الإثنين 22 أبريل / أبريل 2024

مساع أوروبية لتطبيق "خطة مارشال" لإعادة إعمار أوكرانيا.. تعرف إليها

مساع أوروبية لتطبيق "خطة مارشال" لإعادة إعمار أوكرانيا.. تعرف إليها

Changed

تقدير سابق على "العربي" لخسائر البنية التحتية في أوكرانيا (الصورة: غيتي)
توصف الخطة بأنها الأكثر تميزًا، كونها إستراتيجية اقتصادية شملت خطة إعمار أوروبا الغربية، عقب الحرب العالمية الثانية بجهود أميركية.

في وقت لا يزال فيه الأوروبيون ينظرون إلى خطة مارشال الأميركية على أنها من أبرز البرامج القابلة للتطبيق للتعافي الاقتصادي بعد الحروب والأزمات، بعد أكثر من سبعة عقود على تطبيقها لأول مرة، ها هي المبادرة بدأت تطرح كأحد الحلول لمنح أوكرانيا تعافيًا مبكرًا بعد أن مزقتها الحرب الروسية المتواصلة منذ فجر 24 فبراير/ شباط الماضي.

وتحدث أعضاء البرلمان الأوروبي، اليوم الخميس، خلال اجتماع لهم، عن تأييدهم لإنشاء "صندوق شبيه بخطة مارشال" لإعادة بناء أوكرانيا بعد الحرب.

وسبق ذلك إعلان المفوض الأوروبي للميزانية يوهانس هان، أمس الأربعاء، أن أوكرانيا ستحتاج إلى خطة إعادة إعمار بعد الحرب مع روسيا على غرار تلك التي عرضتها الولايات المتحدة على أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية التي انتهت عام 1945، بما يعني نسخة محدثة من خطة مارشال.

وفي ظل الخطة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية، المعروفة بخطة مارشال، منحت الولايات المتحدة أوروبا ما يعادل قيمته في الوقت الحالي حوالي 200 مليار دولار على مدار أربع سنوات في مساعدات اقتصادية وتقنية.

ولفت هان إلى أن الخطة ستساعد أوكرانيا على التعافي سريعًا، بدلًا من أن يستغرق الأمر عقودًا، من الدمار الضخم الذي أحدثه الجيش الروسي وستؤدي إلى تقارب أسرع بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي.

وهذه الخطة التي توصف بأنها الأكثر تميزًا، كونها إستراتيجية اقتصادية شملت خطة إعمار أوروبا الغربية، عقب الحرب العالمية الثانية بجهود أميركية.

فكرة الخطة الأولى

ففي فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة، ظلت أوروبا ممزقة بالحرب وآثارها، إلى أن دعا وزير الخارجية الأميركي جورج سي مارشال في 5 يونيو/ حزيران عام 1947 أمام طلاب الخريجين في جامعة هارفارد، إلى برنامج شامل لإعادة بناء أوروبا؛ بسبب الخوف من التوسع الشيوعي والتدهور السريع للاقتصادات الأوروبية.

وفي شتاء 1946-1947، أقر الكونغرس قانون التعاون الاقتصادي في مارس/ آذار 1948، ووافق على التمويل الذي سيرتفع في النهاية إلى أكثر من 12 مليار دولار لإعادة بناء أوروبا الغربية.

وأدت خطة مارشال إلى عودة التصنيع الأوروبي، وجلبت استثمارات واسعة النطاق إلى المنطقة، كما كانت حافزًا للاقتصاد الأميركي من خلال إنشاء أسواق للسلع الأميركية.

وهكذا جرى تطبيق خطة مارشال فقط على أوروبا الغربية، دون أي إجراء من التعاون مع الكتلة السوفياتية، وفي وقت كان يُنظر إلى الانتعاش الاقتصادي لأوروبا الغربية، وخاصة ألمانيا الغربية، بشكل مريب في موسكو.

وجرى الاعتراف بـ"خطة مارشال" على أنها جهد إنساني عظيم، وأصبح وزير الخارجية مارشال الجنرال الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل للسلام.

كما قامت خطة مارشال بإضفاء الطابع المؤسسي والشرعي على مفهوم برامج المساعدات الخارجية الأميركية، والتي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من السياسة الخارجية الأميركية.

"خطة مارشال" جديدة

وسبق أن اتفق قادة الاتحاد الأوروبي في يوليو/ تموز 2020، على حزمة تحفيز تاريخية بمئات المليارات للتعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا، ووصف الاتفاق بأنه "خطة مارشال" جديدة.

وتوصل زعماء دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بعد مفاوضات صعبة خاضوها على مدى 4 أيام، لاتفاق ينص على إنشاء صندوق للتعافي الاقتصادي بمقدار 750 مليار يورو (856 مليار دولار) قرضًا مشتركًا يجمع من الأسواق الدولية، على أن يخصص منه 390 مليار يورو كمنح غير مستردة للدول الأكثر تضررًا من كورونا وفي مقدمتها إيطاليا وإسبانيا، وقروض مستردة بمقدار 360 مليار يورو.

كما اتفق قادة الاتحاد الأوروبي آنذاك على ميزانية للتكتل للسنوات 2021 – 2027 بقيمة 1.074 تريليون يورو، وهي الأضخم في تاريخ الاتحاد.

حجم الخسائر الأوكرانية

وبكل الأحوال فإن الأموال المطلوبة لإعادة إعمار أوكرانيا ستتجاوز حجم أموال "خطة مارشال" بلغة الأرقام حاليًا.

إلا أنها أحد الحلول التي تطفو على السطح في حال توقفت الحرب، من دون معرفة المانحين من خارج أوروبا، التي لا يمكنها وحدها، أن تقود تمويل الخطة، في وقت يشير مسؤولون أوروبيون إلى أنه من المرجح أن تشارك فيها مجموعة السبع الكبرى، بما في ذلك روسيا.

وخلال شهر ونصف تقريبًا، دمرت القوات الروسية البرية والجوية والبحرية، منشآت حيوية وبنية تحتية، تقول السلطات الأوكرانية إن خسائرها اليومية تبلغ نحو ملياري دولار.

وبالنظر إلى آخر الإحصائيات حول الخسائر الأوكرانية منذ الهجوم الروسي فجر 24 فبراير/ شباط الماضي، فقد قدّرت كلية كييف للاقتصاد (KSE) تكلفة الأضرار المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية لأوكرانيا منذ بدء الهجوم بحوالي 63 مليار دولار.

كما تتفاوت الخسائر الاقتصادية الإجمالية لأوكرانيا بسبب الحرب، مع الأخذ في الاعتبار الخسائر المباشرة والخسائر غير المباشرة مثل انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، بين 543 مليار دولار إلى 600 مليار دولار، وفقًا لتقديرات المعهد ووزارة الاقتصاد الأوكرانية.

من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن خبراء تقديرهم أنه جرى تدمير 20% من إمكانات الاقتصاد، وهو ما يعني أن إعادة الإعمار ستكلّف حوالي 200 مليار دولار، علمًا أن هذا الرقم يرتفع أسبوعيًا مع استمرار الحرب.

وأوضحت الوكالة أن هذا الرقم هو أكبر من القيمة الحالية لـ"خطة مارشال"، التي تبلغ بحسابات اليوم 135 مليار دولار، كما أنه يمثل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي لروسيا لعام 2021.

وبحسب ما نشرت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدنكو، على فيسبوك في 28 مارس/ آذار الماضي، فإن "التأثير المباشر للأضرار" منذ بداية الهجوم الروسي يُقدّر بـ"564,9 مليار دولار"، يُضاف إليه "التأثير غير المباشر للمعارك" على الاقتصاد بما فيه زيادة البطالة وانخفاض نسبة الاستهلاك وتراجع إيرادات الدولة.

وأشارت سفيريدنكو إلى أن الخسائر هي الأكبر على مستوى البنى التحتية التي "تدمّر جزئيًا أو بالكامل نحو 8 آلاف كيلومتر" بالإضافة إلى "عشرات محطات القطار والمطارات" بقيمة 108,5 مليارات يورو.

المصادر:
العربي - وكالات

شارك القصة

تابع القراءة
Close