الخميس 17 تموز / يوليو 2025
Close

مشاورات لتشكيل مؤتمر للحوار الوطني في سوريا.. ما طبيعتها ودلالتها؟

مشاورات لتشكيل مؤتمر للحوار الوطني في سوريا.. ما طبيعتها ودلالتها؟

شارك القصة

وصفت مصادر سياسية لقاء الشرع بالوفد الأميركي بأنه كان إيجابيًا ومثمًرا
وصفت مصادر سياسية لقاء الشرع بالوفد الأميركي بأنه كان إيجابيًا ومثمًرا - غيتي
الخط
أفادت مصادر التلفزيون العربي أن الإدارة الجديدة في سوريا ترغب بتشكيل حكومة كفاءات بعد انتهاء مهمة حكومة محمد البشير الانتقالية.

انطلقت مشاورات ونقاشات بشأن تشكيل مؤتمر للحوار الوطني على أن يختار مجلسًا انتقاليًا لإعداد دستور جديد لسوريا، بحسب مصادر التلفزيون العربي.

فالإدارة الجديدة ترغب أيضًا بتشكيل حكومة كفاءات بعد انتهاء مهمة حكومة محمد البشير الانتقالية، وفق المصادر نفسها.

وتأتي التسريبات بشأن بعض ملامح مرحلة الانتقال السياسي في سوريا في خضم تصريحات قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع المتكررة بشأن مشاركة جميع المكونات السورية في رسم مستقبل البلاد.

تصريحات أحمد الشرع

لكن تصريحات الشرع يراها البعض ملتبسة في بعض جوانبها، حيث لم يحدد القوى السياسية والمدنية التي سيتعاطى معها. كما لم تتضح الصورة بشأن كيفية اختيار أعضاء مؤتمر الحوار الوطني المرتقب ومدى تمثيله للسوريين بلا استثناء.

فالأنباء عن بدء المشاورات بخصوص خريطة الطريق السورية، يرافقها حراك دولي متصاعد للتأثير في مسار مستقبل سوريا المنشود، في حراك تصدرته الولايات المتحدة في الساعات الأخيرة، وذلك بإرسال وفد رفيع للقاء قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وبحث مبادئ انتقال السلطة.

فقد وصفت مصادر سياسية لقاء الشرع بالوفد الأميركي بأنه كان "إيجابيًا ومثمًرا"، في حين أكد المجلس الأوروبي في ختام اجتماعه في بروكسل، على أهمية الاستفادة من الفرصة التاريخية التي أتاحها سقوط نظام الأسد لإعادة توحيد سوريا وإعمارها.

أما المستشار الألماني أولاف شولتس فقد تحدث عن إمكانية تأسيس مجتمع سوري متعدد الأعراق في إطار قائم على سيادة القانون.

أما إقليميًا، فتبرز التصريحات والمواقف القادمة من الجارة تركيا التي تبدو الأكثر حماسة بشأن الاعتراف بحكام سوريا الجدد.

وجديد ذلك، تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستساعد الإدارة السورية الجديدة في بناء هيكل الدولة وصياغة دستور.

وأضاف أردوغان أيضًا أن أنقرة لن تترك السلطات السورية الجديدة وحدها، بل ستساعدها في مواجهة تنظيم الدولة، وغيره من التنظيمات.

مؤتمر وطني شامل لكافة أطياف المجتمع السوري

وفي هذا الإطار، رأت نائبة رئيس الائتلاف الوطني السوري ديما موسى أنه من المفترض الآن الذهاب إلى مؤتمر وطني شامل لكافة أطياف المجتمع السوري، ليس فقط القوميات والأديان والعشائر، بل الأطياف السياسية، وهي "كثيرة في المشهد السياسي بالبلاد".

وفي حديث للتلفزيون العربي من اسطنبول، أضافت موسى أنَّه بعد هذا المؤتمر تأتي مرحلة انتقالية تبدأ بتأسيس هيئة حكم انتقالي شاملة غير طائفية وذات مصداقية، تعمل على وضع مسودة للدستور الجديد ليتم طرحه للاستفتاء، ومن ثم إجراء انتخابات على أساس هذا الدستور.

واعتبرت أن تصريحات الإدارة السياسية الجديدة في سوريا تتماشى مع ما يقوله الائتلاف الوطني والقوى السياسية السورية الأخرى، في حين تبقى بعض التفاصيل غير الواضحة معلقة، مثل من سيتم دعوته إلى المؤتمر.

وقالت ديما موسى: "نتطلع إلى أن يكون الحوار الذي تدعو إليه الإدارة الجديدة حوارًا سوريًا شاملًا للجميع، وألا يتم إقصاء أي جهة سياسية أو مدنية أو عسكرية".

وشددت على وجوب توجه القوى السياسية إلى دمشق مع الشعب، لأن السبب الأساسي لعدم وجودنا في البلاد كان النظام السابق، حسب قولها.

يرى البعض تصريحات الشرع ملتبسة في بعض جوانبها
يرى البعض تصريحات الشرع ملتبسة في بعض جوانبها - غيتي

ولفتت إلى أن الائتلاف ليس مجموعة من الأفراد حتى يُقال له: "تعال إلى سوريا كأفراد"، بل هو مجموعة من أحزاب وتيارات سياسية.

ورأت أن مشاركة الائتلاف في المشهد السياسي يجب أن تكون كمجموعة متكاملة من الأفراد والأحزاب في إطار حوار وطني شامل.

"غموض" في المشهد السياسي

من جهته، أشار الباحث في مركز "حرمون للدراسات المعاصرة" عمر إدلبي إلى أن هناك غموضًا فيما يتعلق بطبيعة المراحل التي ستؤدي إلى انعقاد المؤتمر الوطني السوري المنشود.

وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة القطرية الدوحة، شدد إدلبي على وجوب اتخاذ خطوات تسبق الدعوة إلى المؤتمر، مثل إعلان دستوري مؤقت، أو إعلان ينص على العودة إلى دستور عام 1952، على سبيل المثال، لضمان أن تكون الإجراءات المرتبطة بعملية الانتقال محصنة بإطار دستوري وقانوني.

وأردف أن هناك نقاشًا يجب أن يفتح حول اللجنة التحضيرية التي ستتولى ترتيبات المؤتمر الوطني، والتي سيكون من مهامها وضع معايير لاختيار الشخصيات التي ستشارك في المؤتمر، والتي يجب أن تكون هذه الشخصيات ممثلة لجميع توجهات وفئات المجتمع، كما يجب أن تكون اللجنة محددة المهام، وتحدد طبيعة العملية التي ستؤدي إلى انتخاب اللجنة التأسيسية المكلفة لاحقًا بوضع وكتابة الدستور السوري الجديد.

وفيما عبر عن أمله في أن يكون هناك سرعة بالعمل، أوضح الإدلبي أن الأيام القليلة الماضية لا تكفي لوضع كل هذه الأمور موضع التنفيذ أو حتى الإعلان عنها.

وتابع أن الإدارة الجديدة التي تقود سوريا في هذه المرحلة وصلت إلى السلطة على نحو سريع وغير متوقع، وهي رغم كل جهودها وتنظيمها، إلا أنها لا تحوز على الخبرات الكافية، ولا الكوادر البشرية الكافية للاطلاع بالمهام الجسيمة.

ولفت إدلبي إلى أن قادة الإدارة الجديدة يعملون على التواصل مع القوى السياسية المتعددة، ويستمعون بشكل جيد إلى الاقتراحات والنصائح التي تصلهم.

وأشار إلى أن الإعلانات التي توالت خلال الأيام الماضية بشأن الإطار الأولي لعملية الانتقال تُعد دليلًا على استجابتهم لهذه النداءات، وأنهم ليسوا متمسكين بالشكل الأولي الذي ظهرت به الحكومة الحالية.

"وصاية على العملية السياسية في سوريا"

واعتبر إدلبي أن الحديث عن حكومة الكفاءات يعني أن قادة الإدارة الجديدة في سوريا تخلوا عن حكومة الولاءات التي ظهرت في الأيام الأولى، ويتجهون نحو البحث عن كفاءات يمكن أن تدير الدولة السورية في المرحلة الانتقالية وصولًا إلى مرحلة الاستقرار على جميع الأصعدة.

ورأى أن النقابات ومنظمات المجتمع المدني موجودة، لكنها غير مؤهلة فعليًا لتمثيل الحياة السياسية والرأي العام في سوريا، كما أن الائتلاف الوطني فقد دوره وحضوره خلال السنوات الماضية.

وبشأن تصريحات مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية في دمشق، التي قالت فيها: "ناقشنا مع الشرع المبادئ التي اتفقت عليها واشنطن مع شركائها في العقبة"، أوضح إدلبي أن بيان العقبة كان يحمل ملامح بذور فرض وصاية على العملية السياسية في سوريا، وإملاءات يمكن أن تكون في بعض جوانبها تخدم عملية الانتقال السياسي في البلاد، وتخدم حتى القيادة الجديدة.

وأشار إلى أن الطبيعة التي خرج عليها بيان العقبة الختامي يؤكد أن هناك إملاءات يجب على القيادة السورية الجديدة أن تنتبه لها جيدًا، وتأخذ ما تعتقد أنه في صالح الشعب السوري، وفي صالح التصورات الجديدة لشكل وطبيعة ومخرجات العملية السياسية الانتقالية.

تكاتف كل القوى المجتمعية

من ناحيته، رأى عميد كلية العلوم السياسية في جامعة "الشمال"، كمال عبدو، أن الغموض في المشهد السوري أمر طبيعي في هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن الانتقال من عهد إلى آخر في ظل الثورات يؤدي عادةً إلى ارتباك في المشهدين السياسي والإداري.

وأضاف عبدو، في حديث للتلفزيون العربي من إدلب، أن التصريحات التي لم تجب عن كثير من الأسئلة تُعَدُّ أمرًا طبيعيًا أيضًا، بسبب الضغط الكبير الذي تتعرض له القيادة السورية.

وأردف أن هذه المرحلة ربما تتطلب تكاتف كل القوى المجتمعية لمساندة الحكومة في هذا الظرف، وللاتفاق على مجموعة من المبادئ الرئيسية التي تنظم عمل العقد الاجتماعي القادم.

وأشار إلى أن الحكومة القائمة حاليًا، هي حكومة ضرورة للتخلص من حكومة النظام، وللتخلص من الجيش السوري والأنظمة الأمنية كي لا نقع في ثورة مضادة كالذي حدثت في بلدان عربية كثيرة.

ولفت عبدو إلى أن الحكومة الحالية ستفسح المجال فيما بعد لحكومة تكنوقراط، مشيرًا إلى أن ملامح هذه الأخيرة لم تتضح بعد، سواء من حيث تمثيل الطوائف أو القوى السياسية.

وأوضح أن ما يجري العمل عليه حاليًا هو الحوار الوطني الشامل، بحيث يتم تمثيل كافة المحافظات السورية، وكافة الأعراق والأطياف.

وعلى مستوى كل محافظة، قال عبدو: "سيكون هناك حركة مكثفة للحوار الوطني على مستوى البلدات والقرى، لانتخاب مجلس يمثل كل محافظة"، مضيفًا أنه سيتم دعوة ممثلي المحافظات، إضافة إلى ممثلي الطوائف، لعقد مؤتمر شامل يحدد الخطوات الرئيسية المتعلقة بالدستور.

وأردف عبدو أن هذا المؤتمر سينتخب اللجنة الدستورية المكلفة بإجراء التعديلات الدستورية، أو بوضع دستور جديد كليًا.

وردًا على سؤال لماذا لم يتوجه الشرع بدعوة للهياكل السياسية التي تمثل المعارضة السورية في الخارج، قال عبدو إن الشرع كان قد صرح سابقًا بأنه يرحب بكل الهيئات كأفراد، وليس كمنصات سياسية، لأنه يعتبر هذه الهياكل السياسية قد فقدت حاضنتها الشعبية.

وخلص عبدو إلى أن الإدارة الجديدة في دمشق مطالبة اليوم بالموازنة ما بين استقلالية القرار الداخلي وما يتمناه الشعب السوري، وما بين الضغوط الجبارة التي تمارس سواء من قبل الأميركيين أو الأوروبيين.

تابع القراءة

المصادر

التلفزيون العربي
تغطية خاصة