يُعدّ قطاع النفايات ثالث أكبر مصدر لانبعاثات الميثان البشرية المنشأ في جميع أنحاء العالم، حيث يمثّل حوالي 20% من إجمالي الانبعاثات، في حين أن حوالي 60% من النفايات في مجتمعات القارة الجنوبية هي عضوية.
وفي هذا الإطار، أوضح "التحالف العالمي لبدائل المحارق" أن منع النفايات من الوصول إلى مدافن النفايات، أو المحارق، أو إلى البيئة هو حل مناخي مثبت وميسور التكلفة.
وتدعم المنظمة البيئية الدولية، التي تدعو إلى الحد من النفايات، أعضاءها، بما في ذلك جامعو النفايات في جميع أنحاء العالم، الذين يعملون مع المسؤولين الحكوميين لإنشاء أنظمة لفصل وجمع النفايات العضوية وإنشاء مرافق لسمادها.
وتُنتج مدينة مالبون الفيليبينية وحدها، 130 طنًا من النفايات يوميًا، بينما يبلغ عدد سكانها 380 ألف نسمة.
مصدر عيش للملايين
ويكسب الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم عيشهم من خلال جمع النفايات وفرزها وإعادة تدويرها وبيعها مثل المواد البلاستيكية والورق والنحاس والصلب.
وأوضحت كايت سيغل، مديرة قطاع النفايات في فريق "منع تلوّث الميثان" في منظمة "الهواء النظيف" البيئية غير الربحية، لوكالة "اسوشييتد برس"، أن العالم يحتاج إلى أنظمة أفضل للتعامل مع النفايات، لأن الطرق الحالية تساهم في تغيّر المناخ، مضيفة أن تحويل المواد العضوية ومعالجتها هما "بالتأكيد" طريقة مهمة لتقليل انبعاثات غاز الميثان.
وقالت سيغل: "لقد رأينا أن هذه الحلول تحدث فرقًا في البلدان حول العالم. فنحن جميعًا ننتج نفايات عضوية في حياتنا اليومية. وهذا شيء يمكننا التعامل معه، من أجل إبطاء وتيرة تغيّر المناخ".
وتحظى هذه الاستراتيجية باهتمام أكبر الآن، لأن التعهّد العالمي بشأن تخفيف الميثان، دفع البلدان إلى إلقاء نظرة فاحصة على مصادر الميثان لديها. ووافقت أكثر من 100 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، على خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30% بحلول عام 2030.
بصفتها عضوًا في التحالف العالمي لبدائل الحرق، تحاول مؤسسة "الأرض الأم" ( Mother Earth Foundation) في الفيليبين، منع إرسال نفايات الطعام إلى مدافن النفايات، حيث ينبعث منها غاز الميثان أثناء تحلّلها وتعفنها.
وفي منشأة لإعادة تدوير المواد في مالابون، يتم تحويل النفايات العضوية التي يتم جمعها من المنازل إلى سماد، ويتمّ استخدامه في حديقة لزراعة الخضروات. كما يتمّ إرسال بعض نفايات الطعام إلى جهاز تحلّل حيوي، يفكّك نفايات الطعام ويحوّلها إلى غاز حيوي يستخدم بعد ذلك لطهي الخضروات التي يأكلها عمال النفايات.
وقال فرويلان غريت، المدير التنفيذي لشركة "GAIA Asia Pacific"، لوكالة "اسوشييتد برس"، إن هذه العملية عبارة عن "دورة كاملة"، مضيفًا أن كل عامل لديه مسار عمل يشمل نحو 200 أسرة.
لكنّه في الوقت نفسه، يوضح أن هناك تحديات في إنشاء هذه الأنظمة في أماكن جديدة. فإنشاء مرفق للتسميد يكلف أموالًا باهظة، ناهيك عن ضرورة توعية السكان والمسؤولين المحليين بأهمية فصل النفايات، وتوفير حاويات للأسر التي لا تستطيع تحمل كلفة أكثر من واحدة، وفي بعض الأحيان قد لا يكون ذلك مجرد أولوية.
فعلى عكس المواد القابلة لإعادة التدوير والمعادن، لا يوجد سوق كبير للمواد العضوية، لذلك يجب أن يحصل عمال النفايات على أجر مقابل الخدمة التي يقدّمونها.
ورغم هذه التحديات، يبدي غريت ثقته بإمكانية التغلّب عليها. وقال إن المزيد من الناس يربطون بين الحد من الميثان ومعالجة تغير المناخ، لذلك هناك اهتمام أكبر من المدن والمجموعات الخيرية التي يمكن أن تساعد في تكاليف بدء التشغيل.
وأضاف أن المدن تشهد فوائد الإدارة السليمة للنفايات، لأنها تقلل من الحشرات المسببة للأمراض، وتساعد على ضمان مياه شرب أنظف، وتوفر لعمال النفايات سبل عيش مستدامة، كما تساعد كوكب الأرض.
وشرح المتخصص في علاج النفايات والطاقة المتجددة الدكتور جان أشقر، في حديث سابق إلى "العربي"، أن إدارة النفايات بشكل سليم قد تكون حلًا للعديد من العقبات التي تواجه برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، كونها قد تساهم في إنهاء الجوع، وتأمين فرص عمل جديدة، و الحد من التلوث، وتأمين مياه سليمة.
في الفلبين، تدفع المدن لعمال النفايات الأموال التي يوفرونها من تكلفة إرسال حمولات الشاحنات إلى مكبات النفايات.
من جهته، قال فيكتور هوغو أرجنتينو دي مورايس فييرا، وهو مستشار وباحث في معهد بوليس" في البرازيل، لوكالة "اسوشييتد برس"، إنه منذ تولي الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي، بدأت الاهتمام في البرازيل، وهي واحدة من أكبر خمسة مصادر لانبعاثات غاز الميثان في العالم، بدعم جامعي النفايات، والاستثمار في إعادة تدوير النفايات ومكافحة تغير المناخ.
ومنذ سنوات تضمّ مدينة باهيا البرازيلية موقعًا كبيرًا للتسميد، كما طوّر جامعو النفايات هناك نظامًا بأنفسهم لجمع النفايات العضوية من الفنادق والمطاعم.
أمّا في جنوب إفريقيا، فليس من الشائع فصل النفايات العضوية. ولكن على مدار العامين الماضيين، تم اختبار هذه الاستراتيجية في سوق كبير في مدينة ديربان الساحلية، يقصده حوالي 400 ألف شخص يوميًا.
وفي هذا الإطار، قال نيفن ريدي، المنسق الإقليمي الإفريقي لـ"GAIA"، لوكالة "اسوشييتد برس": "يمكن أن يغيّر ذلك قواعد اللعبة بالنسبة للقارة. يمكن اختبار هذه الاستراتيجية، وإذا نجحت في إفريقيا في مكان واحد، فمن المحتمل أن تنتقل إلى مكان آخر".