساعة

شاهد الآن

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة
Close