الأحد 14 أبريل / أبريل 2024

مشروع الدستور الجديد يبصر النور.. أي صورة يرسمها قيس سعيّد عبره لتونس؟

مشروع الدستور الجديد يبصر النور.. أي صورة يرسمها قيس سعيّد عبره لتونس؟

Changed

"للخبر بقية" يناقش مشروع الدستور التونسي الجديد الذي أبصر النور أخيرًا (الصورة: رويترز)
أبصر مشروع الدستور الجديد في تونس النور، غير أن قطاعًا واسعًا من النخب التونسية يراه دستور الرئيس، بعدما منح سعيّد نفسه صلاحيات شبه مطلقة.

يضع مشروع الدستور الجديد الرئيس التونسي قيس سعيد على طريق يواصل المضي فيه منذ نحو سنة عندما استولى على جميع السلطات في البلاد. وقد دعت أحزاب المعارضة إلى مقاطعة الاستفتاء المزمع تنظيمه بعد أقل من شهر.

مشروع الدستور أبصر النور أخيرًا، ونُشر نصه على الموقع الإلكتروني للجريدة الرسمية من دون خطاب أو حتى حفل رئاسي. 

لكن قطاعًا واسعًا من النخب التونسية يراه دستور الرئيس، الذي يقول في توطئة نص المشروع الذي سيعرضه على استفتاء شعبي في 25 يوليو/ تموز الجاري، إن التونسيين حققوا صعودًا كبيرًا وغير مسبوق في التاريخ.

وهذه العبارة لطالما كرّرها في خطاباته سعيد، الذي يمنح نفسه صلاحيات رئاسية شبه مطلقة مع تهميش لدور البرلمان، الذي سيقسمه إلى غرفتين.

مجلس نواب محدود الصلاحيات

إلى ذلك، يحظر في نص مشروع الدستور الجديد على القضاة الإضراب، وهم الذين يشنّنون إضرابًا متواصلًا منذ شهر كامل، بسبب عزل الرئيس العشرات منهم.

ولن تجد الأحزاب السياسية دورها التقليدي في مجلس نواب سيكون محدود الصلاحيات، ولا تنال الحكومة الثقة أمامه بل تعيّن وتقال مباشرة من الرئيس، من دون تأثير لأي أحجام سياسية تحت قبة البرلمان.

وإن كانت وكالة النائب في البرلمان قابلة للسحب بموجب نص مشروع الدستور الجديد، فإن مساءلة رئيس الجمهورية أو فرضية عزله غير قائمة.

وسعيّد بدا في نص دستوره المنشور منسجمًا مع أفكاره وتصوراته التي لطالما دافع عنها، وعوّض الحديث عن سلطات تنفيذية وتشريعية وقضائية منفصلة بالحديث عن وظائف لا أكثر. فالسلطة للشعب وحده، وفق تصوره. 

كما عدّل من صياغة الفصل الأول، التي كانت تنص على أن الإسلام دين الدولة، وهي صياغة كانت محل توافق في دستورَي 1959 و2014.

وأضاف الرئيس هذه المرة أن تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة أن تعمل على تحقيق مقاصد الإسلام. 

"يعبر عن انتظارات المواطن التونسي"

تعليقًا على التطورات، يشير رضا لاغة، عضو المكتب السياسي لحركة الشعب التونسية، إلى أن "هناك من يعتبر أن هذا الدستور مناسبة للانزياح عن مكتسبات واستحقاقات مرحلة الانتقال الديمقراطي".

ويقول في حديث إلى "العربي" من تونس: "نحن في حركة الشعب ننظر من زاوية مختلفة، ونعتبر أن هناك تصحيحًا لـ"الزوغان"، الذي حصل على امتداد التوافقات المغشوشة، التي مرت بها الدولة التونسية، وكادت تفرغها من إمكاناتها وهياكلها ومؤسساتها".

ويضيف: "الآن نحن نعتبر أن هذا الدستور المؤلف من 142 فصلًا والمتضمن لعشرة أبواب، يعبر فعلًا عن انتظارات المواطن التونسي، لأنه كرّس في هذه الأبواب جملة من المسائل المصيرية التي تتعلق بوضع سيادة الشعب حيز التطبيق، بالتأكيد على المجلس الأعلى للتربية باعتبار أنها تظل الأداة الأساسية التي نبني من خلالها أجيال المستقبل".

كما يشير إلى التنصيص على أن الدولة التونسية جزء من المغرب العربي، قائلًا إن ذلك يتنزل في سياق مسؤولية الدولة التونسية أن تعزز كل السبل لإمكانية وجود فضاء جيوبوليتيكي جديد في المنطقة المغاربية.

ويلفت إلى مسألة التأكيد لأول مرة على أن تونس جزء من الأمة العربية. 

"متمسكون بدستور العام 2014"

بدوره، يؤكد جوهر بن مبارك، القيادي في جبهة الخلاص الوطني التونسية، "التمسك بدستور العام 2014، الذي نعتبره دستور الثورة، والدستور الشرعي للبلاد".

ويشير في حديثه إلى "العربي" من تونس، إلى أن كل ما يقوم به سعيد منذ 25 يوليو 2021 هو حلقات من سلسلة انقلابية.

ويلفت إلى "أننا نؤكد من خلال هذا الدستور ما ذهبنا إليه منذ البداية؛ وهو أن قيس سعيد نيته الوحيدة ليست إصلاح الوضع المتردي الذي كان على امتداد عشرية الانتقال الديمقراطي وتلافي بعض الأخطاء التي وقعت فيها، وإنما غايته الوحيدة هي الهيمنة والسيطرة على السلطة".

ويذكر بأن سعيد كان قد هيمن وسيطر على السلطة بوضع دبابتين أمام البرلمان وإغلاق المؤسسات وتفكيك المنظومة الدستورية ومؤسسات الدولة والاستحواذ على كل السلطات، لافتًا إلى أن الرئيس "الآن وبمقتضى الدستور يريد أن يفعل الشيء نفسه".

ويوضح أن سعيد يضع الشعب التونسي أمام وضعية ابتزاز؛ مفادها إما أن أستبد بكم بمقتضى الأمر 117، أو أن أستبد بكم بمقتضى نص دستوري تصادقون عليه بأنفسكم.

"مشروع لدسترة حكم الشخص الواحد"

من جهته، يرى سعيد بنعربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين، أن ما عُرض على الشعب التونسي بالأمس هو مشروع لدسترة حكم الشخص الواحد، ومشروع لنسف مبدأ فصل السلطات. 

ويقول في حديث إلى "العربي" من بيروت، إن "هذا المشروع ربما يكون الوحيد في الدساتير التي اشتغلنا عليها في المنطقة وغيرها، يتحدث عن السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية كوظائف وليس كسلطات".

ويذكر بأن فصل السلطات هو جوهر سيادة القانون، وجوهر أي نظام دستوري قائم على أساس سيادة القانون وعلى حقوق الإنسان، فيردف بأن ما عُرض على الشعب التونسي ينسف هذه المبادئ، ويكرس حكم الشخص الواحد في ما يتعلق بسلطاته شبه المطلقة في المجالين التشريعي والتنفيذي، وفي تقويض أي رقابة أو أي سلطات أخرى يمكن أن تحد من سلطات الرئيس.

ويبيّن أن الرئيس يعطي لنفسه الحق في حل البرلمان أو تغيير الحكومة والوزراء من دون أي شروط، وفي الوقت نفسه لا يوفر للبرلمان ولا للمحكمة الدستورية أو أي جهة أخرى أي مجال لمحاكمة هذا الرئيس ولضمان أن يتصرف بإطار الحدود الدستورية.

وفيما يلفت إلى أن دستور العام 2014 يوفر إمكانية عزل الرئيس في حالة الانتهاكات الجسيمة للدستور، يشير إلى أنه تم إزالة هذه الآلية كلها.

المصادر:
العربي

شارك القصة

تابع القراءة