الثلاثاء 16 أبريل / أبريل 2024

مدرسون متروكون وآلات بلا عزف.. الأزمة الاقتصادية تهدد المعهد العالي للموسيقى في لبنان

مدرسون متروكون وآلات بلا عزف.. الأزمة الاقتصادية تهدد المعهد العالي للموسيقى في لبنان

Changed

يعتبر المعهد العالمي للموسيقى في لبنان صرحًا ثقافيًا تاريخيًا
يعتبر المعهد العالمي للموسيقى في لبنان صرحًا ثقافيًا تاريخيًا - فيسبوك
طالت الأزمة الاقتصادية في لبنان كل جوانب الحياة فيه والقطاعات والصروحات التي لطالما تغنى بها البلد الصغير كالمعهد الوطني العالي للموسيقى.

تضاعفت محنة مدرسي الموسيقى المتعاقدين مع المعهد الوطني العالي للموسيقى في بيروت، بعد نهاية جائحة كورونا، إذ دخل لبنان مرحلة انهيار اقتصادي تاريخي، فقدت فيه العملة المحلية أكثر من 98% من قيمتها. 

وعرقلت الأزمة الاقتصادية في لبنان حتى تعليم الموسيقى، بعد أن فرضت الجائحة إقفال المدارس والمعاهد حول العالم لأشهر عدة، وسرعان ما فاقم الوضع الاقتصادي الجديد في البلاد، أزمة تلك المعاهد، مع تدني أجور مدرسي الموسيقى، وانعدام قدرتهم على توفير أبسط احتياجاتهم وأحياناً كلفة النقل.

ويُعد المعهد الوطني العالي للموسيقى أو الكونسرفاتوار، وهو مؤسسة رسمية، صرحًا ثقافيًا مرموقًا لتعليم الموسيقى في البلاد. ويستقطب آلاف الطلاب في 17 فرعاً موزّعة في مناطق عدّة.

"أمر مضحك"

وقال توفيق كرباج، الذي يدرّس في المعهد منذ آواخر ثمانينيات القرن العشرين، في حديثه لوكالة "فرانس برس": "لا يشعر المرء بالراحة عندما يبلغ 65 عامًا ولا يزال يعيش على نفقة عائلته. إنه لأمر مضحك".

وبعدما كان يتقاضى أجرًا يمكّنه من توفير احتياجاته وضمان مستوى معيشي لائق، وجد هذا المدرّس نفسه على وقع انهيار صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، حيث بات يتقاضى أجرًا يبلغ قرابة سبعين دولارًا شهريًا.

ولا يكفي ما يتقاضاه كرباج، لتسديد فاتورة المولد الكهربائي، مع انقطاع كهرباء التي توفرها مؤسسة الدولة لساعات طويلة، لكن ذلك لم يحل دون مواصلته تدريس طلابه عبر الإنترنت، متحديًا خدمة الاتصالات السيئة في البلاد.

ويوضح أن تعليم الموسيقى بالنسبة له ليس وظيفة لكنه "شيء تفعله لأنك تحبّه ولا يمكن العيش بدونه"، في حين قدّم عدد من زملائه استقالاتهم.

مبادرات دون حافز

في محاولة لدعم أساتذة الموسيقى وقدرتهم على الاستمرار، بدأ مدرسون وطلاب تنظيم سلسلة أمسيات موسيقية تتيح منبرًا للعازفين وتسلط الضوء على الواقع المزري.

وتقول منظمة المبادرة السوبرانو غادة غانم لفرانس برس على هامش إحدى الحفلات: "أنا هنا اليوم للوقوف مع زملائي غير السعداء بالطريقة التي نُعامل بها"، متحدثة عن زملاء غيّروا أماكن سكنهم، أو باعوا سياراتهم ليتمكنوا من الصمود أمام الوضع المعيشي المتردي.

من الأمسيات والمناسبات التي يحييها المعهد
من الأمسيات والمناسبات التي يحييها المعهد - فيسبوك

ويُستثمر ريع الحفلات في تنظيم حفلات مماثلة إضافية أو يُوزّع على المشاركين فيها وفق غانم، التي كانت تلميذة في الكونسرفاتوار خلال سنوات الحرب الأهلية (1975-1990).

ولا يخفي الطلاب شعورهم بالإحباط جراء طول فترة التعلم عبر الإنترنت والانقطاع عن الحضور إلى المعهد، وتقول مهندسة البرمجيات ألين شالفارجيان (33 عامًا) التي تدرس العود والغناء إنها "فقدت الحافز". وتوضح أنه لطالما شكّل الكونسرفاتوار "منزلي الثاني" لكن "نشعر اليوم أننا متروكون".

إضراب ووعود

وعلى غرار موظفي القطاع العام، أضرب المدرسون المتعاقدون مع الكونسرفاتوار مرات عدة للمطالبة بتعديل بدل أجر الساعة الذي يتقاضونه. ووصل الأمر إلى حدّ إنهاء تعاقد رئيس رابطة الهيئة التعليمية في المعهد إدي دورليان بعد تنظيمه احتجاجات عدّة.

وتربط رئيسة الكونسرفاتوار السوبرانو والمؤلفة الموسيقية هبة القواس، وهي أول امرأة تتولى رئاسة المعهد في لبنان، بين البطء في تلبية مطالب المدرسين والجمود السياسي القائم في لبنان، على وقع الشغور الرئاسي وما يرتّبه من شلل في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وتقول إنها بذلت منذ توليها مهامها خلال العام الماضي جهودًا حثيثة لتحسين الوضع، وتمكّنت رغم العقبات من تأمين زيادة في بدل الساعات ورفع بدل النقل، على أن يبدأ تطبيقها قريباً مع مفعول رجعي.

ومن المقرر أن يرتفع بدل الساعة من ثلاثين ألف ليرة في الساعة (نحو 0,5 دولار) إلى 300 ألف ليرة، وهو ما يعني وفق القواس "أننا سنشرع في التعليم الحضوري وآمل أن يشكل ذلك حقبة جديدة".

المصادر:
أ ف ب

شارك القصة

تابع القراءة