الثلاثاء 23 أبريل / أبريل 2024

مسألة وقت.. هل تنقل بيونغيانغ "النووي" إلى الحدود مع سول؟

مسألة وقت.. هل تنقل بيونغيانغ "النووي" إلى الحدود مع سول؟

Changed

تقرير عن إطلاق بيونغيانغ نوعًا جديدًا من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (الصورة: أسوشييتد برس)
تهديد بيونيانغ بنقل صواريخها النووية قصيرة المدى إلى الحدود هو أوضح علامة على أن كيم يتطلع إلى استخدامها لتهديد سول وانتزاع امتيازات من المفاوضين النوويين .

يُبدي العديد من الخبراء العسكريين مخاوفهم من إمكانية نشر كوريا الشمالية أسلحة "نووية تكتيكية" على طول حدودها مع جارتها كوريا الجنوبية، والتي لا تبعد سوى مسافة قصيرة بالسيارة.

وتأتي المخاوف بعد اجتماع عسكري رفيع المستوى عقده الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون هذا الأسبوع، وبعد شهرين فقط من تهديد مستتر أطلقه الزعيم الكوري الشمالي باستخدام الأسلحة النووية بشكل استباقي، وهو ما يمثّل تطورًا كبيرًا في المواجهة المستمرة منذ عقود في شبه الجزيرة الكورية.

وبالفعل، تمتلك كوريا الشمالية الآلاف من الأسلحة التقليدية التي تستهدف كوريا الجنوبية، وقرابة 30 ألف جندي أميركي متمركزين هناك، لكن وكالة "أسوشييتد برس" اعتبرت أن نقل صواريخها النووية قصيرة المدى إلى الحدود سيكون "أوضح علامة حتى الآن على أن كيم يتطلع إلى استخدام أسلحته النووية لتهديد كوريا الجنوبية وانتزاع الامتيازات من المفاوضين النوويين الخارجيين.

وبالتزامن مع استعدادات بيونغيانغ الواضحة لإجراء أول تجربة نووية منذ خمس سنوات، يشكّك المراقبون بأن "الدبلوماسية يمكن أن تقنعها بالتخلي عن أسلحتها النووية".

هل تفعلها بيونغيانغ؟

خلال اجتماع عسكري الخميس أعلن كيم جونغ أون "خطط عمليات معدّلة" للوحدات العسكرية بالقرب من الحدود مع كوريا الجنوبية.

وعلى الرغم من أن كوريا الشمالية لم تذكر الأسلحة النووية بشكل مباشر، لكن خبراء يعتقدون أن اللغة الغامضة تشير إلى نية بيونغيانغ "نشر أنظمة أسلحة نووية تكتيكية على الحدود".

ويعتمد الخبراء في تقييمهم جزئيًا على التعليقات العامة الأخيرة الصادرة من كوريا الشمالية حول مثل هذه الخطط، وعلى عدد كبير من تجارب الصواريخ قصيرة المدى ذات القدرة النووية المصمّمة لمهاجمة المنشآت الإستراتيجية في كوريا الجنوبية، بما في ذلك القواعد العسكرية الأميركية هناك.

وفي أبريل/ نيسان الماضي، أجرت كوريا الشمالية اختبارات على إطلاق سلاح موجّه مطوّر حديثًا قالت إنه سيحسّن التشغيل الفعّال لـ "الأسلحة النووية التكتيكية"، ويعزّز القوة النارية لوحدات المدفعية في الخطوط الأمامية.

وفي وقت لاحق من الشهر ذاته، قال كيم إنه يمكن أن يستخدم برنامجه النووي "بشكل استباقي إذا تم استفزازه".

وفي هذا الإطار، قال الخبير في معهد كوريا الجنوبية للشؤون العسكرية كيم يول سو للوكالة: إن كوريا الشمالية لديها الآن "فرصة أكبر بكثير لاستخدام أسلحتها النووية التكتيكية في ساحة المعركة" إذا اندلعت حرب في شبه الجزيرة الكورية.

ورجّحت "أسوشييتد برس" أن تشمل تلك الأسلحة التي من الممكن أن تُنشر على الحدود، بعض الصواريخ قصيرة المدى التي تعمل بالوقود الصلب وقصيرة المدى والتي أجرت كوريا الشمالية تجارب على إطلاقها منذ انهيار الدبلوماسية النووية مع الولايات المتحدة عام 2019.

وأطلقت كوريا الشمالية على هذه الصواريخ التي يقول خبراء أجانب إنها من المحتمل أن تكون قادرة على التهرب من الدفاعات الصاروخية الكورية الجنوبية والأميركية، أسلحة "تكتيكية"، مما يشير إلى نيّتها تسليحها بأسلحة نووية منخفضة القوة.

بدوره، أشار الرئيس السابق للمعهد الكوري للوحدة الوطنية الذي تموّله الدولة في سول كيم تايوو، للوكالة إلى احتمال أن تكون كوريا الشمالية قد اكتسبت بالفعل التكنولوجيا اللازمة لتسليح صواريخها برؤوس نووية، مضيفًا أن "نشرها للأسلحة النووية التكتيكية يمكن أن يحدث في أي وقت".

ورغم ذلك، قال بعض الخبراء: إن كوريا الشمالية قد لا تنشر صواريخ مسلحة نوويًا بسبب مشاكل محتملة في الحفاظ عليها.

هل ستردّ سول بالمثل؟

ورجّحت الوكالة أن يكون الضغط الواضح لكوريا الشمالية لنشر أسلحة نووية تكتيكية، جزءًا من تعهّد كيم الأخير بمواجهة "القوة مقابل القوة"، وسط توقّف المحادثات الدبلوماسية النووية.

كما يأتي ذلك في وقت تعمل فيه واشنطن وسول على تعزيز قدراتهما الدفاعية المشتركة لمواجهة التهديدات النووية الكورية الشمالية.

وذكرت حكومة كوريا الجنوبية أنها ستوسّع قدراتها في مجال التسلح التقليدي وتعزّز دفاعاتها بالتعاون مع الولايات المتحدة.

وبينما تجنّبت الكوريتان صراعًا كبيرًا منذ نهاية الحرب الكورية 1950-1953، كانت هناك مناوشات وهجمات قاتلة في السنوات الأخيرة أسفرت عن مقتل العشرات.

وذكرت الوكالة أن كوريا الشمالية تتمتّع بتاريخ من التهديدات والاستفزازات المتصاعدة، عندما يتمّ تنصيب حكومة جديدة في كوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة لخلق بيئة مواتية محتملة للمفاوضات المستقبلية، لكنها أكدت أن نشر الأسلحة النووية على الخطوط الأمامية من شأنه أن يعقّد "طريقة الرد الكوري الجنوبي على أي استفزاز كوري شمالي مستقبلي".

وخلال قمة مع الرئيس الأميركي جو بايدن الشهر الماضي، حصل الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، على التزام أميركي بالنشر الإقليمي للأصول الإستراتيجية الأميركية مثل "القاذفات طويلة المدى وحاملات الطائرات ردًا على استفزازات كوريا الشمالية".

ومن المتوقّع أن يُجري الحليفان أكبر تدريب عسكري مشترك لهما منذ سنوات في أغسطس/ آب المقبل، لكن يون قال إنه "لن يسعى إلى تطوير نووي، أو يطلب من الولايات المتحدة إعادة نشر الأسلحة النووية في كوريا الجنوبية لردع أي عدوان محتمل من قبل كوريا الشمالية".

وأكد الجيش الكوري الجنوبي أنه يراقب عن كثب أنشطة كوريا الشمالية بشأن التحرّك المحتمل لنشر "أسلحة نووية تكتيكية"، لكنه لم يخض في التفاصيل.

وقال بعض الخبراء: إن توسّع كوريا الشمالية في الأسلحة النووية التكتيكية والسعي وراء صواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، "قلّل من مصداقية المظلة النووية الأميركية، على الرغم من أن إدارة بايدن أعادت التأكيد مرارًا وتكرارًا على التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن كوريا الجنوبية باستخدامها مجموعة كاملة من القدرات العسكرية".

وفي هذا الإطار، قال كيم تايوو: "يجب أن ننتقل إلى إستراتيجية إنهاء التهديدات النووية لكوريا الشمالية من خلال التوازن النووي"، مضيفًا أن "نشر أسلحة نووية تكتيكية يعني أن التهديد النووي لكوريا الشمالية سيكون أمامنا مباشرة".

مسألة وقت

وكانت الأسلحة النووية التكتيكية جزءًا من خطة تطوير أسلحة مدتها خمس سنوات أعلن عنها كيم جونغ أون العام الماضي.  وقد كثّف من اختبارات الصواريخ الباليستية بوتيرة غير مسبوقة هذا العام لتعزيز قدرة بلاده على مهاجمة كل من البر الرئيسي للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

وعلى مدار أسابيع، لاحظ المسؤولون الأميركيون والكوريون الجنوبيون دلائل على قيام كوريا الشمالية بتجربة نووية وشيكة، ستكون الأولى منذ عام 2017 والسابعة في المجموع.

ويمكن أن يكون مثل هذا الاختبار جزءًا من محاولة لبناء رأس حربي يمكن أن يصلح لحمل "صواريخ تكتيكية أو صواريخ متعددة الرؤوس".

لكن كوريا الشمالية لم تنفّذ مثل هذا الاختبار حتى الآن، ربما بسبب استمرار تفشي فيروس كوفيد 19، ومعارضة الصين ، آخر حليف رئيسي لها وأكبر مزوّد للمساعدات.

كما رفضت كوريا الشمالية حتى الآن عروض إدارة بايدن بإجراء محادثات مفتوحة، داعية واشنطن إلى التخلي أولًا عن "سياستها العدائية"، في إشارة إلى العقوبات الاقتصادية التي تقودها الولايات المتحدة والتدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

وأكد الخبراء أنها مسألة وقت فقط قبل أن تُجري كوريا الشمالية تجربة نووية، والتي يُنظر إليها على أنها خطوة أساسية في توسيع ترسانتها النووية بموجب خطة كيم الخمسية.

ورجّحوا أن يؤدي مثل هذا الاختبار إلى تعقيد الضغط لاستئناف الدبلوماسية النووية.

المصادر:
العربي - أسوشييتد برس

شارك القصة

تابع القراءة
Close